يعد قطاع الصناعة التقليدية من بين القطاعات المشغلة بامتياز، حيث يبلغ إجمالي عدد العاملين به ما يقارب 2.4 مليون صانعة وصانع، ينشطون في الصناعة التقليدية ذات الحمولة الثقافية (التي تمثل 17 في المائة من اليد العاملة في القطاع بأكمله، أي حوالي 420.000 صانع)، والإنتاجية النفعية (30 في المائة) والخدماتية (53 في المائة) حسب موقع وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
لمياء جباري
لمواكبة جهود الدولة لتثمين قطاع الصناعة التقليدية، انطلقت الأربعاء المنصرم النسخة الثامنة من الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية برئاسة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش.
أسبوع الصانع التقليدي
نظم هذا الحدث من طرف وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ومؤسسة دار الصانع، بحضور فاطمة الزهراء عمور وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني والوزراء نادية فتاح العلوي، يونس السكوري، محسن جازولي وغيثة مزور. وحضر كذلك في هذا الحدث والي جهة الدار البيضاء-سطات ورئيس مجلس الجهة، وعمدة الدار البيضاء، ورؤساء غرف الصناعة التقليدية، ورئيس فدرالية مقاولات الصناعة التقليدية بالإضافة إلى عدد من الشخصيات المغربية والأجنبية. تحت شعار «الصناعة التقليدية، رافعة للتنمية من أجل الاشعاع والحفاظ على التراث المادي واللا مادي»، تهدف النسخة الثامنة من الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية إلى الاحتفاء بمهارات الحرفيين المغاربة وتسليط الضوء على الدور الأساسي للقطاع في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب. ويعتبر «المنتدى الدولي للفنون والحرف»، جزء أساسي من الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية، حيث يمكن من مناقشة أفضل الممارسات لتطوير الصناعة التقليدية، وكذا تعبئة الفاعلين حول ثلاث أولويات: هيكلة القطاع، وتعزيز تنافسية الحرفيين، ونقل المهارات لضمان استمرارية الحرف.ًوقالت فاطمة الزهراء عمور: «يكتسي قطاع الصناعة التقليدية أهمية بالغة في التشغيل، خاصة عند النساء والشباب، مع معدلات إدماج تصل إلى 90 في المائة. ويعد الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية فضاء ملائما لمناقشة سبل تحقيق أهدافنا في تمكين الصناع التقليديين من العمل بالطريقة المطلوبة وفي ظروف ملائمة، للمساهمة بثبات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا».
اتفاقيات لدعم الصناع التقليديين
تم خلال الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية توقيع اتفاقيات من طرف كل من وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومؤسسة دار الصانع، ومجموعة بريد المغرب ومنظمة التجارة العادلة الدولية، تروم تعزيز ودعم الصناع التقليديين.
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى دعم القدرة التنافسية للفاعلين في القطاع. وقد وقع على الاتفاقيتين الأوليين وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني فاطمة الزهراء عمور، والمدير العام لدار الصانع طارق الصادق، والمدير العام لمجموعة بريد المغرب، أمين بنجلون التويمي.
وتهدف الاتفاقية الأولى إلى تحسين الأداء العملياتي للفاعلين في قطاع الصناعة التقليدية الوطنية، من خلال، على الخصوص، النهوض بالصادرات نحو الأسواق الدولية. كما تتعلق أساسا بوضع أسعار تفضيلية لفائدة الفاعلين المغاربة في قطاع الصناعة التقليدية. أما الاتفاقية الثانية، فتتعلق بإصدار سلسلة من الطوابع البريدية، في إطار برامج بريد المغرب لهواة الطوابع ابتداء من سنة 2024، وذلك بهدف تعزيز وتثمين غنى التراث الحرفي المغربي والخبرة الاستثنائية للصناع التقليديين. أما الاتفاقية الثالثة، والتي أبرمت بين وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني ودار الصانع ومنظمة التجارة العادلة الدولية، فتهدف إلى تسهيل عمليات تصدير المنتجات المغربية للصناعة التقليدية. كما شاركت غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في مراسم التوقيع على اتفاقية شراكة تهم تنزيل برامج مواكِبة لمجمعي ومصدري الصناعة التقليدية بهدف مواكبتهم في رقمنة مساراتهم المهنية وتعزيز ودعم الاقتصاد الرقمي في مجال الصناعة التقليدية. وبموجب هذه الاتفاقية، التي وقعتها كل من وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ووكالة التنمية الرقمية ودار الصانع ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، سيتم توفير المعلومات التحسيسية المتعلقة بالرقمنة والتكوين والدعم في مجال تطوير التجارة الإلكترونية، بالإضافة للمواكبة التقنية لمجمعي ومصدري الصناعة التقليدية.
برنامج «الكنوز الحرفية»
في إطار حماية الصناعة التقليدية المغربية، أطلقت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو»، شهر نونبر 2023، النسخة الأولى من برنامج «الكنوز الحرفية المغربية». ويتضمن هذا البرنامج الطموح، الذي يهدف إلى نقل المهارات المتعلقة بحرف الصناعة التقليدية، سلسلة من البرامج التكوينية تستهدف 32 حرفة ذات حمولة ثقافية قوية، من بينها 6 حرف في النسخة الأولى لسنة 2023، وهي الزليج التطواني، وصناعة السروج المطروزة، والبلوزة الوجدية، ونسج الخيام، وصناعة الآلات الموسيقية والطرز السلاوي. ويهدف هذا البرنامج، الذي يعد ثمرة اتفاقية موقعة بتاريخ 28 نونبر 2022 بين الوزارة ومنظمة اليونسكو، إلى الحفاظ على معارف ومهارات حرف الصناعة التقليدية وضمان انتقالها عبر الأجيال. بالإضافة إلى ذلك، يعطي هذا البرنامج صفة «كنوز حرفية مغربية» لحاملي هذه المهارات. وسلطت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، الضوء على العناية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للحفاظ على التراث الثقافي اللامادي، باعتباره رمزا للهوية ووسيلة لنقل وتعزيز القيم. وأكدت عمور، أنه «تطبيقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تواصل الوزارة بذل الجهود اللازمة للحفاظ على هذا التراث اللامادي المرتبط بحرف الصناعة التقليدية». وأشارت إلى أن هذا البرنامج، الذي حقق النتائج المرجوة، يندرج في هذا الإطار، من خلال تحديد عدد من حرف الصناعة التقليدية المهددة بالاندثار. من جانبه، وصف المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو لدى الدول المغاربية، إريك فالت، هذا البرنامج، الأول من نوعه بالمنطقة المغاربية، بالخطوة الهامة من أجل الحفاظ على تراث استثنائي للمغرب، وهو الصناعة التقليدية. وبعدما سلط الضوء على أهمية الصناعة التقليدية في خلق الثروة وفرص الشغل، أبرز فالت أن هذا البرنامج، الممتد على 5 سنوات، يهدف إلى المساهمة في الحفاظ على هذه الحرف، وتعزيز ريادة الأعمال في القطاع ودعم حاملي هذه المهارات لضمان نقلها إلى الأجيال الشابة. وتميز حفل إطلاق هذا البرنامج بتكريم ستة صناع تقليديين تم اختيارهم كـ«كنوز حرفية مغربية» لسنة 2023، والذين تم اختيارهم لمشاركة ونقل معارفهم ومهاراتهم إلى 57 شابا متدربا، والذين سيضطلعون، بدورهم، بدور أساسي في الحفاظ على هذه الحرف وضمان استمراريتها.