شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

أوضاع تعاضدية التربية الوطنية تزداد سوءا والمستخدمون تحت رحمة رموز النقابة

تعويضات ريعية للمقربين وقرارات تأديبية في حق «مشكوكي الولاء»

نافذة: غياب التناسب كليا بين الأجور وحجم المهام المنجزة من طرف بعض المستخدمين أي عدم تناسب الأجر مع المردودية

مقالات ذات صلة

 

يبدو أن حال التعاضدية العامة للتربية الوطنية لن يعرف طريقا إلى الإصلاح الحقيقي، على الأقل في الأفق المنظور. إصلاح يبدأ باعتماد نموذج حديث وفعال للحكامة إسهاما بشكل نوعي في المجهود الوطني حول الحماية الاجتماعية، ويخلص إلى تجويد مختلف الخدمات التي تدخل في اختصاص هذا المرفق العمومي. حينما نتكلم عن الحكامة، فذلك يشمل مختلف جوانب التدبير. في هذا العدد سنتطرق إلى مظهر متعلق بالموارد البشرية، على أن نتابع باقي المظاهر والجوانب في أعداد لاحقة.

 

اختلالات تدبير الموارد البشرية

بالنسبة للموارد البشرية، يبلغ عدد المستخدمين بالتعاضدية حوالي 630 من المستخدمين والأطر الإدارية والطبية في القطاعين التعاضدي والاجتماعي. يكلف هذا العدد شهريا كتلة للأجور تفوق خمسة ملايين درهم، دون احتساب المتأخرات من الترقيات ومن المنح التي أصبح المستخدمون يمنون النفس بالحصول عليها بأثر رجعي إعمالا للنظام الأساسي المصادق عليه سنة 2019، مع عدم تقليص المدة المستحقة إلى النصف.

لفهم هذا الرقم الضخم، الذي يقتطع شهريا من أجور المنخرطين والمنخرطات، يكفي أن نبسط مثال الأجر الشهري لمدير التعاضدية القريب جدا من أجر رئيس الحكومة ويتجاوز بكثير مبلغ مديرين عامين بمؤسسات إنتاجية كبيرة. كما يتم بشكل شهري توقيع أذونات بصرف أجور ضخمة جدا لما يسمى بالأطر، حسب لغة النظام الأساسي المصادق عليه سنة 2019، وذلك من طرف رئيس التعاضدية، الذي ينص القانون المؤسس للتعاضد على أن عمله يدخل في باب التطوع ويمنعه من تلقي أجر بحكم الصفة القانونية للتعاضدية.

الحديث عن الأجور المصروفة داخل التعاضدية، بغير وجه حق في كثير من الحالات، أصبح حديثا متواترا بين المنخرطين والمنخرطات. مرد ذلك غياب التناسب كليا بين تلك الأجور وحجم المهام المنجزة من طرف بعض المستخدمين، أي عدم تناسب الأجر مع المردودية. بالنسبة للمنخرط، المردودية تتجلى في ظروف الاستقبال بكل أشكاله، وفي إجراءات معالجة مختلف الملفات والمدة الزمنية التي تنجز فيها. فهل يعقل أن تجد مرفقا عموميا، في القرن 21، ليست له مصلحة تعنى بالاستقبال والرد على مكالمات ومراسلات المنخرطين والمنخرطات الواردة عبر البريد العادي أو البريد الإلكتروني، الذي لم يدخل بعد كشكل من أشكال التواصل داخل هذا المرفق. هذا الوضع يعرفه المقر المركزي كما تعرفه المقرات الجهوية.

 

العقاب لكل المشكوك في ولائه لـ«الزعيم»

من غرائب التعاضدية، حسب ما أفاد به الجريدة بعض المنخرطين، أنه على إثر اتصالهم بالرقم الوحيد بالمقر المركزي للاستفسار على أمر يخصهم بعد تعذر الحصول على إفادة جهويا، يتعرضون أحيانا للاستنطاق بدءا بضرورة التصريح بمن أوزع لهم بالاتصال، وأحيانا للتوبيخ على فعل الاتصال مع تعليل ذلك بأنه لا يحق للمنخرط أن يتصل بالإدارة مركزيا. أما على المستوى الجهوي، فالتداخل في مهام التسيير إلى حدود التضارب بين الكتاب الجهويين والمسؤولين عن التمثيليات الجهوية، يحرم المنخرطين من الاستفادة من خدمات الهاتف لأنه موضوع رهن إشارة الكاتب الجهوي الذي لا وجود لما يلزمه بالمداومة بمقر التعاضدية. إضافة إلى ذلك، ما الذي يجعله مسؤولا عن تلقي مكالمات المنخرطين ومتابعتها؟ إنه اختصاص لجهاز التسيير بالتعاضدية.

في هذا لنا مثال بسيط للعقلية التي لا زالت ترزح تحت وطأتها التعاضدية. عقلية لم تستطع إلى حدود اللحظة الارتقاء بالخدمات التواصلية للتعاضدية. إذ في زمن التطور الهائل لوسائل الاتصال والتواصل، يضطر المنخرط والمنخرطة وذوو الحقوق إلى التنقل لمسافات طويلة بكل ما يكلفهم ذلك من عناء للاستفسار عن أمر يخصهم، في حين يمكنهم الحصول على الرد بكل يسر من خلال مكالمة هاتفية أو بريد إلكتروني كما هو الحال في الصندوق المغربي للتقاعد أو في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو بمؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية، على الرغم من أن مستخدمي هذه المؤسسات لا يتقاضون الأجور نفسها كتلك التي تعتمدها التعاضدية العامة للتربية الوطنية. وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى أن هذا السخاء يمتد إلى كم هائل من العرضيين (occasionnels) الذين تم استقدامهم من هنا وهناك بأجور مرتفعة جدا ولا يعلم أحد سبب وجودهم ولا مهامهم أو القيمة المضافة التي تبرر وجودهم بالتعاضدية.

إن التداخل في التسيير الذي تعرفه بعض الممثليات الجهوية المشار إليه أعلاه، ليس إلا إسقاط للحرب المكشوفة مركزيا بين الجهاز الإداري الذي من الناحية الصورية يشرف عليه مدير التعاضدية، صاحب الأجر الضخم، وجهاز يتقمص دور الإدارة وينازع في اختصاصها بكل ما أوتي من وسائل، مستمدا قوته من موقعه النقابي تتزعمه إحدى المستخدمات التي انتقلت بين القطاعين التعاضدي والاجتماعي لأسباب لا يسعف المقال والمقام لبسطها، والتي كانت وراء إنزالها للعمل بالطابق الأرضي بمقر التعاضدية.

بعض مندوبي التعاضدية والمتتبعين للشأن التعاضدي يطرحون السؤال: من يصدر قرارات تدبير العمل داخل التعاضدية؟ أمثلة كثيرة من هنا وهناك، تؤكد أن القرارات تؤخذ في الطابق الأرضي لمقر التعاضدية بزنقة حلب بالدار البيضاء ولا تقوم بعد ذلك الإدارة الصورية بالطابق العلوي إلا بالتوقيع. حالات عديدة من عدم الانضباط والالتزام بقوانين العمل وأخلاقيات المهنة التي وقفت عليها الإدارة، لكنها لم تستطع اتخاذ أي إجراء لأن الجهاز الإداري الموازي ارتأى غير ذلك. بل إنها في حالات كثيرة تراجعت عما اتخذته من قرارات التأديب.

مستوى الضعف الذي تعرفه الإدارة مركزيا، وصل إلى حد عجزها عن تحديد وقت العمل المنتظم ببعض الفروع ومركزيا، بل إنها لم تفلح حتى في تزكية مشاريع الهيكلة الوظيفية المقترحة من طرف بعض الفروع الجهوية لتتحدد المهام بشكل واضح.

لكن يبقى أقوى مظهر من مظاهر العبث، هو ما وقع أخيرا بالفرع الجهوي بالقنيطرة بعد إحالة أحد الأطر الكفؤة والمقتدرة على التقاعد، والذي كان يشرف على مصلحة الانخراطات وملفات منح الوفاة والتقاعد. حيث تم إسناد هذه المهمة، بشكل ريعي، إلى أحد المستخدمين الذي سبق تنقيله كإجراء تأديبي من الفرع في عهد الرئيس السابق للتعاضدية، بعد المؤاخذات التي وقفت عليها في وقتها لجنة مركزية بناء على تقارير بعض المندوبين في تلك الفترة في إطار التفاعل مع شكايات كثيرة للمنخرطين.

يأتي هذا التعيين دون اعتبار لحساسية هذه المصلحة وجسامة اختصاصاتها والمواصفات التي ينبغي أن يتصف بها المسؤول عنها ومن بينها حسن التواصل والمواظبة، وهي كلها أمور تعلم الإدارة المركزية علم اليقين أنها تنتفي في قرارها الذي جاء صادما للمندوبين أولا، حسب ما أكده للجريدة أحدهم، ولعموم المنخرطين الذين رأوا في التعيين شلا لمصلحة الانخراطات وتعطيلا لمصالحهم. مصدر الصدمة عند المندوبين متعدد. أولا في إخلال رئيس التعاضدية بالوعد الذي قدمه لهم بتعيين الأنسب في هذا المنصب، ثانيا في ما يعلمه الخاص والعام عن أداء الشخص الذي كان يشتغل في عيادة الأسنان التابعة للتعاضدية، ثالثا في القادم من ارتدادات هذا القرار غير المحسوب تماما والذي يبرز استهتارا تاما بمصالح المنخرطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى