شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

46 برلمانيا فقط يصادقون على قانون استراتيجي مهم للمغرب

استمرار العبث والاستهتار بمجلس المستشارين

محمد اليوبي

شهدت الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء، للمصادقة على قانون استراتيجي مهم للمملكة المغربية، غياب 74 مستشارا برلمانيا من أصل 120 يتكون منهم المجلس، وتمت المصادقة بالإجماع، بحضور 46 مستشارا برلمانيا فقط، على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية.
ونظرا لأهمية الجلسة، فقد نزل رئيس المجلس، حكيم بنشماش، لترؤسها شخصيا، ثم انسحب مباشرة بعد المصادقة على القانونيين، تاركا مكانه لخليفته المكلف بالتشريع، عبد القادر سلامة، لترؤس الجلسة، للمصادقة على قوانين أخرى، وأصيب ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون، بالصدمة وهو يلج باب قاعة الجلسات، حيث وجدها فارغة على عروشها، رغم التعبئة الواسعة التي قام بها رؤساء الفرق في صفوف أعضاء المجلس لحضور هذه الجلسة، ولم يحضر سوى 12 برلمانيا من حزب العدالة والتنمية، وستة من حزب الاستقلال، وأربعة من فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وأربعة من مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وخمسة من الاتحاد الاشتراكي، ومستشارين اثنين من حزب التجمع الوطني للأحرار، وسبعة من حزب الأصالة والمعاصرة، وأربعة من الحركة الشعبية وثلاثة من فريق الاتحاد المغربي للشغل، وبرلماني واحد من الفريق المشترك بين الاتحاد الدستوري والحركة الديمقراطية الاجتماعية.
وقال بوريطة، أثناء تقديم المشروعين، الأول يتعلق بالقانون المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، والثاني المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة، إن مشروعي القانونين يكتسيان أهمية خاصة في سياق مسلسل تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية للمملكة المغربية، وأبرز أن هناك ثلاثة أسباب دعت إلى إعداد هذين النصين، أولها تجسيد الرؤية الملكية للهوية المجالية للمملكة المغربية، مشيرا إلى أن تحريك المسطرة التشريعية بخصوص مشروعي القانونين يأتي غداة الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ44 للمسيرة الخضراء، والذي شدد فيه الملك محمد السادس على ضرورة استيعاب الهوية المجالية للمملكة. ولفت بوريطة، في معرض تقديمه للمشروعين، إلى أن التوجيهات الملكية السامية «تستنهضنا، بشكل خاص، لملاءمة المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية مع السيادة الوطنية للمملكة المغربية، الكاملة المكتملة في حدودها الحقة، الترابية والبحرية، بل والجوية أيضا».
وسجل بوريطة أن السبب الثاني يتمثل في ضرورة تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية، مشيرا إلى أن النصوص القانونية سارية التنفيذ إلى اليوم هي نصوص متقادمة، حيث ترجع إلى حقبة سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الـ20 (1973، 1975، 1981)، كما أنها أصبحت الآن متجاوزة، خاصة بعد أن استكمل المنتظم الدولي صياغة واعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، لذا، يقول الوزير، فتحيين الترسانة القانونية المتعلقة بالمجالات البحرية، بما يمكن من استكمال مسلسل بسط السيادة القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، يقع في مقدمة الاعتبارات التي أفضت إلى إعداد مشروعي القانونين، مشيرا إلى أنه، «وحيث إن القوانين التي نحن بصدد تحيينها تشكل الأساس الذي انبنى عليه المرسوم رقم 311.75.2 لسنة 1975 المحددة بموجبه خطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية، فإنه قد تم، استتباعا لذلك، تحيين هذا المرسوم بدوره».
أما السبب الثالث، حسب بوريطة، فيتمثل في ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاستحقاقات الدولية، التي حتمت تسريع وتيرة تحيين النصوص القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية، مبرزا أن تحيين الترسانة القانونية الوطنية يشكل فرصة لملاءمتها مع مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982 وتجويد بعض الأحكام التي تتضمنها، خاصة عبر التخلي عن بعض الترسبات القانونية المتقادمة، مثل مبدأ الخط الأوسط، وأشار إلى أن من شأن التحيين القانوني، الذي يتم القيام به اليوم، أن يمكن المغرب من الاستفادة من كامل الحقوق التي تحفظها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بشكل يتيح تحديدا أكثر دقة للمجالات البحرية الخاضعة للسيادة والحقوق السيادية للمغرب. وبناء على ذلك فالاتفاقية تعطي للمغرب الحق في تحديد أربعة مجالات بحرية تتمثل في المياه الإقليمية والمنطقة المتاخمة، والمنطقة الاقتصادية والجرف القاري.
واعتبر الوزير أنه إذا كان تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية يمكن المغرب من تركيز حقوقه الشرعية، فإنه يشكل أيضا «لحظة سياسية وقانونية معلمية» في مسلسل بسط السيادة القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، وهو فرصة لتأكيد المواقف الثابتة وتركيزها على خلاصات وأسس مبدئية واضحة، تتمثل في أن تحديد المجلات البحرية الوطنية «مسألة داخلية وعمل سيادي صرف»، وأن «ترسيم الحدود البحرية يظل مسألة دولية قابلة للتفاوض بين المملكة من جهة، والدول التي لها شطآن متاخمة أو مقابلة لبلادنا من جهة أخرى». كما تتمثل هذه الأسس المبدئية، يشير الوزير، في أنه، «بقدر ما ترفض المملكة المغربية أن يفرض عليها أي أمر واقع أحادي في مجال ترسيم الحدود البحرية الخارجية، فهي تؤكد – وبكل مسؤولية وشفافية – أنها لا تضمر أي نية لخلق أمر واقع غير سوي أو مخالف لحقوق ثابتة ومشروعة لدولة من دول الجوار الصديقة»، مشيرا إلى أن «مملكة إسبانيا ليست فقط دولة جارة، بل هي أيضا شريك استراتيجي تربطنا بها علاقات سياسية واقتصادية وتاريخية عريقة وقوية، محكومة بروح التعاون والاحترام المتبادل وتغليب الحوار البناء ومنطق الشراكة العملية والإيجابية وتفعيل أسس حسن الجوار».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى