شوف تشوف

الافتتاحية

أزمة نخب

نعيش في المغرب أزمة حقيقية تفسّر الكثير من الأعطاب والمشاكل التي تلاحقنا بسبب أزمة النُّخَب الإدارية والسياسية والاقتصادية.
ولا شك أن أي مواطن عادي متتبع لواقع العمل السياسي، سيلاحظ انحدارًا مفزعا للممارسات والسلوكات خلال الفترة الأخيرة إلى مستويات قياسية من الرداءة في الخدمة الإدارية والشعبوية في السياسة والفشل في القرارات العمومية، بشكل يجعلنا بحق أمام غياب تام للنخب المسؤولة الحقيقية التي يمكنها قيادة الإصلاحات المطلوبة والقادرة على القيام بدورها التاريخي، والوقوف سدًّا منيعا في وجه الفراغ السياسي والإداري الذي يهدد نسيج الدولة.
وبدون مبالغة، فإننا أصبحنا أمام كائنات انتهازية داخل الأحزاب والنقابات والإدارة، همها الاساسي هو حماية مصالحها الخاصّة الضيّقة على أن تنشغل بتحقيق المصلحة العامة. فأجزاء واسعة من النخبة السياسية المغربية اليوم تعيش حالة انفصال عن المجتمع، فلم تنجح في تحريك سيارة الإصلاح السياسي أو الإداري أو الاقتصادي ولم تستطع تقديم البدائل القادرة على تحقيق النهوض المجتمعي، مما جعلها تتحول إلى عبء على الدولة والمجتمع بدل أن تكون مصدر حل لمشاكلهما المستعصية.
والمؤكد أن النخبة المغربية في نسختها المشوهة تتحمل الكثير من مسؤولية الفوضى غير الخلاقة التى أساءت للواقع السياسى، وجعلت بعض الوجوه المستهلكة تلعب أدوارا بطولية ومزيفة بعدما وجدت من يمهد لها الطريق ويفتح لها الأبواب مشرعة بدون فائدة تذكر.
لقد كان الملك محمد السادس واضحا في عدد من الخطابات التي انتقد فيها بشكل صريح عددا من الفاعلين العموميين، وعلى رأسهم الأحزاب السياسية، مطالبا بفتح مقراتها وفكرها لتجارب نخب حقيقية قادرة على ضخ دماء جديدة في المشهد السياسي، لأن المغرب تغير وما كان مقبولا في زمان مضى لا وقت له الآن. ولهذا لا بد أن تعود الأحزاب والإدارة والنقابات والجامعات إلى مهنتها ووظيفتها الأصلية وهي صناعة النخب الحقيقية والوطنية. فإنتاج النخب صناعة ثقيلة لأنها مرتبطة بمصير الوطن، وإذا كان الخلل في مؤسسات الصناعة فلا تنتظر أن تظفر بنخب يمكن الرهان عليها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى