حسن البصري
متى بدأت علاقتك بـ«الطاس»؟
كنت أبكي كلما انهزم فريق الاتحاد البيضاوي، علما أن الدار البيضاء كانت تضم أربعة فرق تمارس في القسم الأول، وهي: الرجاء والوداد، والاتحاد ونجم الشباب. الاتحاد البيضاوي في القلب، هو جزء من الذاكرة الفنية للحي المحمدي، غلى غرار «الغيوان» و«تكادة»، و«السهام» و«مسرح الحي» وغيرها من معالم الدرب. كنت أسافر مع جماهير الفريق إلى مدن عديدة وأفرح لانتصاراته وأبكي لخسارته. أذكر أنني سافرت مع الجمهور إلى مراكش حين واجه الكوكب المراكشي في التسعينات، وخسر فريقنا وفي رحلة العودة أجبرونا على أداء تذكرة القطار ونحن لا نملك إلا دراهم قليلة. قادنا البوليس إلى محطة القطار فوجدنا أنفسنا أمام الشباك لا خيار لنا سوى الأداء فأدينا تذاكر لسيدي بوعثمان ووجدنا أنفسنا في سيدي عثمان.
حضرت مباراة نهائي كأس العرش في وجدة التي جمعت «الطاس» وحسنية أكادير، هل الوفاء لفريق «كريان سنطرال» لازال ساكنا في الوجدان؟
كنت أتنقل مع جماهير الاتحاد البيضاوي وأتابع الفريق خارج الحي المحمدي، أفرح لانتصاراته وأحزن لخسارته. كنت من المعجبين بنجوم هذا النادي الذي كان يلقب بـ«ريال المغرب»، ليس فقط بسبب القميص الأبيض، بل، أيضا، بالنظر للمواهب التي كان يتوفر عليها.
بالنسبة لمباراة نهائي كأس العرش التي جرت أطوارها بمدينة وجدة، بين الاتحاد البيضاوي وحسنية أكادير، فقد شاركت فيها مشجعا وانتقلت إلى عاصمة الشرق. وبالمناسبة أشكر عامل بركان حبوها، الذي كان عاملا على البرنوصي ويعرف «الطاس». لم أخلف الموعد وكنت ضمن لائحة الفنانين المغاربة الذين اختاروا السفر إلى وجدة، من أجل تشجيع فريق الاتحاد البيضاوي في مباراته أمام حسنية أكادير التي انتهت بفوز «الطاس». لم أكن الوحيد ففعاليات الحي المحمدي، من رجال الفن والفكر، والرياضة والسياسة، كانت حاضرة، ما يؤكد الحضور النوعي لتشجيع النادي العريق الذي يملك جمهورا غفيرا رغم غيابه لسنوات عن الأضواء. بالمقابل استقبلت مدينة وجدة جماهير غفيرة من أنصار الفريق السوسي، وهناك التقيت ببعض قدماء لاعبي الحسنية وتحدثنا عن المباراة، كل كان يتمنى الظفر بالكأس والحمد لله كانت من نصيب «الطاس».
بعيدا عن الرياضة، لماذا توقفت سلسلة «الموسطاش»؟
“الموسطاش” شخصية استنبطتها من الفقيه بن صالح، من خلال سلوكات رجل حديث العهد بالوجاهة والانتخابات البرلمانية، حيث كنت أجسد شخصية بدوي اقتحم عالم السياسة بدون خبرة أو مرجعية سياسية، وأقدم رسائل لمن يهمه الأمر حول شروط الظفر بمقعد في الانتخابات وكيف يغير هاتفه ومسكنه وزوجته وأسلوب حياته حين يصبح في خانة الوجاهة السياسية. وهنا لابد من توجيه الشكر إلى المخرج الصديق رشيد بوتونس، الذي بفضل تدخلاته ولمساته نجحت السلسلة، لكنها لم تستمر لأسباب يضيق المجال للحديث عنها.
كيف؟
حتى تخوض في المجال السياسي يجب أن تكون على قدر كبير من اليقظة، لأنك، أحيانا، تجد نفسك تسخر من العمل السياسي وهذا ليس ما نصبو إليه. الحمد لله كان إلى جانبي مخرج يقظ، لأننا لا نريد ضرب ممثلي الأمة والسخرية منهم. لهذا لم تستمر السلسلة، ولكنها لقيت تجاوبا كبيرا من السياسيين أنفسهم.
