سطات: مصطفى عفيف
قضت هيئة الجنحي التلبسي بالمحكمة الابتدائية بسطات، بعد زوال أول أمس الخميس، بإدانة المتهمين في ملف كل من ودادية بدر السكنية وتعاونية آية للسكن بالمدينة نفسها، حيث قضت هيئة المحكمة بالحكم في ملف بدر على رئيس الودادية بـ7 سنوات سجنا، و10 سنوات سجنا في حق المتهم الثاني أمين المال، وسنة واحدة للمتهم الثالث في الملف، ويتعلق الأمر بنائب أمين المال بالودادية نفسها، مع الحكم بأدائهم غرامة مالية قدرها 20 ألف درهم تضامنا في ما بينهم.
كما قضت المحكمة ذاتها في الملف الثاني المتعلق بتعاونية آية السكنية، بالجلسة نفسها، بإدانة المتهمين، المسؤول القانوني للشركة التي اقتنت العقار، والذي هو أمين مال ودادية بدر السكنية بإدانته بـ10 سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، لتكون المدة التي حكم بها على أمين المال هي 20 سنة سجنا.
وكان وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسطات قد أودع بداية شهر شتنبر 2021، كلا من رئيس وأمين مال ودادية سكنية بسطات سجن عين علي مومن ضواحي المدينة، ومتابعتهما في حالة اعتقال، من أجل تهم النصب وعدم تنفيذ عقد، التصرف بسوء نية في مال مشترك، عدم توفير مؤونة شيك عند تقديمه للأداء، تزوير توصيل تمنحه الإدارة العامة واستعماله. كما وجهت تهم أخرى إلى باقي أعضاء التعاونية ذاتها تتعلق بالنصب وعدم تنفيذ عقد، التصرف بسوء نية في مال مشترك، التصرف في أموال التعاونية والقيام بتوزيعات مخالفة للمادة 69 من قانون التعاونيات، مع تعمد ذلك، وإلحاق ضرر بالتعاونية، مع إحالتهم على غرفة الجنحي التلبسي بالمحكمة ذاتها.
وجاء إيقاف الظنينين اللذين كانا موضوع مذكرة بحث بداية شهر شتنبر 2021، من طرف أمن الجديدة بعد اعتقالهما على مستوى السد القضائي بمدخل المدينة، في إطار مراقبة روتينية، وبعد تنقيطهما تبين أن المعنيين بالأمر موضوع مذكرة بحث صادرة عن أمن سطات، ليتم اقتيادهما إلى مصلحة الأمن وتسليمهما إلى مصالح أمن مدينة سطات.
التحقيقات الأولية مع الموقوفين حول شيكات بدون رصيد ناهزت قيمتها المالية نحو 300 مليون سنتيم، كان المعنيان سلماها في إطار معاملة تجارية باسم شركة خاصة بهما، قبل أن يقود التحقيق الفرقة الأمنية للبحث في ملف ودادية بدر السكنية بسطات، الذي يعتبر من أكبر الملفات موضوع التحقيق، حيث تم الاستماع إلى الموقوفين بناء على تعليمات النيابة العامة التي سبق وتلقت عشرات الشكايات من منخرطي الودادية نفسها، في مواجهة مكتب الودادية، يطالبون من خلالها بفتح تحقيق في ما أسموه تعرضهم لعملية النصب والاحتيال وخيانة الأمانة، وكذا المطالبة بإجراء خبرة تقنية ومالية على جميع الحسابات البنكية الموجودة في اسم الودادية، وكذا التدقيق في ما أسموها الاختلالات التي أخرت إخراج المشروع إلى الوجود وتسليمهم بقعهم الأرضية، وهو الملف الذي كشف النقاب عن إقدام رئيس ودادية بدر وأمين مالها على التلاعب بالبقع الأرضية، بعدما أقدما على شراء حصص من أحد الشركاء بفضاء سياحي، وسلماه مقابل ذلك بقعا أرضية.
وهي اختلالات كانت قد عجلت بالمنخرطين لوضع شكايات بكل من الوزارة المختصة، والسفارات المغربية، باعتبار أن أغلب المنخرطين هم مهاجرون مقيمون بالخارج، وشكاية إلى الديوان الملكي وشكاية إلى النيابة العامة بالرباط، قبل أن يقرر منخرطو الودادية اللجوء إلى المسطرة القضائية، التي اعتبروها آخر مسمار يدق في نعش ودادية بدر، وهي الشكاية التي باشرت بشأنها الضابطة القضائية بأمن سطات، مسطرة الاستماع إلى أطراف القضية.
كما طالب المنخرطون بالتدقيق في مجموعة من الاختلالات القانونية والمالية، منها عدم عقد الجموع العامة للودادية منذ الجمع العام التأسيسي، بحيث يتم التحايل على المنخرطين بعقد لقاءات تواصلية متفرقة مع المنخرطات والمنخرطين تقتصر في مجملها على مطالبتهم بدفعات إضافية، التنصيص في النظام الداخلي للمكتب على اقتطاع نسبة 5 في المائة من كلفة المشروع لصالح أعضاء المكتب كتعويض عن الأتعاب، وهو ما يتنافى مع الطبيعة الاجتماعية التضامنية للمشروع، أداء الودادية لما يقارب 36 مليون سنتيم منذ سنة 2011 إلى حدود سنة 2016، منها فواتير أربعة خطوط هاتفية لأعضاء المكتب، بالإضافة إلى أنه تم تعجيل بصرف شيكات مالية من أموال المنخرطات والمنخرطين من طرف أعضاء المكتب المسير للودادية، وكذا وجود حالة التنافي التي يوجد فيها كل من رئيس الودادية وأمين مالها، باعتبارهما من المنعشين العقاريين المعروفين داخل المدينة، وقد ثبت كيف أنهما حولا أموال مجموعة من منخرطي الودادية لصالح مشروع سكني آخر لهما، وهو المشروع الذي تم إنجازه والاستفادة منه في ظرف قياسي لا يتجاوز ثلاث سنوات، فيما لا يزال مشروع ودادية بدر السكنية وقتها لم يحز حتى الأرض التي سيقام عليها، وكذلك تعويض مجموعة من شركائهما في مشاريع خاصة مختلفة عن حصصهم ببقع في مشروع ودادية بدر ذات الطبقة الاجتماعية والتضامنية.
وكانت معاناة منخرطي ودادية بدر السكنية بمدينة سطات مع المكتب المسير قد انطلقت منذ سنة 2009، تاريخ بداية انخراطهم بالودادية، وكان وقتها قد قدم المسؤولون بها وعودا على أن تسلم الودادية البقع إلى أصحابها سنة 2014، لكنهم فوجئوا بالتماطل، بعد تجاهل أعضاء المكتب الودادية وهم في الوقت نفسه مقربون من حزب سياسي لنداءات ومطالب المنخرطين، الذين أدوا واجباتهم المالية كاملة، وأصبحوا بدون مسكن بعدما أنفقوا كل مدخراتهم في بقع أرضية فاقت تكلفتها المالية ثمن البقعة بالموقع ذاته، والتي ناهزت 20 و27 مليون سنتيم، وظلوا ينتظرون منذ أزيد من 10 سنوات، بعدما تفاجؤوا بعدم التزام المكتب بوعوده التي قدمها في آخر جمع للمنخرطين، إذ تبين أن مكتب الودادية قام بتحصيل جميع المبالغ من المنخرطين، والتي بلغت نسبة الأداءات منذ انطلاق المشروع 93 في المائة، في حين اختفى أعضاء المكتب عن الأنظار تاركين المنخرطين أمام الباب المسدود.