شوف تشوف

ثقافة وفنفسحة الصيف

أفكار ضد التيار :ذاكر نايك.. الإسلام في مواجهة الديانات المشرقية

منع مؤسسة البحوث الإسلامية التي أسسها نايك بذريعة حماية الأمن القومي للهند

ذاكر نايك هو أشهر من نار على علم في صفوف المسلمين. لا تلقى محاضراته قبولا في العالم العربي بسبب هيمنة نماذج معينة من الفقهاء والعلماء، وأغلبهم من المراكز التقليدية المعروفة (الخليج والشام)، لكنه، في المقابل، يعتبر سلطة حقيقية في صفوف مئات الملايين من المسلمين غير العرب، خصوصا في أمريكا وشرق آسيا.

الانتشار الواسع للفكر الشيوعي في صفوف شباب العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، وما صاحب هذا الفكر من نزعات إلحادية، ضمنا انتشارا واسعا لمفكرين يدافعون عن الدين الإسلامي والإعجاز العلمي للنصوص، القرآنية والحديثية، أمثال أحمد ديدات، وعبد المجيد الزنداني وزغلول النجار وغيرهم. لكن خفوت هذا الفكر، إن لم نقل اندحاره، سمح بظهور نماذج من العلماء واسعي الانتشار، والذين يجسدون في عمومهم النموذج السعودي.

في مقابل هذا بدأت إشكالات عرقية ذات جذور دينية تظهر في الدول التي تقطنها أقليات مسلمة في دول شرق آسيا، وهنا ظهر اسم ذاك نايك، الذي اشتهر بمناظراته لمفكرين ورجال دين من مختلف الديانات الأخرى، سواء توحيدية أو مشرقية.

 

الإسلام بعيون غير عربية

ذاكر عبد الكريم نايك، (من مواليد 18 أكتوبر 1965)، داعية إسلامي وواعظ إسلامي هندي ومؤسس ورئيس مؤسسة البحوث الإسلامية، (IRF) ، وهو أيضًا مؤسس قناة «السلام». تم اعتباره «سلطة في مجال مقارنة الأديان»، «ربما أكثر الأيديولوجيين السلفيين نفوذاً في الهند»، «نجم الدعوة التلفازية ومناصر للإسلام الحديث» و«الداعية السلفي الرائد في العالم». على عكس العديد من الدعاة الإسلاميين، فإن محاضراته تكون عامية، باللغة الإنجليزية، وليس اللغة الأردية أو العربية، وعادة ما يرتدي بذلة وربطة عنق.

قبل أن يصبح متحدثًا عامًا، تدرب كطبيب. دعوته محظورة حاليًا في الهند وبنغلاديش، وكندا والمملكة المتحدة وماليزيا بموجب قوانين مكافحة الإرهاب أو الكراهية. تم حظر قناته التلفزيونية Peace TV في الهند، بنغلاديش وسريلانكا، ويتم النظر في حظرها في المملكة المتحدة.

 

في مواجهة الإسلاموفوبيا

عادةً ما يتحدث ذاكر عن مواضيع مثل الإسلام والعلم الحديث، الإسلام والمسيحية، الإسلام والعلمانية، الإسلام والهندوسية، الدعوة الإسلامية والشبهات حول الإسلام. ألقى أكثر من ألف محاضرة، هذه المحاضرات أقيمت في أمريكا وكندا، وبريطانيا وجنوب أفريقيا، والسعودية والإمارات، وماليزيا والفلبين، وسنغافورة وأستراليا واليابان وغيرها. من أشهر مناظراته تلك التي عقدت في 1 أبريل 2000 ضد وليام كامبل في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية، تحت عنوان «القرآن والإنجيل في ضوء العلم».

يقول نايك إن هدفه هو «التركيز على الشباب المسلم المتعلم الذي بدأ يشعر بأن الدين قديم». إنه يعتبر أن من واجب كل مسلم إزالة المفاهيم الخاطئة المتصورة عن الإسلام ومواجهة ما يراه التحيز ضد الإسلام في وسائل الإعلام الغربية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة. قال نايك إنه «على الرغم من الحملة الصارمة المناهضة للإسلام، اعتنق 34000 أمريكي الإسلام من سبتمبر 2001 إلى يوليو 2002». ووفقًا لنايك، الإسلام دين العقل والمنطق، ويحتوي القرآن على 1000 آية متعلقة بالعلم، وهو ما يفسر عدد المتحولين الغربيين. تنشر بعض مقالاته في مجلات مثل «الصوت الإسلامي».

وصف نايك وسائل الإعلام بأنها «الأداة الأكثر أهمية والأكثر خطورة في العالم، والتي تحول الأسود إلى أبيض والشرير إلى بطل». اقترح أنه «يجب أن نستخدم الوسائط نفسها لإزالة المفاهيم الخاطئة والاقتباسات والتفسيرات الخاطئة والتضليل حول الإسلام». ويرى نايك أن القوى الغربية ووسائل الإعلام تلعب استراتيجية الكيل بمكيالين، ويصفون المسلمين بالمتطرفين والأصوليين لتشويه سمعة الإسلام. وقال: «إن أقصى الأضرار التي لحقت بصورة الإسلام اليوم هي من قبل وسائل الإعلام الدولية التي ترمي المفاهيم الخاطئة عليه ليلا ونهارا باستخدام مجموعة من الاستراتيجيات. تستخدم وسائل الإعلام الدولية، سواء كانت مطبوعة أو مسموعة، أو فيديو أو عبر الإنترنت، عددًا من الاستراتيجيات لتشويه الإسلام من خلال التقاط الخراف السوداء للمجتمع المسلم أولاً، ومن ثم تصويرها كما لو أنها الإسلام العادي». وادعى نايك، أيضًا، أن الاستراتيجية «الثالثة والرابعة» من قبل وسائل الإعلام الدولية هي «اختيار كلمة من القرآن أو السنة وتفسيرها بصورة خاطئة» و«تشويه الإسلام بقول شيء لا ينتمي إليه».

 

صورة المسلمين في الآلة الإعلامية الغربية

ينتقد نايك تصوير المسلمين في الأفلام، حيث يقول: «تم إنتاج مئات الأفلام في «هوليود» لتشويه صورة الإسلام لدرجة أن يخاف غير المسلم عندما يسمع مسلماً يقول «الله أكبر»، معتقداً أنه سوف يقتله. إذا أراد أي شخص حقًا معرفة مدى جودة الإسلام، فعليه أن يدرس مصادره الأصلية؛ القرآن الكريم والحديث المجيد بدلاً من النظر إلى أتباعه (المسلمين) كما هو الحال مع سائق السيارة الذي يجب أن يكون السبب وراء تعرضه لحادث هو قيادته المتهورة وليس سيارة مرسيدس الحديثة التي كان يقودها. أفضل مسلم مثالي هو آخر رسول وهو النبي محمد، صلى الله عليه وسلم». كما انتقد وسائل الإعلام «لالتقاطها للمسلمين الذين انتقدوا الإسلام مثل سلمان رشدي، وإعطائهم الجوائز»، قائلاً: «إذا فعل المسلم شيئًا عظيمًا، فقد يعطونه الفضل لكنهم يتجاهلون دينه أو يغيرون اسمه المسلم»، مثل أرسطو الشرق، أفيسينا (Avicenna)، والذي كان اسمه الحقيقي «علي بن سينا».

في محاضرة ألقاها في جامعة غامبيا، أدان ذاكر بشدة الأعمال الوحشية في جميع أنحاء العالم باسم الجهاد، حيث فقد الأبرياء حياتهم، قائلا: «الجهاد يساء فهمه من قبل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء، الجهاد يعني الكفاح من أجل تحسين المجتمع، وأفضل شكل من أشكال الجهاد هو الكفاح ضد غير المسلمين، وذلك باستخدام تعاليم القرآن؛ للرسول صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى، فالإسلام يعني السلام». ووفقًا لما ذكره نايك، فإن قتل أي شخص بريء، سواء كان مسلما أم لا، يحظره الإسلام، بينما يدين المعايير المزدوجة التي، وفقا له، تلعبها القوى ووسائل الإعلام الغربية التي تصف المسلمين بأنهم متطرفون وأصوليون. وقال إنه حتى في الجهاد الإسلامي، هناك قواعد وأنظمة تحدد متى وكيفية قتل شخص، وهو ما اعتبره يتناقض تمامًا مع ما يحدث حاليًا، في جميع أنحاء العالم، من قبل بعض الجماعات التي تدعي أنها تناضل من أجل الجهاد.

في محاضرة أخرى ألقيت في دبي، ذكر نايك أن أكثر الكلمات المترجمة بصورة سيئة والمساء فهمها عن الإسلام من قبل غير المسلمين وحتى بعض المسلمين هي «الجهاد»، وهو، حسب قوله، لا علاقة له بعبارة «الحرب المقدسة». يقول إن «هذا لم يستخدم فعليًا في القرآن أو السنة وكان أول من استخدمه الصليبيون الذين قتلوا الملايين باسم المسيحية. وأضاف أن كلمة «الجهاد» تعني في الواقع الكفاح ضد الميول الشريرة، وجعل المجتمع أفضل والدفاع عن النفس في ساحة المعركة، وضد القمع.

 

المسلمون في شرق آسيا والحوار الصعب

أعلنت الهند مؤخرا التوجه بطلب رسمي للإنتربول الدولي لإصدار مذكرة اعتقال حمراء بحق الداعية الدكتور ذاكر نايك، ومذكرة حمراء تعني أنه هارب دولي من وجه العدالة يتوجب إلقاء القبض عليه في أي مكان وزمان وتسليمه للهند فورًا. واستندت السلطات الهندية في طلبها على مجموعة تهم ظهرت دفعة واحدة وهي غسيل الأموال والكسب غير المشروع عن طريق مؤسسته وقنواته الفضائية، بالإضافة إلى الكلام السابق بوصفه بالإرهاب واتهامه بالتحريض عليه.

سبق ذلك قرار هندي، في منتصف أبريل الماضي، بمنع مؤسسة البحوث الإسلامية التي أسسها نايك من مزاولة أعمالها بذريعة حماية الأمن القومي، ووصفت ذلك الإجراء بأنه مشروع لمنع التشدد الديني من الوصول إلى الناس والتسرب للبلاد.

رد نايك مستنكرًا مطاردة السلطات الهندية له وقال: منذ ثمانية أشهر تطاردني لأنني أكثر الدعاة شهرة ولهذا السبب يودون أن يوقفوا نشاطاتي، وأنا في كل المحاضرات التي ألقيتها هي بنفس النمط ولا تختلف عن المحاضرات التي قدمت في الأشهر الثمانية الماضية، وقال: أنا أمثل الإسلام ولم أؤذ إنسانا قط ولم أتمرد على أحد أو أدع إلى الإرهاب.

الجدل الذي تخلفه محاضرات نايك واكب حملات يتعرض لها المسلمون في دول جنوب شرق آسيا، حيث كشف تقرير لمركز بيو للأبحاث أن الحرية الدينية في العالم تواجه أعلى مستوى من القيود الحكومية منذ أكثر من عقد، وفقا لمجلة «فورين بيولسي ».

وذكر التقرير أنه تم استهداف المسيحيين في 145 دولة حول العالم في عام 2018، بينما يواجه المسلمون مضايقات في 139 دولة. وأشار إلى أنه بينما يواجه المسيحيون قمعًا خطيرًا في كثير من أنحاء العالم، كانت الإجراءات الحكومية ضد المسلمين أكبر من حيث النطاق والحجم، ما أثر على مئات الملايين من الناس.

وأوضح التقرير أنه لا يوجد مجتمع آخر يواجه مستوى عاليا من القمع الحكومي مثل المسلمين، ليس فقط في البلدان التي يمثلون فيها بـ«الأقلية»، مثل الصين والهند، ولكن أيضًا في الأماكن التي يكون فيها الإسلام هو دين الدولة ويتم تطبيق ممارساته بصرامة، حيث نادرا ما تتسامح الحكومات في هذه البلدان مع التفسيرات المخالفة للإسلام.

وأكد التقرير أن الصين لا تهدف إلى ما هو أقل من تدمير الإسلام في مقاطعة شينجيانغ الغربية، حيث يعيش أكثر من 10 ملايين مسلم، وأجبرت السلطات الشيوعية أكثر من مليون مسلم من الأيغور على الالتحاق بأكثر من 1000 معسكر «لإعادة التأهيل».

في ميانمار، ارتكبت الحكومة إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغا، فقد صدرت أوامر لجنود ميانمار «بقتل كل ما تراه»، حيث قتلوا الناس واغتصبت النساء ودمرت القرى، ما أدى إلى فرار حوالي 850 ألف شخص إلى بنغلاديش.

وفي الهند الديمقراطية والتعددية، التي تضم ثالث أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم، أدت سياسات الحكومة البوذية إلى فقدان ملايين المسلمين جنسيتهم، بالإضافة إلى محاولات لإلغاء الحكم الذاتي عن إقليم كشمير.

ولكن، على عكس المسيحيين في البلدان ذات الأغلبية المسيحية، يواجه المسلمون أيضًا قيودًا شديدة على حقوقهم في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، حيث تحرم العديد من الحكومات مواطنيها من حرية استكشاف تفسيرات دينهم أو تغيير دينهم أو طائفتهم، أو اختيار عدم ممارسة الدين على الإطلاق أحيانا على عقوبة الإعدام.

وباستثناء مسلمي الروهينغا، فشل اضطهاد المسلمين بشكل عام في جذب اهتمام رفيع المستوى من الحكومات والمجتمع المدني، لكن، بالنسبة لأزمة مسلمي الإيغور، التزمت منظمة التعاون الإسلامي وأعضاؤها الصمت إزاء اضطهاد الصين للمسلمين خوفا من قوة بكين، حتى أن البعض دعم علنًا إجراءات بكين ضد إخوانهم في الدين في شينجيانغ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى