لمح رئيس الحكومة خلال الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين إلى قرب اتخاذ إجراءات صارمة، لمواجهة الإجهاد المائي الذي تتعرض له ثرواتنا المائية، في ظل خمس سنوات متتالية من الجفاف.
والحقيقة أن كل المؤشرات تؤكد وجود عجز كبير على مستوى الموارد المائية المغربية، ومن ثم تواجه الدولة عددا من التحديات التي تزيد من خطورة ملف الأمن المائي لبلدنا، وتستلزم من صُناع القرار وضع سياسات عمومية عاجلة، دون تضخم في الخطاب والوعود، بما يحول دون تزايد نسبة الفقر المائي، والوصول إلى معدلات أكثر انخفاضا من المعدلات الحالية.
لقد أصبحت تشكل تعبئة الموارد المائية في السنوات القليلة الماضية هاجس دولة وليس حكومة، قضية وجود وليس ورشا عابرا، وهذا الخطر الداهم يتطلب أولا الانتهاء من وصف الواقع والتخويف منه، إلى اتخاذ قرارات ملموسة والقيام بتحرك جاد ومواجهة فعالة لملف الأمن المائي للمغاربة.
السلطات العمومية تعرف جيدا ما ينبغي القيام به لوقف النزيف المائي، فهي تعرف ما تستنزفه بعض المنتوجات الفلاحية من كميات هائلة من المياه الجوفية، لكي يسمن البعض حساباته البنكية، السلطات تعرف أن المئات من الجماعات لا تتوفر على محطات معالجة المياه العادمة، فتخصص الماء الصالح للشرب لسقي المناطق الخضراء، السلطات تتوفر على كل المعطيات المتعلقة بحفر عشرات الآلاف من الآبار بشكل عشوائي وخارج القانون، دون أي رد فعل قانوني.
ما تحتاجه السلطات هو القليل من الجرأة والشجاعة لاتخاذ قرارات ضد من يعبث بالأمن المائي للمغاربة، وليس إخبار المغاربة بأنهم مقبلون على أيام عجاف.
وفي الواقع، فإن معالجة التحدي المالي والنفقات المطلوبة لتنفيذ المشروعات المائية تمثلان في حد ذاتهما مشكلتين كبيرتين لبلدنا، بالنظر إلى الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة، ومحدودية الموارد المتوفرة مع كثرة الأوراش المفتوحة. وعلى الرغم من أن المشروعات المائية تتطلب تكاليف عالية جدا ليس بالمقدور توفيرها في الظروف الحالية، فإن السلطات لا تتوفر على خيار غير توقيف كل المشاريع، من أجل ضمان الأمن المائي للمغاربة، مهما كانت الكلفة.