شوف تشوف

الرأيالرئيسية

أبو جهل

هل يستطيع رئيس فريق مغربي بيع مباراة عن بعد، خلال فترة تواجده بالديار المقدسة لأداء مناسك العمرة؟ وكيف يمكن لرئيس التفاوض مع معتمر لإقناعه بتفويت نتيجة مباراة برسم بطولة الهواة؟

قد يبدو الأمر سرياليا إلى حد ما، لكن الحقيقة المرة هي أن يعطي رئيس وهو بلباس الإحرام تعليماته من مكة المكرمة للاعبيه بتفويت نتيجة مباراة مقابل منحة تلقاها الفريق المنهزم قبل بدء المباراة.

بدأت أولى خيوط الحكاية حين اقترب موعد مباراة في كرة القدم بين فريق متصدر لبطولة الهواة وفريق في كوكبة المطاردة، بحث الفريق المتصدر عن سبيل للإفلات من مباراة مفخخة، فاختار شراء ذمم اللاعبين، وحين اتصل بالرئيس للتفاوض حول تفويت نتيجة المباراة، قيل له إن الرئيس في عمرة.

كيف تطلب من رئيس بيع مباراة وتفسد عنه اعتماره وهو في لحظة استغفار وشحن لرصيد الحسنات؟

تم التفاوض على هدى من الله، وتقرر تفويت نتيجة المباراة لرئيس فريق دفع منحة للفريق المنهزم؟ هل سمعتم يوما عن منحة الهزيمة وعن إكرامية للفريق المهزوم؟

الغريب في النازلة أن البائع رئيس لإحدى لجن الانضباط في عصبة جهوية، والمشتري كان نائبا لرئيس العصبة، ورئيسا للجنة الروح الرياضية، ويحمل اليوم صفة نائب للعمدة.

يذهب الناس للعمرة لشحن بطارية الحسنات، ويعتمر رؤساء الفرق مرة كل سنة للتخلص من ذنوب الكرة، وفي ابتهالاتهم بحث عن الأجر والثواب والانتصار.

ما أن أنهى رئيس رجاوي سابق جمعه العام، حتى ركب الطائرة متوجها إلى الديار المقدسة لقضاء عمرة العشر الأواخر من رمضان، هناك وضع آخر الرتوشات على محضر المصادقة على تقرير مالي قضى عمره في ردهات المحاكم.

بالأمس تداول الوداديون مقطعا من شريط فيديو لمطوف مغربي خلال طوافه بالمعتمرين في الحرم المكي، وهو يدعو للوداد بالسداد وللرجاء بالشتات، وسط حملة استنكار واسعة وصل صداها إلى أقصى بقاع العالم.

مثل هؤلاء يسيئون لصورة المغرب في تجمع ديني كبير، إنهم يخدشون الشعائر الدينية، ويعلنون أنفسهم أتباعا لأبي لهب وأبي جهل ولحمالة الحطب. بل إن أفعالهم تؤهلهم للجلوس في مرمى رمي الجمرات.

أما أبو جهل الثاني فيجلس على كرسي القرار في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، فبالرغم من المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها فرنسا، اختزل أزمة هذا البلد في صيام اللاعبين المسلمين الممارسين في الدوريات الفرنسية.

ضيع الرجل جهده في صياغة رسالة شديدة اللهجة يتوعد فيها الحكام ويمنعهم من توقيف المباريات ولو ثانية واحدة لتمكين اللاعبين الصائمين من إفطار ولو بثمرة وجرعة ماء.

هذا الاستثناء الفرنسي، لا يمكن مشاهدته في البطولات الرياضية في بريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث يراعي الحكام صيام اللاعبين المسلمين، والسماح بكل روح رياضية بأن يتوقف اللعب لبضع ثوان يشرب فيها الصائمون كأسا من الماء ويأكلون ثمرا أو موزا ويلتقطون أنفاسهم، ثم تعود الكرة للدوران حول نفسها.

من تداعيات قرار فرنسا القاضي بمنع «كسر» الصيام، إعلان العديد من اللاعبين المغاربة والجزائريين والتونسيين والسنغاليين، الذين يشكلون النواة الصلبة للمنتخبات الوطنية الفرنسية، استقالتهم الدولية وإبداء رغبة الانتقال إلى منتخبات بلدانهم الأصلية، حينها وجد «مسيو» أبو جهل نفسه في حيرة من أمره وبحث لنفسه عن مخرج من الورطة بعد أن تعرض لتهديدات من متطرفين.

جاء الرد من الدولي المغربي أمين حارث، لاعب نادي مارسيليا الفرنسي، الذي استغل فترة ابتعاده عن الميادين بسبب الإصابة لتأدية مناسك العمرة، حيث ظهر لاعب المنتخب باللباس الأبيض وهو يوثق لعمرة حملته إلى المسجد النبوي في المدينة المنورة، ويقول لأبي جهل: «لكم دينكم ولي دين».

حسن البصري
 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى