شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

أبطال الدم نجوم تخرجوا من المجازر

ارتبطت شخصية الجزار في أذهاننا بالقوة البدنية حد الشراسة، حيث كانت مهنة الجزارة مرادفا للقوة، خاصة في علاقته بالساطور والسكين ومعاركه الصباحية في المجازر. لذا رصدت السينما المصرية بالخصوص عددا كبيرا من نجوم الفن الذين قدموا مهنة الجزار على الشاشة، منهم من ظهر كشرير، وآخر متغطرس، وثالث طيب. ويبقى الفنان محمد رضا أفضل من قدم شخصية الجزار في فيلم «معبودة الجماهير» للعندليب عبد الحليم حافظ وشادية، كما أتقن الفنان محمود المليجي هذا الدور، خاصة في شقه الشرير.

حسن البصري

وحين حل المخرج المصري محمد السبكي بالمغرب، من أجل تصوير مشاهد من فيلمه «حملة فرعون»، اختار مدينة مراكش لتصوير المشاهد الأولى منه، حيث أعلن لجمهوره خبر تصوير الفيلم السينمائي من خلال نشره مقطع فيديو على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي وهو بأحد محلات الجزارة بمراكش، يقوم بقطع اللحم بطريقة احترافية، استعدادا لتصوير بعض مشاهد فيلمه الجديد. تبين أن محمد السبكي كان يمتهن الجزارة قبل ولوجه عالم الإنتاج.

في المغرب ظل الجزار في منزلة بين الأغنياء والفقراء، ليصنف في فترة زمنية ضمن الطبقة الوسطى، لذا حرص كثير من الجزارين على تمكين أبنائهم من التعلم والدراسة، دون الابتعاد عن فضاء الدم، حيث يقضون جزءا من أوقات فراغهم في ممارسة مهنة الآباء، قبل أن يختاروا سبيلهم بعيدا عن الذبائح.

في الملف الأسبوعي لـ»الأخبار»، نسلط الضوء على مشاهير في عوالم السياسة والفن والرياضة والمال والأعمال، استنشقوا في طفولتهم وشبابهم رائحة الدم في المذابح.

 

الطاهر.. الجزار الصغير الذي تحول إلى برلماني كبير

ينحدر الحاج الطاهر بيمزاغ من مدينة تفراوت، وقد ورث مهنة الجزارة عن أبيه وعمره لا يتجاوز 12 سنة، ويتعلق الأمر بجزارة أكرام. فجأة تحول من جزار إلى مالك لهولدينغ «كتبية» وهي شركات تعمل في مجال تحويل اللحوم، وفي ظرف قصير أضحت شركاته تسيطر على نسبة 75 في المائة من منتوجات اللحوم المحولة، الموجودة في السوق المغربية.

لم يكن للطاهر حظ في الدراسة، وحين تجاوز المراهقة شرع في الإشراف على محلين للجزارة في ملكية والده، في درب بن جدية بالدار البيضاء. بدأت انطلاقته في مجال تحويل اللحوم بشراء وحدة صناعية قديمة للتحويل توجد بالمحمدية، تحمل الاسم نفسه، «كتبية»، وكانت مملوكة لمحمد البلغيثي الخنوسي. معطيات كشفت عنها المجموعة، التي تجوب أزيد من 500 من شاحنات التبريد التابعة لها المغرب يوميا لتوزيع اللحوم المحولة، تشير إلى أن البداية الحقيقية كانت في الفترة الممتدة من 1985 إلى 1995.

وفي 2005، سيؤسس الطاهر شركة جديدة، سماها «ديليس فيوند»، متخصصة في جزارة وتحويل لحوم الدواجن، ثم «كازا فيوند» المتخصصة في اللحوم الحمراء في 2006، وأسس في 2007 شركة أخرى متخصصة في تربية المواشي، قبل أن يدخل عالم العقار، كل هذه المقاولات أصبحت تحت لواء مجموعة «كتبية هولدينغ».

لكن صاحب الشركة الطاهر بيمزاغ، برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، والشخص عصامي، أسس شركة تحويل اللحوم في المحمدية متخصصة في الدجاج والديك الرومي، وشركة أخرى في الدار البيضاء متخصصة في لحم البقر، يعيش حالة اختناق على مستوى تدبير مشاريعه، منذ أن دخل معترك السياسة، حيث تجسد الضيق في إضراب عمال الشركة في مدينة المحمدية البالغ عددهم حوالي 200، بسبب عدم توصلهم بأجورهم منذ ثلاثة أشهر.

 

الشاوي.. حارس المنتخب يجمع بين الكرة والجزارة

يعتبر أحمد بلقرشي المشهور بلقب «الشاوي»، أفضل حارس مرمى في تاريخ الكوكب المراكشي، وكان له عبور في المنتخب الوطني في السبعينيات، كما حرس مرمى الفئات العمرية للمنتخب المغربي ومثله في المحافل العالمية، وحصل على ألقاب شخصية.

برزت مواهب أحمد الشاوي كظاهرة وموهبة في حراسة مرمى كرة القدم منذ طفولته بالمدرسة الابتدائية القنارية»، وبحي «درب ضباشي»، إلى درجة أنه كان يلعب أكثر من مباراة في اليوم مع فرق متعددة أحيانا تكبره سنا، ما سرع نجوميته ليصبح حديث عشاق كرة القدم المراكشية. إلا أن ذلك أثر بالمقابل على مساره الدراسي، حيث كان يتغيب باستمرار عن حصصه الدراسية كلما دعي لمباراة، بعدما يودع محفظته لدى بقال الحي، لينهي دراسته بقسم الملاحظة، المؤهل للإعدادي، سنة 1960، ويتفرغ للكرة المستديرة.

وحسب الكاتب الباحث الحسين زهيد، فإن الشاوي انضم إلى الكوكب المراكشي سنة 1966، ضمن فئة الفتيان، «لم يقض معهم أكثر من موسم، حتى نودي عليه لفئة الشبان، ليتم اختياره حارسا للمنتخب الوطني للشبان والأمل سنة 1969، وفاز مع هذا الأخير بدوري فرنسا سنة 1972».

وأضاف زهيد: «رفض أحمد بلقرشي قبل ذلك اللعب لغير الكوكب، بعد عروض كل من الرجاء والوداد البيضاويين، والجيش الملكي، والمغرب التطواني، وحسنية ورجاء أكادير، وهو تعصب جر على الشاوي غضبة بعض مسيري الرجاء بالخصوص».

يروي رفاق درب الشاوي أنه كان يأتي أحيانا إلى الملعب لإجراء تداريبه وهو يرتدي بذلة الجزارة، ما يدل على جمعه بين مهنة والده والكرة، قبل أن يجد له مسؤولو الكوكب وظيفة في مصرف.

حين اعتزل الشاوي حراسة المرمى، ظل مرتبطا بملاعب كرة القدم كمؤطر حراس مرمى الفئات الشابة للكوكب المراكشي، وهي المهمة التي تلقى بشأنها تكوينا. لكن تبقى وظيفة أحمد الشاوي ذو المستوى الابتدائي، والذي عرف مصرفيا بمراكش منذ 1974، والتي كادت بدورها أن تقيله جراء رفضه الانتقال لمدينة الدار البيضاء لأجل التكوين، حيث كان قد عاد لممارسة الجزارة بدكان والده بالحي الذي يسكنه، لولا استعطاف زملائه والمحبين.

في الرابع من غشت 2021، رحل الشاوي إلى دار البقاء بعد معاناة طويلة مع المرض.

 

حميد الزاهر.. جزار ومطرب حي الملاح

خلافا لما ارتبط بأذهان المغاربة، فإن الاسم الحقيقي للفنان حميد الزاهر هو حميد بن الطاهر، لكن ولادته في منتصف الثلاثينيات بمدينة مراكش، وتحديدا في حي عرصة الزهيرية بالمدينة العتيقة، جعلته يحمل لقبا ارتبط بالمكان.

عاش حميد طفولته في أحياء مراكش، حيث ألحقه والده بالمسيد، حرصا منه على تعليمه تعليما دينيا، قبل أن يلتحق بالمدرسة، لكن الفن والطرب كان يجذبان الفتى الذي كان حريصا على حضور الحلقة ومجالسة فناني المدينة ومطربيها من مسلمين ويهود في حي الملاح، وأغلبهم كانوا يحضرون جلسات الغناء التي كان ينظمها الباشا الكلاوي في قصره، فقرر التوقف عن الدراسة وتعلم العزف على العود، وهي الهواية التي ورثها عنه أبناؤه يوسف ومحمد وطارق ومريم.

عاش حميد في وسط أسري متواضع، فوالده كان جزارا من أصول سرغينية، وغالبا ما كان يجعل من حميد مساعده في مهنته التي كان يمارسها في أسواق المنطقة، قبل أن يمتلك دكانا وقف فيه حميد خلال فترة فراغه، وتمرس ببيع اللحوم الحمراء، قبل أن يرمي السكين والساطور جانبا ويتخلص من البذلة البيضاء الملطخة بالدماء، ويعانق العود الذي غير مساره من جزار دموي إلى فنان مرهف الأحاسيس، لتبدأ مسيرته الفنية حيث عرف ب»ولد الجزار»، قبل أن يتخلى نهائيا عن هذه الجزارة، ويكون فرقة من أصدقائه سرعان ما بدأت تشتغل في أعراس مراكش، وكان أول أجر توصل به هو 100 درهم لمجموع الفرقة.

سئل حميد عن التنافر القائم بين الجزارة والطرب، فقال: «ما يجمعهما هو الكسب الحلال». لكن الزاهر سيقطع مع الدم، وسيصبح مطرب مراكش الأول، بل قدم وأفراد فرقته أعمالا عديدة وكان معروفا في الأوساط الفنية بمطرب القصر، حيث حضر أغلب الحفلات في عهد الملك الراحل الحسن الثاني وزفاف الملك الحالي محمد السادس، كما كان حضوره لافتا في جميع المناسبات، التي شهدها القصر الملكي في الأعياد الوطنية.

 

سمية الإدريسي.. من إدارة بنك إلى إدارة محل جزارة بكندا

اختارت سمية الإدريسي الرحلة المعكوسة من عالم التدبير المصرفي إلى تدبير محل جزارة في المهجر، قصة هذه المرأة المغربية، وتحديدا في الديار الكندية، متحدية قواعد راسخة ظلت تربط هذه المهنة بقوة البنية الجسدية.

في منطقة لافال الكندية، اختارت سمية خريجة المعهد العالي للتجارة وتدبير المقاولات، الاشتغال في مجال نادرا ما تقتحمه المرأة المغربية بالخصوص، ولا نصيب للجنس اللطيف فيه، لما يتطلبه من مجهودات بدنية، وقدرة على تحمل الإجهاد، سيما حين تنهمك أنامل رقيقة في تقطيع اللحوم وكسر العظام.

تنحدر سمية من مدينة فاس، حيث حصلت على شهادة البكالوريا من ثانوية مولاي سليمان، قبل أن تلتحق بالدار البيضاء لاستكمال دراستها الجامعية في المعهد العالي للتجارة وتدبير المقاولات، وحين تخرجت عثرت على وظيفة في القطاع البنكي كمديرة مصرف، لكنها كانت تتطلع للهجرة إلى كندا وهو ما تحقق لها.

يقول الكاتب الصحافي عبد الرحمان عدراوي إن سمية الإدريسي شكلت استثناء يستحق الوقوف عنده، خاصة تجربة الانتقال من إدارة بنك إلى إدارة متجر للجزارة في المهجر. «قررت سمية حزم حقائبها، والقطع مع وظائف في القطاع البنكي وقطاع الاتصالات والتوجه نحو كندا، بحثا عن مستقبل أفضل لها ولأسرتها».

في حوارها مع عدراوي، كشفت سمية عن سر التحول: «لم تكن البداية سهلة بكندا، فقد كانت صعبة للغاية وكنت مضطرة إلى قبول مهن ووظائف أقل أهمية بكثير من تلك التي كنت أتقلدها بالمغرب، وبموازاة ذلك، كنت أتاجر بشكل حر في بضائع مختلفة، أقتنيها من الولايات المتحدة الأمريكية وأعيد بيعها بمونتريال. استغنت المؤسسة التي كانت تشتغل فيها الإدريسي بمونتريال عن 400 موظف، كانت الإدريسي من بينهم، وبعد تجربة قصيرة في مؤسسة بنكية، ففكرت في إنشاء مشروع خاص بها يغنيها عن أجرة الوظيفة».

أمام ارتفاع أعداد الجالية المغربية المقيمة في كندا، وما ترتب عليه من إقبال كبير على اقتناء الذبيحة الإسلامية، وارتفاع الطلب على اللحم الحلال، قفزت إلى ذهن سمية فكرة إنشاء محل متخصص في بيع اللحم الحلال، ومتطلبات الجالية المسلمة، والمغاربية على وجه الخصوص. فكان النجاح حليفها في مغامرة لا تخلو من مخاطر.

 

إبراهيم الروداني.. جزار ومكيانيكي ومناضل

رأى إبراهيم الروداني النور سنة 1907 في قرية آيت علا إكطاي جماعة بونرار قيادة تازمورت في دائرة تارودانت، واسمه العائلي الحقيقي أضياضو. تلقى الفتى تعليمه الأول في المسجد وفي المدارس العتيقة بدوار بقبيلته.

سافر إلى الدار البيضاء في عنفوان شبابه، أي حوالي سنة 1932، حيث تعاطى عددا من المهن البسيطة كعامل في قطاع البناء ومساعد في إصلاح السيارات، وبائع خردة وغيرها، وبفضل مواظبته وحسن سلوكه استطاع مراكمة رأسمال لابأس به ساعده لاحقا في شق طريقه في الحياة بشكل عصامي ملحوظ. قبل أن يدعمه أحد السوسيين من أجل تغيير الحرفة صوب عالم اللحوم، إذ أصبح يمتلك محلا لبيع اللحوم بالتقسيط بالحي الأوروبي قرب ساحة باندونغ بالبيضاء، وبحكم نشاطه التجاري، نسج الرجل علاقات واسعة مع كافة شرائح المجتمع البيضاوي من مغاربة وأجانب، بما فيهم عناصر الشرطة الفرنسية، والتي ساعدته كثيرا في نشاطه الوطني باستغلاله لهذه العلاقة لمعرفة ماذا تدبره الشرطة للوطنيين.

حسب رواية الفقيه البصري، فإن إبراهيم الروداني كان يملك حسا تجاريا، فقد أشرف على تدبير «معمل لتعبئة أكياس الملح بالدار البيضاء، ثم معملا لمادة «جافيل» في مدينة القنيطرة، قبل نقله لعمارة في ملكية الحاج عابد السوسي بالدار البيضاء تلك العمارة التي كان يسكن بها في بداية خمسينات القرن الماضي.

بسبب ميولاته التجارية، فقد أصبح الرجل مدعما لكثير من المقاومين، فزج به في سجن «دار الكوم» بدرب اليهودي قرب شركة التبغ بعد أحداث 20 غشت 1953 لفترة قصيرة، ثم اقتيد إلى سيدي بنور حيث كان مجبرا على إقامة محروسة لعدة أيام لثنيه عن مواصلة نشاطه الحزبي والسياسي.

من المفارقات الغريبة، في مسار الروداني النقابي، أنه لم يكن أجيرا بل رب عمل ورغم ذلك ظل من مناضلي الاتحاد المغربي للشغل، رغم أنه صاحب كل التحضيرات وممول كل مصاريفها. في يوم 5 يوليوز 1956 اغتيل الرجل ووجهت أصابع الاتهام لمنظمة  الهلال الأسود.

 

لوزير.. عمل جزارا متدربا وتزوج ابنة جزار

ولد عبد الجبار لوزير بدرب لكزا قرب رياض العروس بمدينة مراكش سنة 1928، في أسرة متوسطة الحال حيث كان والده يعمل إسكافيا قبل أن يتحول إلى تربية الماشية والفلاحة.

قضى سنوات طفولته بين الأحياء الشعبية للمدينة القديمة في مراكش، وبدأ في تعلم العديد من الحرف التقليدية فتميز فيها، كصناعة الجلد والخشب والجزارة. قبل أن يلج عالم كرة القدم وهو في الخامسة عشرة من عمره، ويلتحق بعد ذلك سنة 1948 بفريق الكوكب المراكشي في نفس سنة تأسيسه، حيث شغل مركز حارس مرمى لفريق الفتيان.

لكن عبد الجبار كان متيما بحرفة الجزارة قبل تعلم القراءة والكتابة، إلا أنه سيعتقل بسبب مواقفه الوطنية بعد نفي الملك محمد الخامس أيام الحماية الفرنسية، تم وضعه في سجن لعلو بالرباط، وهناك تعلم قواعد القراءة والكتابة من مقاومين مغاربة كانوا معتقلين معه في نفس الزنزانة. وبعد حصول المغرب على الاستقلال سيتم تشغيله في صفوف القوات المساعدة وقضى فيها أربع سنوات فقط قبل أن يقرر التفرغ نهائيا للفن والتمثيل بصفة خاصة.

شاءت الأقدار أن يتزوج عبد الجبار لوزير سنة 1957 من ابنة أحد أصدقاء والده، وكان جزارا في باب تاغزوت بمدينة مراكش. وأنجب من زوجته أربعة أبناء وهم: سعاد وأحمد ومحمد وعبد الحكيم. كانت الزوجة تهتم بشؤون البيت بينما كان الزوج عبد الجبار يبحث عن لقمة عيش من الفن حيث انضم للعديد من الفرق المسرحية المحلية، وشارك معها في مسرحيات عرضت داخل المغرب وخارجه، على غرار فرقة الأمل والأطلس وفرقة الوفاء المراكشية. وكان أول عمل فني قام به هو مسرحية «الفاطمي والضاوية» مع رفيق دربه الفنان محمد بلقاس سنة 1951، وتضمن النص إشارات لمهنة الجزارة حين ربطها بالشراسة والقوة، وهي المسرحية التي عرضت على أنظار محمد الخامس بقصر الباهية بمراكش سنة 1957.

توفي عبد الجبار لوزير، يوم 2 شتنبر 2020 داخل منزله الكائن بحي الداوديات بمراكش عن سن يناهز 88 سنة بعد معاناة مع مرض السكري.

 

فركوس.. كوميدي يستثمر في المطاعم ومحلات الجزارة

أثناء هجومه على المؤثرات، متهما إياهن بالتطفل على التمثيل، وجه الممثل المغربي أنس الباز مدفعيته نحو زميله في الميدان الفني، عبد الله فركوس، ليشن عليه غارة أثارت الجدل بين الفنانين.

وتساءل الباز عن سر كثرة مشاركات فركوس في الأعمال الفنية، مع أنه لم يدرس التمثيل ومهنته في الأصل هي «الجزارة»، مضيفا بالقول: «لا يعقل بنادم جزار كيبان فكاع المسلسلات، لا يعقل بنادم كاع ما قاري التمثيل ولا واخد كاع البلايص. لا يعقل أننا حنا قرينا حياتنا كاملة وعطينا حياتنا لهذا المجال باش يجيو الناس يبقاو يضحكو علينا».

لم تمض سوى أيام قليلة على هذه «الكلاشات» التي نشرها الممثل المغربي أنس الباز، والتي انتقد فيها فساد الحقل الفني واقتحامه من طرف كائنات استوطنت مواقع التواصل الاجتماعي، وممثلين يحصلون على النصيب الأكبر من الغلة، مطالبا بتدخل الوزير الوصي على القطاع لتنظيم المجال الفني، حتى جاء الرد من فركوس عبر شريط فيديو، حيث اختار الرد على الباز بطريقة أخرى حين قال: «الله هو الرزاق، ورزقك سيصلك أينما كنت، لماذا أصابك القلق كن بشوشا.. أنا فقط ممثل، وسنعيش عمرا واحدا، لماذا تحقد علي؟. أنا يحبني الناس لأنني أحترم الممثلين وجميع المشاركين معي في الأعمال الفنية، فحب الجمهور لا يشترى بأي ثمن. أنا حاضر في الميدان لمدة 40 سنة وبالتالي لا يمكنني الانخراط في هذا الجدل».

فركوس مجرد لقب اكتسبه، عبد الله تكونة في طفولته وسرعان ما تحول إلى اسم فني، سيما من خلال تردده على سوق الجملة للخضر والفواكه بمراكش، الذي كان يقصده كل مطلع فجر لتدبير رزقه من خلال عمله كمياوم يعمل على شحن وإفراغ الشاحنات التي تتردد باكرا على السوق. وفي حدود الساعة السادسة صباحا يعود الفتى فركوس إلى بيته فيستبدل لباس الشغل بلباس المدرسة ويتأبط محفظته ويلتحق بالفصل. وفي المساء يلتحق بتداريب فرقة الوفاء المراكشية ويعود منهكا إلى البيت، وتلك بداية الانفصال عن المدرسة والانجذاب نحو الخشبة، لاسيما بعد أن توفي والده وأصبح المعيل الوحيد للأسرة. لم يكتف عبد الله بالاشتغال في الفن، بل أنشأ محلا للجزارة، افتتحه سنة 1996 بعد حصوله على قرض بنكي بتشجيع من أصدقائه الذين نصحوه بالاستثمار في مشروع خاص، بعدما اكتسب تجربة من خلال عمله في أحد محلات الجزارة بأحد الأسواق المركزية بمراكش.

فضلا عن ذلك، يملك فركوس محلا لبيع الزيتون ومطعما متخصصا في الأكلات المغربية، من بينها الطنجية المراكشية، وهو مطعم شهير بالقرب من محطة القطار.

 

العماري.. الجزار الصغير يستغني عن الساطور

ولد عبدو العماري سنة 1945 في منطقة تافراوت، واسمه الحقيقي محماد بن عمر، وحين تجاوز العاشرة من عمره انتقل إلى مدينة الدار البيضاء رفقة شقيقه الأكبر، من تلقاء نفسيهما أملا في مطاردة والدهما الذي شد الرحال قبله إلى العاصمة الاقتصادية ووصلت أخبار ارتباطه بزوجة أخرى. دخل الابن بإيعاز من شقيه الأكبر مبكرا عالم التجارة، واشتغل كمساعد جزار في حي بوركون بالقرب من سينما الفنون، وهو ما مكنه من دخول السينما والاستمتاع بالأفلام الغنائية المصرية

قال محماد إنه كان يتلقى تعليقات ساخرة من بعض أبناء حي بوركون، فقد تعودوا على جزار قوي البنية، بينما الجزار الصغير كان يبدو بالكاد لضعف بنيته الجسدية، وخلال تواجده في الحي ظل يتردد على سينما «لارك» حيث ظل يردد في محل الجزارة أغاني شرقية وهندية، قبل أن يقرر الالتحاق بالمعهد الموسيقي للدار البيضاء، لكن شقيقه رفض الملتمس، ودعاه للاستمرار في عالم الجزارة لتدبير كسرة خبز، قبل أن يجود الزمن بزبون إنجليزي، كان يتردد على المحل لاقتناء احتياجاته من اللحوم، حيث استجاب لرغبة الجزار الصغير وسجله في المعهد، بل ودعاه لامتهان حرفة أخرى بعيدا عن الدم، فعرضه على حلاق ليشتغل لديه كمساعد، وأصبح يوفق بين التكوين الموسيقي والشغل، بل إنه تعرف على كثير من زملائه كالمنشط التلفزيوني محمد بن عمر والحاج يونس ولحسن الإدريسي الذين سيساعدونه على اقتحام عالم الموسيقى، حيث تخلص من اسمه الحقيقي وأصبح ينشط السهرات في فنادق العاصمة الاقتصادية، بعد أن اختار الموسيقى الغربية التي كان يمزجها بين الفينة والأخرى بإيقاع مغربي. وكانت نقطة التحول في مساره المهني هو إقحام «الأورغ» في القطع المغربية وتعامله المباشر مع عبد الوهاب الدكالي الذي استعان بالعماري في أداء أغنيته مرسول الحب، وحين شاهده الملك الحسن الثاني دعاه للانضمام إلى الجوق الملكي كعازف للأوكورديون.

في يوم الثلاثاء الثاني من مارس 2010 توفي الفنان عبدو لعماري بأحد مستشفيات الدار البيضاء، عن عمر يناهز 66 عاما بعد صراع مرير مع المرض.

التازي.. من المجازر إلى رئاسة مجلس العمالة

قبل أن يدخل غمار السياسة، عرف حسن التازي شلال في مدينة فاس بتجارة البطاطين وجمعها في عيد الأضحى، ومن هذه الحرفة التي ارتبطت بالجزارة كانت بدايته، سيما أن والده كان جزارا فحمل لقب ولد «الكزار» تارة و»لهيادري» تارة أخرى، قبل أن يصبح تاجرا صغيرا في سوق باب اعجيسة، إذ كان يشتري البطانة في المزاد ثم يبيعها لدار الدباغ وسيدي موسى ودار اللباطين بالطالعة الكبيرة، من هنا كانت الانطلاقة قبل أن يصبح شريكا لأحد مصدري «الهيدورة» إلى الخارج. وحين اشتد عوده قرر حسن توسيع مجال الاستثمار فاشترى وحدة صناعية في طريق سيدي احرازم لتطوير دباغة البطانة.

لكن الرجل سيقرر دخول عالم السياسة، ويضع مسافة مع المجازر والمدابغ، واستعان في بداياته بالراسخين في مجال الانتخابات، التحق بحزب التجمع الوطني للأحرار بتوصية من المنسق السابق للحزب رشيد الفايق. فاز حزب الحمامة محليا وجهويا وأصبح التازي مطلوبا في المفاوضات التي تعقب الانتخابات في سياق البحث عن التحالفات، إذ حاول حميد شباط ضمه إلى صفوفه دون أن ينجح.

أثناء توزيع كعكة المناصب، فاز عبد السلام البقالي بعمادة المدينة وحصل حسن التازي على منصب رئيس مجلس عامل فاس، بعد أن استأنس بالعمل الجمعوي في جمعية «هلال الخير» التي أصبحت ذراعه الاجتماعي.

لكن الأمور ستسير ضد ما كان يشتهيه البرلماني خريج دار الدباغ، إذ تم التحقيق معه في شأن تدبير البرنامج الحكومي «أوراش» وتمت مساءلته حول «تبديد أموال عمومية، واستغلال النفوذ»، وذلك على إثر التحريات والأبحاث التي قامت بها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تفيد بتورط مجموعة من ممثلي جمعيات المجتمع المدني في اختلاس أموال عامة في إطار برنامج «أوراش» الذي أطلقته السلطات المغربية لتشجيع الشغل ودعم الفئات الهشة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى