شوف تشوف

الرئيسية

أمينة العلوي.. أرملة عبد الكبير الخطيبي التي أنسته زواجه المبكر من سويدية

ولد عبد الكبير الخطيبي في مدينة الجديدة سنة 1938، وتحديدا في حي الصفا المتاخم لشاطئ البحر. كان والده فقيها مقربا من أبي شعيب الدكالي، ولأنه ولد يوم عيد أضحى فقد اختار له والده اسم عبد الكبير، وأصر على أن يجعل منه عالما كما كان يردد في تجمعاته الدينية.
كان الوالد شديد التنقل بين المدن، لذا عرف المسار التعليمي لعبد الكبير محطات عديدة في مدارس الجديدة والصويرة، ومراكش والرباط، قبل أن يلتحق بجامعة «السوربون» في باريس وينال شهادة الدكتوراه سنة 1969، بأطروحته «الرواية المغربية».
على امتداد مشواره الفكري، ظلت مدينة الجديدة حاضرة في وجدان الخطيبي، خاصة حي الصفا بها، «كان عبد الكبير الخطيبي مهووسا بها ودائم السؤال عن أحوالها وأحوال أصدقائه بها وأهل حيه»، يقول نجل شقيقه مراد الخطيبي.
أثناء تواجده في العاصمة الفرنسية، تعرف عبد الكبير على الطالبة مونا مارتنسن، التي ستصبح زوجته الأولى، وهي أستاذة جامعية بالسويد، تعرف عليها سنة 1960 في جامعة «السوربون»، ورافقته إلى المغرب حين عين مديرا لمعهد علوم الاجتماع ومسؤولا عن وحدة العلوم الاجتماعية بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط. وكانا يقضيان إجازتهما بين دكالة وستوكهولم، الموطن الأصلي لمونا.
في يوم تأبين الخطيبي أصرت زوجته الأولى على الحضور وإلقاء كلمة مؤثرة جاء فيها: «كان عبد الكبير شخصا حاضر البديهة واجتماعيا. أتذكر بالخصوص لطفه وليونته التي كنت أجدها أيضا في والدته، إخوانه وأخته الوحيدة. إرث عائلي، على ما يبدو، كان إنسانيا إلى أبعد الحدود ومدافعا حقيقيا عن المرأة. كان راويا بارعا، كثير الدعابة حيث يخلق بسهولة الأسباب للضحك والمزاح. كان ملاحظا قويا ويوزع يومه بدقة متناهية بين العمل في الفترة الصباحية والكتابة في فترة ما بعد الزوال، مع الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية وموسيقى الجاز. شغفه بالكتابة ابتدأ منذ صغره كما أذكر أنه حصل على جائزة أحسن قصيدة في بداية الستينات حين كان طالبا جامعيا». لكن تلك العلاقة الزوجية لم يكتب لها الاستمرار، إذ تم اللجوء إلى أبغض الحلال إلى الله وحصل الانفصال سنة 1972.
لا أحد يعرف تفاصيل الخلاف الذي أنهى علاقة الطرفين، فقد كان زواجهما كطلاقهما تلفه طبقات الهدوء، لكن الزوجة السويدية ظلت على الرغم من اشتغالها في إحدى الجامعات بالعاصمة ستوكهولم، حريصة على المشاركة في جميع التظاهرات التي تقام تخليدا لذكرى رحيل الرجل الذي كانت أول من أجبرت قلبه على الخفقان وحولت قساوة الغربة في باريس إلى دفء. لم ينس الخطيبي السويد فأصدر روايته «صيف في ستوكهولم» بطلها الإيطالي ألبيرتو، المخرج الذي صور في السويد فيلما عن الفيلسوف روني ديكارت والملكة كريستين.
بعد أن أنهى دراسته في «السوربون»، عاد الخطيبي إلى المغرب حيث مارس التعليم في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط. وشغل منصب مدير معهد السوسيولوجيا بالرباط، ثم مدير المركز الجامعي للبحث العلمي، وكان عضوا في اتحاد كتاب المغرب، ورئيسا لتحرير «مجلة المغرب الاقتصادية والاجتماعية».
تزوج عبد الكبير من «أمينة العلوي»، التي رافقته في مساره مؤلفا وباحثا جامعيا، وقالت يوم تأبينه: «كان زواجي بالخطيبي حظا جميلا، لكني رغم كل ذلك لم أكن أعي قيمته الحقيقية بالشكل الذي كان ينبغي، إلا بعد رحيل هذا الزوج المثالي، وهذا الكاتب المتواضع والرفيق الرائع. كان الخطيبي شديد التنظيم سواء في حياته المهنية أو الخاصة. وكان خجولا. وهذا ما يفسر ابتعاده عن الأضواء، وتفضيله العمل في صمت».
لا تتردد أمينة في توجيه الشكر إلى الملك محمد السادس، الذي أنقذ أسرة الخطيبي من حيرتها، وقرر التكفل شخصيا بنفقات علاج رجل السوسيولوجيا الأول، في مستشفى الشيخ زايد بالرباط، بل إن الزوجة تثني على الملك الذي أعطى تعليماته السامية بالاحتفاظ بصفة أستاذ جامعي لزوجها مدى الحياة، مع تمتيعه بكافة الامتيازات ذات الصلة بالمنصب.
بعد خمس سنوات على رحيل الخطيبي، دعيت أرملته أمينة العلوي، للبوح وتقديم مساهمتها في كتاب جماعي يسلط الضوء على جوانب من حياة الراحل، يحمل عنوان «ولدت غدا.. تحية لعبد الكبير الخطيبي»، إلى جانب أسماء من حقل الثقافة والفن وأخرى من عائلة الراحل، وهو من إعداد الكاتب المغربي مراد الخطيبي (ابن أخ عبد الكبير الخطيبي). المؤلف يقع في حوالي 170 صفحة، وتضمن موادا متنوعة (شهادات ونصوص وقراءات وحوارات) بالعربية والفرنسية والإنجليزية، ساهم في إنجازها عدد من أفراد العائلة، أمثال سهام الخطيبي، ربيعة الخطيبي، زبيدة الخطيبي، أمينة العلوي (أرملة الراحل)، مونا مارتنسون، (زوجته الأولى). خصص الكاتب لكل منهم مساحة للبوح واستحضار العلاقة الوجدانية مع الراحل عبد الكبير الخطيبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى