شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

أقلية صامتة لا يعرفها أحد..

 

مقالات ذات صلة

 

يونس جنوحي

كان جمع من الصحافيين الصينيين ينتظرون دورهم لكي يلتقوا بأحد أبرز قادة الحزب الصيني الحاكم، على هامش إحدى الدورات البرلمانية.

أحد أولئك الصحافيين الحاضرين، قرر أن يُحرج المسؤول الحكومي، ويطرح عليه سؤالا يتعلق بحقوق الإنسان في المنطقة التي توجد بها أغلبية مُسلمة في «شينجيانغ».

لكن المفاجأة أن هذا المسؤول لم يبد على ملامحه ما يدل على المفاجأة أو الإحراج، بل أجاب بهدوء وقال – نقلا عن وكالات أنباء آسيوية-: «الجميع يعلم أن الإسلام في شينجيانغ يحتاج إلى إضفاء الطابع الصيني، وهذا اتجاه لا مفر منه».

تزامن هذه التصريحات مع شهر رمضان المعظم، لا بد أن يجر غضبا وانتقادات واسعة على مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، خصوصا وأن مفهوم «الطابع الصيني» يبقى غير معروف، ولم يسبق للحكومة الصينية في تاريخها أن أعلنت عن أي مذهب ترغب في تبنيه للاعتراف بحقوق مسلمي الصين وتمكينهم من حرية ممارسة مُعتقدهم.

عملية بحث بسيطة عن موقف الحزب الشيوعي الصيني من حرية التدين، كفيلة لكي تكشف أن هذا الموقف المتطرف لا يتعلق بالإسلام فحسب، بل بكل الأديان بما فيها المسيحية. وقد سبق للمسؤول الحزبي نفسه أن أعلن عن الموقف ذاته، بخصوص حرية ممارسة الأنشطة الدينية المسيحية في الصين.

تزعم جماعات حقوق الإنسان، حسب مقال أوردته صحيفة صينية «NDTV»، في موقعها الرسمي، أن بكين قد أطلقت سنة 2017 حملة أمنية قاسية في إقليم «شينجيانغ»، بعد موجة من الاحتجاجات العرقية العنيفة، وتسببت هذه الحملة في احتجاز أكثر من مليون شخص ينتمون إلى العديد من الأقليات المُسلمة، وأحيلوا على ما يسمى في الصين: «معسكرات إعادة التعليم».

المسؤولون الصينيون في هذا الإقليم، الذي يعرف كثافة سكانية مُسلمة كبيرة، سبق أن أشادوا بالتنمية الاقتصادية التي يعرفها الإقليم، وكذبوا التقارير التي سبق أن أقرتها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تتحدث عن العمل القسري واستغلال الأقليات المسلمة واستعبادهم في المصانع، وممارسة الإبادة الجماعية الثقافية ضدهم.

الصين تحاول الآن تقديم المنطقة على أنها مفتوحة على الاستثمار الأجنبي والسياحة، لكن تصريحات بعض مسؤوليها الحاليين، تكشف أن الأمور هناك ليست على ما يُرام نهائيا.

تتحدث الصين عن تلقي إقليم «شينجيانغ» أزيد من 78 مليار ونصف المليار دولار العام الماضي، عبارة عن تحويلات من الحكومة المركزية، وهو ما يعادل أكثر من 70 في المائة من الإنفاق الحكومي المحلي. بالإضافة إلى 2.6 مليار دولار أخرى تلقاها الإقليم، من مقاطعات أخرى، في إطار المساعدات المالية.

وتبرر الجهات الحكومية حملاتها ضد الأقليات بمكافحة الإرهاب في المنطقة المراد تحويلها إلى قِبلة سياحية. حتى أن كبير البرلمانيين في شينجيانغ سبق أن صرح للصحافة قائلا: «إننا نفذنا حملة صارمة على الإرهاب، وأصدرنا ونفذنا قوانين مكافحة الإرهاب لمكافحة أشكال مختلفة من الإرهاب».

لم يسبق نهائيا أن أثير اسم هذا الإقليم في تقارير أي منظمة تكافح الإرهاب عبر العالم. لا يوجد اسم المنطقة في أي تقرير للولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي ولا لأي منظمة أخرى تُعنى بالاستخبارات أو التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. وحتى الأقليات المسلمة المقيمة في الإقليم لم يسبق أبدا أن رُصد أي اتصال بينها وبين أي تنظيم إرهابي في أي جهة أخرى من العالم، ولم يذكر اسم أي مُسلم صيني في أي لائحة مشتبه فيهم أو مبحوث عنهم.

حتى أن الإجرام في الصين لا يُذكر إلا مقرونا بالعصابات المالية الشهيرة التي تنافس في الصين وأستراليا وأوروبا وتتحكم في ملايير الدولارات من الاقتصاد العالمي. وهؤلاء الإرهابيون الحقيقيون لا يُفكر أحد في مواجهتهم، رغم أنهم يُشكلون تهديدا حقيقيا لمصالح بلادهم، وما زلنا نسمع أخبار انسحاب مستثمرين أجانب من الصين، لأنهم تلقوا تهديدا صريحا من المافيا المحلية التي تنشط في مدن العالم وعواصمه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى