ربما يكون أهم ما كشفته جلسة للحوار بين رئيس الحكومة والنقابات، يوم الاثنين الماضي، هو وجود رغبة حقيقية لدى الحكومة لإيجاد حل لأزمة التعليم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم دراسي بدأ يغلب بياضه على كل الألوان. وحتى المطالب التي كانت مرفوضة جملة وتفصيلا، من طرف قطاع التربية والتكوين، أصبحت بعد الجلسة الأولى للوفد الحكومي التزاما حكوميا ستتم الاستجابة له وفق أجندة لا تتعدى شهرا ونصف. لكن اللافت للنظر أن الجهة الأخرى المتمثلة في التنسيقيات سارعت إلى رفض مخرجات الحوار التي كانت تطالب بها ومنها مراجعة النظام الأساسي والزيادة في الأجور وإيقاف الاقتطاع ومعالجة الملفات الفئوية.
إن ما ينبغي أن يفهمه ممثلو الأساتذة أنه لا يمكن العمل بمنطق الآن وهنا، فلا يعقل أن يمدد الإضراب إلى حين تنفيذ كل المطالب، هذا أمر غير واقعي بل يستبطن في طياته نوعا من الابتزاز للمؤسسات. وبالتالي فنحن أمام حكومة طرحت فقط أرضية للخروج من عنق الزجاجة، وهي أرضية قابلة للتجويد والتطوير، وعلى الطرف الآخر ألا يتوقف عند رأي واحد لا يتغير، من دون أن يترك للماء منفذ يمر منه، خاصة أولئك الذين يتبنون آراء تحمل التشاؤم وتتبنى اللغة الشعبوية التي تُشعرهم أنهم على حق والباقي كله باطل.
في مثل هاته الأوضاع، نحن بحاجة كما يقول أحد المفكرين أن نقول ماذا نفعل اليوم، وليس ماذا سيحدث غدا، وهذا يعني أن الحكومة وضعت أرضية للحل وقامت بتنازلات مهمة بسبب اقتناعها بسوء تدبير الملف وعلى الأساتذة أن يردوا التحية بأحسن منها أو على الأقل بمثلها، لأنه ليس من المعقول أن يطالبوا بالحل، ويرفضون قبول أي أرضية للوصول إليه.
الشاهد في كل هذا أن يقوم الأطراف في هاته الأزمة باستغلال الأرضية المقدمة، وبناء جسور ثقة تضاعف من القدرة على إنتاج قرارات تحظى بالقبول، وهذا لن يتم دون أن يقوم الأساتذة بخطوات إيجابية وتعليق إضرابهم المفتوح من أجل الوصول إلى حل والخروج من النفق المظلم الذي دخله المغرب منذ 10 أكتوبر.