كيف انتقلت من السياسي إلى البدوي الساذج من خلال تجسيد شخصية بونوارة؟
يمكن القول إن شخصية بونوارة نقيض الموسطاش، لأنه يملك حمولة مجتمعية وينزل إلى قعر المجتمع، وغالبا ما يجسد البساطة في أبهى تجلياتها، ذاك الإنسان الذي يتعامل بعفوية حد السذاجة. لهذا لامست مواضيع حلقات «غرايب بونوارة» السلوكات الفردية وما يعتريها من تناقضات نعيشها يوميا وقد نفطن إليها أو لا نفطن.
هناك جانب آخر في شخصيتك لا يعلمه كثير من الناس، عاطر الخطاط..
أنا لست خطاطا أنا خطاء، كما أقول لزملائي الخطاطين كلما التقيت بهم في إطار جمعية الخطاطين المغاربة الذين أنتمي إلى هيئتهم كعضو شرفي، وهي الهيئة التي يرأسها زميلي وصديقي محمد أمزيل. أثمن جهودهم للحفاظ على هذا الفن الإبداعي بالرغم من غزو الرقمنة. بالنسبة لي كنت خطاطا بالفطرة منذ الابتدائي بمدرسة أبي بكر الصديق في الحي نفسه، وزاد هوسي بالخط حين التحقت بثانوية الرائد إدريس الحارثي، وكما أشرت في السابق فقد كنت أخط الجداريات وأكتب الحكم في مرافق المؤسسة التعليمية، وحين ولجت كلية الآداب والعلوم الإنسانية سيدي عثمان بنمسيك، ظل الخط العربي يسكنني، وكان موضوعا لأطروحتي حول «التحسينات التي أدخلت على الخط العربي»، هذا طبعا دون أن أنفي أن الخط كان مصدرا من مصادر رزقي حين كنت أكتب أسماء المحلات التجارية بخط جميل.
هل اشتغلت خطاطا في التلفزيون المغربي؟
كان مصطفى الصلاي يشتغل خطاطا في التلفزيون وكنت متعاونا مع شركات الإنتاج المتعاقدة مع التلفزة المغربية، حيث كنت أكتب «الجنيريك» بين الفينة والأخرى، وبعض الأمور التي تتطلب الخط، الفضل في ذلك يرجع للسيد أحمد كليكم، مدير محطة عين الشق الجهوية، وهو من خيرة الناس الذين ساعدوني في بدايتي، إلى جانب إخوان غادرونا إلى دار البقاء. نسجت علاقات مع إذاعة عين الشق التي دخلتها خطاطا تتراقص أمامي صورة قرماد، لكن سرعان ما أغلقت المحبرة وعلقت القلم، لأركب صهوة الكوميديا التلفزيونية من خلال سلسلة «زايد ناقص»، في تجربة حملتني إلى التلفزيون معززا برصيد ثقافي جد محترم. بين هذا وذاك كدت أصبح مصححا لغويا في إحدى الصحف اليومية، لكني صححت مساري في آخر لحظة واكتفيت بكتابة شبكة الكلمات المسهمة، بفضل صديقي الشريف الإدريسي، علما أنني كنت مدمنا على الشبكة والكلمات المتقاطعة منذ شبابي مع الدكتور عبد القادر وساط، الشاعر والمترجم والرسام والطبيب، وهو واحد ممن أعتز بصداقاتهم.
ما الشخصية البدوية التي انتزعت منك الضحك؟
شخصيات عديدة، لكن الشخصية التي لازالت حاضرة في ذهني هي شخصية لخشم «واحد النمرة» حقيقي. مرة سألته لماذا أنت غاضب؟ فرد علي بأنه حزين لشخص مات في الدوار، ثم أضاف: حزين أنا لأنه لم يسبق له أن توفي. هناك أسماء أخرى، على غرار الجموحي من العونات. صدقني لكل منطقة روادها في الفكاهة الطبيعية التي لا تحتاج إلى نصوص مكتوبة.