شوف تشوف

الرأي

أئمة «جوج فرنك»

محن الجالية المسلمة بفرنسا ليست وقفا على الآخرين كما هو شائع٬ بل للمسلمين أيضا مسؤولية جسيمة في دوامها واستفحالها. تكمن إحدى هذه المحن في تشرذم الولاءات٬ تفاقم التناحرات الشخصية٬ انعدام التنظيم٬ تسخير الدين لمآرب سياسية.. لكن الجالية ابتليت شر بلاء ببعض الأئمة الأميين الذين عوض أن يرفعوا من شأن الإسلام حطوا من قيمة المسلمين ببؤسهم الفكري والديني وبسلوكاتهم الرعناء. هكذا تؤوي فرنسا٬ وتكاد تكون استثناء أوربيا٬ حالات تستحق حقيقة الإقفال عليها في ماريستانات الأمراض العقلية.. تستوقفنا هنا ثلاثة وجوه من بين حالات عديدة٬ سجن البعض منها فيما طرد البعض الآخر من التراب الفرنسي. تخص الحالة الأولى الإمام الفلكلوري رشيد حذيفة٬ إمام بريست بشمال فرنسا، الذي صارت بذكره الركبان على خلفية خطبته الشهيرة أمام أطفال حضانة لما حذرهم من سماع الموسيقى، بحجة أن النبي يقول إن هؤلاء الذين يغنون ستبتلعهم الأرض، وسيتحولون إلى قرود أو خنازير! هذا مع العلم أن صاحبنا قبل أن يصبح إماما محاضرا في عذاب الدنيا والآخرة كان يدخل في شطح جنوني ومجوني على إيقاعات «الروك». وبعد هجمات الثالث عشر من نوفمبر اقتحمت الشرطة الفرنسية مسجد «السنة» وفتشت بيته أيضا، ويوجد اليوم تحت مراقبة القضاء.
حسن الشلغومي هو الإمام الخرافي الثاني الذي تحول إلي نكتة متنقلة في المواقع الاجتماعية بسبب ترهاته على المباشر. ويجمع مساره مجموعة من المتناقضات أهمها انتماؤه وهو شاب إلى حركة التبليغ٬ دعوته إلى الجهاد٬ دفاعه عن النسخة السلفية للإسلام٬ إدارته لمطعم بيتزا. والجدير بالذكر أن الاستعلامات الفرنسية سبق لها أن أصدرت في حقه مذكرة تدعو إلى طرده من التراب الفرنسي. لكن بمجرد مبايعته للمجلس التمثيلي للديانة اليهودية، حتى تقربت منه الكاميرات وأصبح جليس وزراء وإعلاميين كبار ورجالات سياسة من كل الأطياف. قام بلفة من 360 درجة جعلت منه، وبالأخص في تصور الإعلاميين، الأنموذج المثالي الذي يجب أن يكون عليه المسلم. فالرجل الذي يدعي العمل من أجل حوار الأديان، غير قادر على تشكيل جملة مفيدة بالفرنسية إلى درجة أن طلاته المتكررة على القنوات الفرنسية يتابعها في حسرة ساخرة المتفرجون المسلمون ولسان حالهم يتساءل: آش هاد لعجب؟
حسن الشلغومي تونسي الأصل وهو اليوم إمام درانسي بشمال فرنسا، وتطالب الجالية المسلمة بالمدينة وبمجموع التراب الفرنسي ومنذ سنوات برحيله. غير أن الإعلام الفرنسي والمجلس التمثيلي للديانة اليهودية بحاجة إلى «أبله القرية» الذي يتأبط به في المناسبات الصعبة سيده٬ الكاتب اليهودي ماريك هالتير لدفعه أمام ميكروفونات القنوات الفرنسية للاعتداء على اللغة الفرنسية والخبط خبط عشواء في أمور الدين والسياسة! الإمام الثالث هو الدجال المغربي رشيد برباش، الذي يعتبر نسخة قاتمة للإمام الشلغومي. جلب الأضواء مجددا حول شخصه لما أطل في 27 من ديسمبر على المشاهدين عبر القناة الفرنسية الثالثة، للتعليق على أحداث كورسيكا التي أحرق خلالها عنصريون مسجدا٬ مدعيا أنه يرأس تجمع المسلمين بكورسيكا. الحقيقة أن الرجل لا يرأس إلا رأسه، وأنه دجال مدفوع من طرف حسن الشلغومي ومن معه. استغل مناسبة دعوته لـ«يفسر» على المباشر أنه لا توجد مشاكل بين المسلمين والكورس، وأن المؤسسات الرسمية التي تعنى بالشأن الإسلامي، هي المسؤولة عن تردي أحوال المسلمين وعن الأحداث التي عاشتها كورسيكا مؤخرا!! وسبق للإمام المزعوم أن «تألق» في إحدى مداخلاته على قناة فرنسية غداة أحداث غزة، لما صرح بأن «حماس» تستخدم السكان كـ»دروع بشرية»، معتبرا أن الصراع في غزة هو «بين حماس وإسرائيل». كما انتقد نقل الشباب المسلم للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إلى قلب الضواحي. كانت الأوساط الصهيونية هي أول من صفق لهذه التصريحات. وبعد تصريحاته الأخيرة بأن المسلمين «ما خاصهم حتى خير» في «جزيرة الجمال»٬ انهال عليه مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي شتما وسخرية.
المأساة أن هؤلاء الأئمة وهم كثرة يقفزون بين الحين والآخر لإسرائيل «خدمة لحوار الأديان»، لكنهم في الحقيقة أصبحوا أعداء لديانتهم وذلك بتبخيسهم للإسلام. ومما فاقم من الأثر التخريبي لأئمة الظلام هؤلاء، هو تهميش الإعلام إن لم نقل فرض الرقابة على بعض الأصوات الفكرية القادرة على تعرية زيفها وهرائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى