النعمان اليعلاوي
أثارت صور تم تداولها على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي لاستعمال تلاميذ بنواحي مدينة مكناس للحمير من أجل التنقل للمؤسسات التعليمية، موجة انتقادات واسعة، في ظل المعطيات الرسمية التي تشير إلى تراجع التعليم في المغرب. وأكدت مصادر مطلعة أن الصور تعود لجماعة عين جمعة التابعة لعمالة مكناس، وأكد الفاعل الجمعوي والعضو في غرفة الفلاحة بجهة فاس مكناس عن دائرة عين جمعة، إدريس باخلو، أن هذه الصور تعكس جزءا من المعاناة التي يعيشها تلاميذ مدارس «شعبانات» و«أيت عبدي»، حيث يضطرون يوميا إلى ركوب الحمير لبلوغ أقسامهم التي تبعد بعدة كيلومترات عن مساكنهم، في غياب أي مبادرة لتوفير حافلات نقل مدرسي، رغم قيامهم بعدة مراسلات للجهات المعنية، ناهيك عن تحول المسالك المؤدية إلى هذه المؤسسات إلى مستنقعات من الأوحال مع كل موسم تساقطات مطرية، ما يدفع العديد من التلاميذ إلى الانقطاع عن الدراسة أو اختيار مغادرتها نهائيا.
من جهة أخرى، أفادت المصادر بأن عدة جماعات قروية تشاطر جماعة عين جمعة المعاناة نفسها، حيث يؤدي غياب أو شح وسائل النقل المدرسي أو المدارس الجماعاتية إلى تسجيل معدلات كبيرة لمغادرة التلاميذ فصول الدراسة، كجماعتي عين كرمة وعين عرمة على سبيل المثال، وذلك بسبب عجز المنتخبين وقسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة مكناس والمجلس الإقليمي ومعه مجلس الجهة وصندوق التنمية القروية، عن الاستجابة للمطالب الملحة لساكنة هذه الجماعات لتوفير حافلات نقل مدرسي ومشاريع اجتماعية أخرى تنتشل ساكنة هذه الجماعات من مستنقع التهميش والإهمال.
وتشير الأرقام إلى أن نسبة الهدر المدرسي تتجاوز سبعة آلاف تلميذ وتلميذة سنويا، كما تشير إلى أن هذه النسبة المرتفعة مرتبطة بعدة عوامل، من بينها عدم توفر خدمة النقل المدرسي بالعديد من المناطق، حيث إن حجم الخصاص في سيارات النقل المدرسي يقدر بـ80 سيارة، ينتظر أن تتم تغطيته ببرمجة اقتناء سيارات جديدة بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية ومجلس الجهة، بوتيرة 15 إلى 16 سيارة سنويا، فيما تشير المعطيات إلى أن خدمة النقل المدرسي تعاني خصاصا مهولا بعمالة مكناس، وهي الأضعف من نوعها على صعيد المملكة. ففي الوقت الذي قامت فيه العديد من الأقاليم، كشفشاون والرشيدية وسيدي قاسم، بتسليم الجمعيات التي تنشط في المجال هذا الموسم ما لا يقل عن 20 سيارة، لم يتجاوز عدد السيارات المسلمة بعمالة مكناس سيارتين.
ومن جانبه، كشف فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن أزيد من 300 ألف تلميذ يغادرون الدراسة سنويا، خصوصا في الوسط القروي، والتعلمات الأساسية غير متقنة، إذ إن 30 في المائة فقط من تلاميذ التعليم العمومي يتقنون المقررات في نهاية التعليم الابتدائي، والنسبة أقل للتعليم الإعدادي، معتبرا أن هناك تفاوتا، لسنوات، بين الجهود المالية المبذولة في قطاع التعليم، والنتائج المتحصل عليها، وأن المغرب لم يحقق بعد هدف تعميم التمدريس، إذ 75 في المائة فقط من الأطفال البالغين سن التمدرس هم الذين يتمدرسون.
وتعهد لقجع، في كلمته خلال الجلسة الختامية للدورة الثانية للمناظرة الوطنية للتنمية البشرية، بالصخيرات، بمواصلة دعم كل ما يتعلق بإصلاح قطاع التعليم، متمنيا أن يكون هناك نموذج إصلاح واضح لتصحيح كل ما يمكن تصحيحه، لأن الأمر، بحسبه، يتعلق بجيل، مشيرا إلى عدد المتعلمين الذي ينخفض بعد كل مستوى إلى أن يلج رقمٌ ضعيف من حاملي الشواهد سوق الشغل.