100 يوم من عمر حكومة أخنوش :توفير الحماية الاجتماعية لـ11 مليون مغربي وإطلاق «أوراش» لإحداث 250 ألف فرصة شغل
خلال هذا الأسبوع ستكون قد مرت 100 يوم على تعيين حكومة عزيز أخنوش، وأصبح تقييم عمل الحكومات خلال 100 يوم الأولى من عمرها عرفا معمولا به على الصعيد الدولي، وكذلك في الممارسة السياسية المغربية منذ حكومة عبد الرحمان اليوسفي. وخلال هذه المدة يتم رصد الأداء الحكومي للوقوف على بعض المؤشرات الإيجابية والسلبية، ومدى التزام الحكومة بتفعيل الوعود الواردة في البرنامج الحكومي الذي حظي بثقة البرلمان، ورغم أن هذه المدة غير كافية للتقييم الموضوعي، خاصة في ظل ظروف الأزمة الصحية التي يمر بها العالم، وما خلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية، إلا أن حكومة أخنوش بدأت تظهر ملامح توجهاتها الاجتماعية، حيث خصص مجلس الحكومة 11 اجتماعا، خلال هذه المدة، للمصادقة على مراسيم ذات طابع اجتماعي لتوفير الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية لأزيد من 11 مليون مغربي، وخلال الأسبوع الماضي أطلقت الحكومة برنامج «أوراش» الذي سيساهم في إحداث 250 ألف فرصة شغل.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
إطلاق برنامج «أوراش» لإحداث 250 ألف فرصة شغل
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الخميس الماضي، أن برنامج «أوراش» الذي أطلقته الحكومة يوم الأربعاء الماضي، يتوخى تقديم إجابات ذات أثر فوري على المواطنات والمواطنين الذين عانوا من تداعيات جائحة (كوفيد-19). وأبرز أخنوش، في كلمته الافتتاحية لمجلس الحكومة، الذي انعقد بتقنية التواصل المرئي، أن مشروع «أوراش» يعد من المشاريع الاجتماعية والتنموية التي تترجم العناية الملكية السامية بالعنصر البشري، بجعله في صلب المبادرات التنموية وغايتها الأساسية، خاصة في ظل الظروف الصعبة لجائحة «كورونا».
وأكد أخنوش أن برنامج «أوراش» يشكل أحد أعمدة الالتزامات العشرة الواردة في البرنامج الحكومي، ويتوخى تقديم إجابات ذات أثر فوري على المواطنات والمواطنين الذين عانوا من تداعيات جائحة (كوفيد-19)، من خلال إحداث 250 ألف فرصة شغل مباشر في غضون سنتي 2022 و2023، في إطار أوراش عامة مؤقتة صغرى وكبرى. وأشار أخنوش إلى أن هذا البرنامج، الذي رصدت له الحكومة غلافا ماليا قدره 2.25 مليار درهم برسم سنة 2022، سيتم بشراكة بين القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية، وجمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، بالإضافة إلى مقاولات القطاع الخاص.
ووقع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على المنشور المتعلق بإطلاق برنامج ”أوراش”، الرامي لإحداث 250.000 فرصة شغل مباشر في أوراش مؤقتة خلال سنتي 2022 و2023. ودعا أخنوش الوزراء والوزراء المنتدبين والمندوبين السامين والمندوب العام، إلى العمل على تفعيل مضامين هذا البرنامج الذي أطلق عليه اسم ”أوراش” ويضم شقين، يتعلق الشق الأكبر منه بالأوراش العامة المؤقتة، التي سيتم تفعيلها بشكل تدريجي خلال سنة 2022 مع تحديد نهاية السنة لتحقيق الأهداف المسطرة، فيما يتعلق الشق الثاني بأوراش دعم الإدماج المستدام على الصعيد الوطني.
وسيستفيد من البرنامج طيلة مدة تنفيذه خلال سنتي 2022 و2023 ما يقرب من 250.000 شخص في إطار عقود «أوراش» تبرمها جمعيات المجتمع المدني، والتعاونيات والمقاولات، عبر ترشيحات وعقود عمل، خاصة الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد- 19، والأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل؛ وذلك دون اشتراط مؤهلات. ورصدت الحكومة غلافا ماليا لتنزيل البرنامج يقدر بـ 2,25 مليار درهم برسم سنة 2022.
ويندرج برنامج ”أوراش” في إطار تنزيل البرنامج الحكومي 2021 – 2026، فيما يهم مواكبة الأشخاص الذين فقدوا عملهم ويجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل، وذلك عبر شراكة تشمل القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية، وكذا جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، بالإضافة إلى مقاولات القطاع الخاص. ويتكون برنامج «أوراش» من شقين، الشق الأول يتعلق بأوراش عامة مؤقتة لحوالي 6 أشهر في المتوسط، فيما يتعلق الشق الثاني بأوراش لدعم الإدماج المستدام.
وتهدف الأوراش العامة المؤقتة، الموجهة إلى حوالي 80% من العدد الإجمالي للمستفيدين من البرنامج، إلى الاستجابة لحاجيات المواطنين من بنيات تحتية، كما تتوخى إنجاز أشغال وأنشطة ذات طابع مؤقت تندرج في إطار المنفعة العامة والتنمية المستدامة من قبيل إنجاز مسالك طرقية وترميم المآثر والمنشآت العمومية والتشجير وإعداد المساحات الخضراء ومحاربة التصحر وزحف الرمال ورقمنة الأرشيف والتنشيط الثقافي والرياضي والتأطير التربوي العرضي.
أما أوراش دعم الإدماج المستدام، فهي موجهة إلى حوالي 20% من المستفيدين من البرنامج، وتهدف لتحقيق عدد من الغايات منها الاستجابة إلى خدمات موجهة للأشخاص والأسر والمجتمع تعرف خصاصا على صعيد بعض المناطق، من قبيل محو الأمية والتعليم الأولي والاعتناء بالأشخاص المسنين والأنشطة الرياضية والثقافية والمطعمة المدرسية والخدمات شبه الطبية.
وسيمكن البرنامج العاملين في الأوراش من الاستفادة من دخل شهري لا يقل عن الحد الأدنى للأجر خلال مدة الورش، والاستفادة من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، بالإضافة إلى التأطير داخل الورش بهدف تطوير مهارات وكفايات، والحصول على وثيقة من المشغل عند نهاية الورش لتعزيز حظوظ الإدماج لاحقا في إطار أنشطة اقتصادية مماثلة، وستتحمل الدولة المصاريف المتعلقة بالأجر وحصة المشغل والتأمين عن حوادث الشغل بالنسبة للتغطية الاجتماعية.
كما سيمكن البرنامج المستفيدين من أوراش لدعم الإدماج المستدام من إدماج لمدة لا تقل عن 24 شهرا مع دخل لا يقل عن الحد الأدنى للأجر، والاستفادة من التغطية الاجتماعية بما فيها التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، واكتساب تجربة مهنية، وستمنح الدولة للمشغلين منحة للتحفيز على التشغيل في حدود مبلغ 1500 درهم شهريا لمدة 18 شهرا لكل مستفيد.
- وفي ما يتعلق بهيئات حكامة برنامج أوراش، تم وضع منظومة حكامة لقيادة ودعم تنزيل البرنامج، تقوم على إرساء لجنة استراتيجية ولجنة قيادة على الصعيد الوطني ولجنة جهوية ولجان إقليمية على المستوى الترابي. وستسهر اللجنة الاستراتيجية، تحت إشراف السيد رئيس الحكومة، على تحديد التوجهات الاستراتيجية للبرنامج، في حين ستعمل لجنة قيادة البرنامج المنبثقة عن اللجنة الاستراتيجية التي يرأسها وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات على تفعيل التوجهات الاستراتيجية للبرنامج، كما سيتم إحداث لجنة جهوية لبرنامج أوراش على مستوى كل جهة يرأسها والي الجهة وتشرف على حسن تنزيل البرنامج على الصعيد الجهوي، فضلا عن اللجان الإقليمية التي سيتم إحداثها على مستوى كل إقليم برئاسة عامل الإقليم أو العمالة وتشرف على حسن تنزيل البرنامج على الصعيد الإقليمي.
تقرير أكاديمي يرصد حصيلة 100 يوم من عمر الحكومة
رصد تقرير أعده مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني ومرصد العمل الحكومي، حصيلة الحكومة خلال 100 يوم الأولى من عمرها. وأشار التقرير إلى جملة من الإنجازات التي حققتها الحكومة خلال هذه الفترة، كما توقف عند عدد من السلبيات والإخفاقات التي طبعت عملها خلال المدة نفسها، ونوه أيضا بمضي الحكومة في تنفيذ التزاماتها في ما يخص التنزيل السريع للمراسيم التطبيقية الخاصة بتعميم التغطية الصحية والمعاشات. وثمن «التسريع في عقد لجنة الاستثمار والمصادقة على عدد مهم من المشاريع الاستثمارية».
وتوقف التقرير عند التعاطي السريع والفعال للحكومة مع توقيف الجزائر تدفق الغاز من الأنبوب المغاربي، وما خلفه من اختلال جزئي في ما يخص حاجيات المغرب من الطاقة، وعملها على إيجاد البدائل الفعالة والناجعة التي تمكنت من خلالها من مواصلة تزويد السوق المغربية من حاجيتها من الغاز بالوتيرة السابقة نفسها، ودون أي ضرر أو اختلال، مسجلا تأدية الحكومة واجبات القيمة المضافة لفائدة الشركات والمقاولات المغربية، وما له من أثر إيجابي على وضعيتها المالية، وتوفير السيولة المادية لديها؛ كما ثمن عمل مكونات الحكومة على «تعزيز التنسيق والانسجام في ما بينها، وتجاوز الخلافات التي ظهرت في علاقاتها، وخاصة في الواجهة البرلمانية، عبر التوقيع على ميثاق الأغلبية».
التقرير كذلك أثنى على عدم لجوء الحكومة إلى التعيين المكثف بالمناصب العليا، وغياب أي تعيينات حزبية من داخل الأغلبية الحكومية، إذ لم تتجاوز التعيينات أكثر من 9 في مناصب المسؤولية، ذهبت جلها في اتجاه تعيين عمداء لمجموعة من المؤسسات الجامعية التي كانت شاغرة، كما سجلت الوثيقة غياب أي مبادرات أو خرجات تواصلية لرئيس الحكومة، إذ سجل غياب شبه تام له عن التواصل حول مختلف التدابير والإجراءات الحكومية، أو تقديم توضيحات في ما يخص مجموعة من الملفات والقرارات المثيرة للجدل التي اتخذتها الحكومة.
و رصد المصدر نفسه، الارتباك الحاصل في ما يخص تعيين وزيرة الصحة وإعفائها بعد أقل من أسبوع على تنصيب الحكومة، وعودة وزير الصحة السابق إلى منصبه، بدون تقديم أي تفسيرات مقنعة، وبدون فتح أي استشارات ما بين الأحزاب المشكلة للحكومة للتداول في شأن هذه الحقيبة الوزارية المهمة والمحورية في عمل الحكومة؛ وكذا التأخر المسجل في ما يخص تعيين كتاب الدولة، الذين تم التنصيص على تعيينهم في بلاغ إعلان تنصيب الحكومة من طرف الملك، كما سجل عدم ملاءمة الحكومة لاختصاصات وهيكلة مختلف القطاعات الحكومية مع الهندسة والأقطاب الحكومية الجديدة، وعدم اتخاذها أي إجراءات أو تدابير للتعاطي مع الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار مجموعة من المواد الأساسية.
ومن الاختلالات التي رافقت عمل الحكومة في المائة يوم الأولى حسب التقرير السحب المفاجئ وغير المفهوم لمشروع القانون الجنائي من البرلمان، وتبرير الأمر بالرغبة في إدخال مزيد من التعديلات وأخذ الوقت الكافي للإنجاز، بدون تحديد أي سقف زمني واضح، وعدم عقد رئيس الحكومة أي لقاء مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والمهنيين، رغم الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي ميزت انطلاق عمل الحكومة، بالإضافة إلى غياب أي مبادرات في ما يخص الحوار الاجتماعي الوطني مع المركزيات النقابية، حسب التقرير الذي وصف تعامل الحكومة مع ملف أطر الأكاديميات بـ «الفجائي والصدامي»، كما سجل «عدم استجابة الحكومة لنداءات ومناشدات مختلف الفرقاء في ما يخص هذا القرار، أو اتخاذ خطوات تمهيدية له»؛ كما لاحظ «عدم التوجه نحو تعميم التعويضات المالية على مجموعة من القطاعات المتضررة من القرارات المتخذة للحد من جائحة كورونا، وما خلفته من ضرر بالغ على أدائها وعملها ووضعية العاملين بها».
وسجل التقرير «الصمت الحكومي حول الإجراءات المتعلقة بمحاربة الفساد، وعدم إبداء الحكومة أي اهتمام بالملفات الكبرى، من قبيل صناديق التقاعد والمقاصة وغياب أي توجه صريح لديها في هذا الصدد»؛ كما توقف عند «ضعف التواصل الحكومي، والارتباك الكبير في ما يتعلق بتقديم المعطيات وشرح الإجراءات والتدابير التي تتخذها الحكومة، وخاصة خلال الندوة الصحافية الأسبوعية للحكومة».
الشروع في تنزيل السجل الاجتماعي للاستفادة من برامج الدعم
شرعت الحكومة في تفعيل القانون رقم 18. 72، والذي يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، بعد مصادقة البرلمان على هذا القانون في الولاية التشريعية السابقة. ويهدف هذا القانون إلى تحديد الفئات المستهدفة من جميع برامج الدعم الاجتماعي، وسيدخل السجل الاجتماعي الموحد حيز التطبيق في جهة الرباط – سلا- القنيطرة، خلال السنة الجارية، وستعرف الفترة ما بين سنتي 2023 و2025، تعميم السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد على مجموع جهات المملكة.
ويهدف القانون المذكور كذلك إلى إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة، لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، تستند على معايير دقيقة وموضوعية وتعتمد على التكنولوجيات الحديثة لتوفيرها. كما يهدف إلى إحداث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم الاجتماعي، من خلال وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف وشفاف، وتجاوز الإشكاليات التقنية التي تعيق إيصال الاستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات التي تستحقها فعليا، بالإضافة إلى ضمان التنسيق والالتقائية في برامج الدعم الاجتماعي، قصد الرفع من فعاليتها ونجاعتها.
وتقوم هذه المنظومة على أربعة مرتكزات أساسية، أولها إحداث السجل الوطني للسكان، ويهدف هذا السجل إلى توفير المعطيات ذات الطابع الشخصي المتعلقة بالمغاربة والأجانب المقيمين بالتراب المغربي بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها، وتغييرها عند الاقتضاء، بالإضافة إلى توفير هذه المعطيات من أجل تيسير الولوج إلى الخدمات التي تقدمها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية والخاصة. ويفتح باب التقييد في هذا السجل للمواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالتراب المغربي، وتكلل عملية التقييد به بمنح معرف مدني واجتماعي رقمي، يمكن من التحقق من صدقية المعطيات الشخصية المدلى بها من قبل الأشخاص الراغبين في التقييد في السجل الاجتماعي الموحد، من أجل الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.
أما المرتكز الثاني فيتمثل في إحداث السجل الاجتماعي الموحد، الذي يعتبر بمثابة مسجل رقمي يتم في إطاره تسجيل الأسر، قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، وذلك بناء على طلب يقدمه الشخص المصرح باسم الأسرة. كما يهدف إلى معالجة المعطيات الاجتماعية والاقتصادية للأسر بطريقة إلكترونية، من خلال تجميعها وتسجيلها وحفظها وتحيينها، وتغييرها عند الاقتضاء. وسيشكل هذا السجل، المنطلق الوحيد للولوج إلى كافة برامج الدعم الاجتماعي من خلال تحديد مدى قابلية الاستفادة منها، عبر اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، تتم وفق عملية تنقيط مبنية على المعطيات الاجتماعية والاقتصادية المتوفرة، وباستعمال التكنولوجيات الحديثة. ويشترط مشروع هذا القانون للتقييد في السجل الاجتماعي الموحد، أن يكون كل فرد منتم إلى الأسرة الراغبة في الاستفادة من الدعم الاجتماعي، قد سبق له التقييد في السجل الوطني للسكان.
ويتمثل المرتكز الثالث لهذه المنظومة، في ضمان حماية المعطيات الشخصية للأشخاص المقيدين في السجلات، حيث نص مشروع هذا القانون في هذا الصدد، على ضرورة التقيد بأحكام القانون رقم 08. 09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، في ما يخص معالجة هذه المعطيات واستغلالها في مختلف تطبيقات المنظومة الوطنية لتسجيل الأسر والأفراد، وذلك بإلزام الوكالة بالحرص على معالجة المعطيات المضمنة بسجلاتها بطريقة نزيهة ومشروعة، والقيام بتجميعها لأجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في مشروع هذا القانون.
ورابع مرتكزات المنظومة، هو إحداث الوكالة الوطنية للسجلات، حيث أحدث مشروع هذا القانون مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي، من أجل تدبير السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد. كما تتولى الوكالة مهمة السهر على ضمان حماية المعطيات الرقمية وسلامة المنظومة المعلوماتية المتعلقة بالمسجلين فيهما. وتتولى الوكالة أيضا مهمة منح معرف مدني واجتماعي رقمي للأشخاص المقيدين بالسجل الوطني للسكان، بالإضافة إلى تقديم خدمات التحقق من صدقية المعطيات المضمنة بالسجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، ومنح الاعتماد للهيئات الوسيطة في هذا المجال، والعمل على مراقبتها.
وألزم مشروع هذا القانون الوكالة بمعالجة المعطيات المدنية والاجتماعية الرقمية التي يتم تدبيرها من قبل الوكالة، وفق دفتر للمساطر تضعه لهذا الغرض، يتم التقيد في إعداده وتحديد مضامينه بأحكام القانون رقم 08. 09، المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي. ومن أجل اضطلاع الوكالة بالمهام المخولة لها، نص مشروع هذا القانون على أن يديرها مجلس إدارة يتمتع بجميع السلط والاختصاصات اللازمة لتدبير الوكالة، ويسيرها مدير عام يتم تعيينه، وفقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وسيكون السجل الاجتماعي عبارة عن قاعدة مركزية للبيانات الديموغرافية والبيوميترية الخاصة بكافة المغاربة، سيتم الاعتماد عليه للاستفادة من البرامج الاجتماعية والخدمات الإدارية، ويهدف إلى تجميع وحفظ البيانات الخاصة، وكذا التحقق من صدقية المعطيات من خلال اعتماد معرف رقمي مدني واجتماعي، يمنح لكافة السكان على مستوى التراب الوطني، بمن فيهم القاصرون والمواليد الجدد، وكذلك الأجانب الذين يقيمون بالمغرب.
الحكومة شرعت في تنزيل الحماية الاجتماعية لـ22 مليون شخص
شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة. وفي هذا الصدد، صادق مجلس الحكومة على مجموعة من المراسيم التطبيقية لهذا الورش الكبير، فضلا عن إحداث لجنة وزارية وتقنية ستسهر على القيادة وتتبع تنزيل المشروع. ويهدف هذا المشروع الملكي الكبير إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد عن 22 مليون مغربي لا يتوفرون حاليا على أي حماية اجتماعية، وسيمتد تنزيل هذا المشروع على مدى خمس سنوات إلى غاية سنة 2025، حيث تمكنت إلى حدود الآن من توفير الحماية الاجتماعية لما يناهز 11 مليون مغربي ومغربية.
وأكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في اجتماع سابق للمجلس الحكومي، التزام حكومته بتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية في الآجال المحددة لذلك. وذكر رئيس الحكومة بالعناية الشخصية والخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لهذا المشروع، مبرزا أنه «بعد أن تم فتح باب التأمين الصحي والمعاش لفائدة 3 ملايين مواطن ومواطنة، بفضل إسراع الحكومة بإخراج المراسيم التي تهم عددا مهما من الفئات المعنية، ها هي اليوم، ومن خلال مشاريع المراسيم المهمة المعروضة على المصادقة، تواصل بانتظام وثبات استكمال المنظومة القانونية لهذا الورش الوطني».
وأشار أخنوش إلى أن مشاريع المراسيم الجديدة ستضمن التأمين الصحي وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم، على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة لذوي الحقوق المرتبطين بهم. وأبرز أخنوش أنه في الحصيلة العامة، ستكون الحكومة قد فتحت باب التأمين والمعاش أمام ما يقرب من 11 مليون مغربي ومغربية وذوي الحقوق المرتبطين بهم، بالخدمات وسلة العلاجات نفسها التي يستفيد منها أجراء القطاع الخاص وموظفو القطاع العام.
وفي سبيل تقليص الهوة الاجتماعية، تطمح الحكومة لتسريع وتيرة تعميم الحماية الاجتماعية وتعزيز التضامن الأسري والمجتمعي بتضامن مؤسسي إجباري تجاه العاملين وإزاء كبار السن والأشخاص الأكثر فقرا وهشاشة، ومن أجل ذلك يتجسد أول التزامات للحكومة في تعزيز دولة حامية وبناء نظام حماية اجتماعية للجميع.
وتعززت الترسانة القانونية بإخراج القانون الإطار رقم 09.21، المتعلق بالحماية الاجتماعية إلى حيز الوجود بعدما صادق عليه مجلسا البرلمان. ويروم هذا القانون الإطار تحقيق الحماية الاجتماعية باعتبارها مدخلا أساسيا للنهوض بالعنصر البشري لكونه الحلقة الأساسية في التنمية، ولبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية.
وأعلنت الحكومة التزامها بتطبيق الرؤية الملكية الرامية لتعميم الحماية الاجتماعية، من خلال توسيعها لتشمل سائر الفئات النشيطة، وأكد البرنامج الحكومي أن نحو نصف السكان النشيطين لا يستفيدون إلى حدود اليوم من تغطية صحية، وفي العديد من القطاعات، يعاني العاملون الهشاشة ويستسلمون للشعور بعدم الأمان إزاء وضعهم القانوني. وغداة الأزمة الصحية، أورد البرنامج الحكومي، أنه صار الوعي بضمان الاستفادة من حماية اجتماعية رافعة أساسية لتشجيع هذا الانتقال، مشيرا إلى أن التأمين الصحي والتقاعد حقان ينبغي أن تستفيد منهما كل الفئات النشيطة.
ويتألف تعميم الحماية الاجتماعية على كافة النشيطين من شقين، يتيح الشق الأول، عند متم سنة 2022، تعميم الولوج إلى التغطية الصحية الإجبارية لفائدة كل النشيطين، ويتيح الشق الثاني الحق في التقاعد لفائدة كل النشيطين، وستطبق هذه الإصلاحات في أعقاب الحوار الجاري مع فاعلي مختلف القطاعات المعنية.
وتحرص الحكومة على إشراك مختلف المتدخلين في سبيل تحضير إطار يكون فيه ما يجنيه النشيطون من فوائد اجتماعية واضحا ومكفولا بمساهمات معقولة، ويقوم المبدأ على مساهمات نسبية وفقا للمداخيل التي تدرها الأنشطة، مع معادلة تعاضدية لازمة؛ فتعميم الحماية الاجتماعية لسائر النشيطين لن يتحقق إلا بانخراطهم جميعاً.
وموازاة مع توسيع نطاق الاستفادة من الحماية الاجتماعية للعاملين، ستعمل الحكومة على تعزيز مراقبة إلزامية انخراط الأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويقترح البرنامج الحكومي مواكبة أرباب العمل الذين لا يساهمون بشكل كامل قبل حلول استحقاقات الأجراء، أو تطبيق أحكام زجرية عند الاقتضاء، لأن الحقوق المكتسبة للأجراء لا يمكن انتهاكها لأي سبب كان.
وتلتزم الحكومة، كذلك، بتعميم التغطية الصحية لغير النشيطين، وأكد البرنامج الحكومي أن الحكومة ستكرس السنة الأولى للولاية في المقام الأول لإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، مشيرا إلى أن فئة عريضة من المواطنات والمواطنين مقصية من الحماية الاجتماعية، وهذه حال كثير من النساء غير العاملات والأشخاص العاطلين وذوي الدخل المحدود، فضلا عن المسنين ممن تزيد أعمارهم عن 65 سنة والمستهدفين من خلال توفير دخل أدنى قار يدعى «مدخول الكرامة» الذي تلتزم الحكومة بإحداثه.
وأكد البرنامج الحكومي أن التبعات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع معدل التغطية الاجتماعية تُحَمِّلُ البلاد كلفة باهظة، ولن يكفي فتح باب الحقوق لسائر الفئات النشيطة في القطاع المهيكل لتعميم الحماية الاجتماعية، لهذه الغاية، ستقوم الحكومة بتوسيع نطاق الاستفادة من نظام الحماية الاجتماعية ليضم الأشخاص الذين ظلوا خارج دائرة النشاط الاقتصادي، وذلك عبر تغطية صحية شاملة مقابل مبلغ جزافي يُحتسب على أساس إمكانيات كل فرد. وضمانا لتغطية الأسر الفقيرة، ستتم تعبئة موارد الدولة لدعم المساهمات في نظام التغطية الصحية.
ويروم دعم الدولة والتعديلات التعريفية توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين الصحي عبر إدماج كافة الأشخاص الذين لا يتمتعون اليوم بتغطية صحية، انتصارا لمبدأ الإنصاف. واعتبر البرنامج الحكومي أن تعميم التأمين الصحي الإجباري سيكون حافزا إضافيا لإقامة نظام التكفل المباشر من خلال البطاقة الذكية التي تتيح خصومات مباشرة، كليا أو جزئيا، على مصاريف العلاج.
ويمهد قانون المالية لسنة 2022 الطريق لتنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية، من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش. وأوضحت مذكرة تقديم القانون أنه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش لشهر يوليوز 2020، والتي تدعو إلى «تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة»، ستواصل الحكومة تنفيذ هذا الورش من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال له.
وأضاف المصدر ذاته أنه، وفي هذا الإطار، ستعرف سنة 2022 إطلاق المرحلة الثانية من تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال توسيع نطاق المستفيدين ليشمل الفئات الهشة والفقيرة، والتي تستفيد حاليا من نظام المساعدة الطبية «راميد».
وعلاوة على ذلك، ومن أجل تفعيل تعميم التعويضات العائلية ابتداء من سنة 2023، ستنكب الحكومة على تسريع تفعيل السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف أكثر فعالية، كما ستعمل على الإصلاح التدريجي لنظام المقاصة بهدف توفير هوامش مالية لتمويل هذا المشروع الهام.
وسجلت مذكرة التقديم أن ورش تعميم التغطية الاجتماعية يتضمن أربعة محاور، وهي تعميم التغطية الصحية الإجبارية، في متم 2022، والتي ستمكن 22 مليون مستهدف إضافي من الاستفادة من التأمين الأساسي عن المرض، والذي سيغطي تكاليف العلاج واقتناء الأدوية والرعاية والاستشفاء، ويشمل المحور الثاني تعميم التعويضات العائلية لفائدة حوالي سبعة ملايين طفل في سن التمدرس، فيما يتضمن المحور الثالث توسيع قاعدة الانخراط في نظام التقاعد من خلال إدماج حوالي خمسة ملايين مغربي من الساكنة النشيطة التي لا تتوفر على حق التقاعد.
أما المحور الرابع فينص على تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل بالنسبة لكل شخص يتوفر على شغل قار، وحسب المصدر ذاته، سيتم، بناء على التعليمات الملكية، تنزيل هذا الإصلاح، الذي تبلغ تكلفته السنوية حوالي 51 مليار درهم، بصفة تدريجية على مدى خمس سنوات، مع تعميم التأمين الإجباري عن المرض (2021-2022)، وتعميم التعويضات العائلية (2023-2024)، وكذا تعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل في أفق سنة 2025.
وفي إطار تنزيل هذا الورش، تم اتخاذ العديد من الإجراءات، لا سيما استباق تنزيل تعميم الحماية الاجتماعية عبر برمجة غلاف مالي يقدر بـ 4,2 مليار درهم لتنزيل تعميم التأمين الإجباري عن المرض.
ثلاثة أسئلة
محمد العمراني بوخبزة *
*محلل سياسي وأستاذ القانون العام بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة
«الحكومة تمكنت من تحقيق التجانس بين مكوناتها ويجب تفادي بعض الخرجات المؤثرة»
ما هي أهم المحاور التي اشتغلت عليها الحكومة، خلال المائة يوم الأولى من ولايتها، ووفقت فيها؟
إن الحكومة قد اشتغلت خلال المائة يوم الأولى من ولايتها هذه على إعداد قانون المالية 2022، وهو الذي يظهر من خلاله التوجهات المالية الكبرى للحكومة خلال هذه السنة، على الرغم من أن هذه التوجهات الكبرى الواردة في القانون المالي 2022، ربما تكون الحكومة السابقة قد حددتها في شهر يوليوز، على اعتبار أن مسطرة إعداد القانون المالي، مسطرة طويلة تنطلق على الأقل في شهر يوليوز، ورغم ذلك فقد لاحظنا ما يمكن اعتباره لمسة الحكومة الجديدة في هذا القانون، وهي اللمسة التي تجلت في تعزيز التوجهات المرتبطة بما يسمى الدولة الاجتماعية، وهو التوجه الذي ظهر من خلال القانون المالي. بالإضافة إلى اشتغال الحكومة، خلال هذه الفترة، على إتمام المشاريع والأوراش المفتوحة، حيث إن التوجه والطابع في الممارسة السياسية المغربية والخصوصية، هو أن ما هو استراتيجي من مشاريع يبقى من اختصاص الملك، وهي المشاريع التي تتجاوز العمر الافتراضي للحكومة والزمن الحكومي، والحكومة التي تنبثق عن الانتخابات تبقى مطالبة بمواصلة هذه الأوراش. وكما هو معلوم فهناك الحديث عن مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، حيث إن الحكومة الحالية قامت بتنزيل عدد من النصوص القانونية المؤطرة للحماية الاجتماعية الشاملة، وهذا مهم جدا لأن هناك رزنامة مرتبطة بهذا الورش، ويجب أن تتم بالشكل الذي تم تحديده مسبقا، وعلى اعتبار أن الورش يضم أربعة محاور أساسية، وكل محور رهين بسقف زمني محدد. وبالتالي يتضح أن الحكومة جادة في تنزيل تعميم الحماية الاجتماعية، والجانب الأساسي في هذا الأمر، هو الجانب القانوني الذي اشتغلت عليه الحكومة، وهو الجانب المؤطر والمدقق.
أما الجانب الثاني في قرارات الحكومة، وهو الحفاظ على القدرة الشرائية، إذ لاحظنا أن الحكومة قد رصدت مبلغا ماليا مهما تمثل في 16 مليار درهم، وهو ما يحمل إشارات إيجابية، بالإضافة إلى مباشرة الحكومة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، وهو ما لاحظناه من خلال قرارات التنزيل التي باشرها الوزير الوصي على القطاع، وهي قرارات تصب في منحى الاهتمام بالموارد البشرية، رغم أن هذا الأمر قد خلق نقاشا حادا في ما يتعلق بالنقطة المرتبطة بتسقيف سن التوظيف، ضمن أطر الأكاديميات. وبالتالي نلاحظ أن بداية العمل في الأشهر الأولى للحكومة، اتسمت ببدء تنزيل بعض الأوراش التي كان إطلاقها في الولاية السابقة، ثم المبادرة إلى طرح مجموعة من الأوراش الجديدة.
ما هي الانتقادات التي رافقت العمل الحكومي، خلال هذه المائة يوم الأولى؟
إن كانت هناك بعض الأمور التي تثير الرأي العام وعلى الحكومة أن تشتغل عليها بطريقة وبأسلوب مغاير، وهذا من عدة جوانب، أولها المتعلقة بالتواصل، حيث إن رئيس الحكومة أقل ظهورا، والرأي العام في حاجة إلى المعلومة الرسمية على لسان كبار المسؤولين، بالإضافة إلى أن اشتغال بعض المسؤولين الحكوميين، والوزراء بالتحديد في إطار الحكومة، تكتنفه بعض الأخطاء التي قد تشكل إحراجا كبيرا للحكومة، وهو الأمر الذي يجب تجنبه وتجاوزه، فعدد من الخرجات قد تؤدي إلى آثار عكسية، وبالتالي وجب الحرص على عدم إحراج الحكومة، وأن لا تكون هناك المبالغة في إفراغ بعض القضايا الهامة من مضمونها. وقد لاحظنا أن الصراع محتدم في بعض قطاعات الحقل العمومي في المغرب، كما كان الشأن بالنسبة إلى الخلاف الذي أشعله فرض الجواز الصحي بالمحاكم، وتلاه احتجاجات المحامين عليه، وبالتالي من الضروري التنبيه إلى أخذ الحيطة والحذر في التصريح واتخاذ بعض القرارات. ومن الأفضل عدم إحراج الحكومة في هذه الفترة، على اعتبار أن هناك تمييزا بين السياسي والوزير، فإن كان السياسي يخضع بالأساس للضوابط الحزبية، فإن الوزير بالدرجة الأولى يخضع لضوابط الحكومة، وتعاقد هذه الحكومة مع المواطنين عبر برنامجها الحكومي، وأي هفوة من الوزير قد يتم استغلالها من طرف أطراف أخرى، وقد تؤدي إلى تقويض عمل الحكومة في قطاع معين.
ما تقييمكم لتماسك مكونات الحكومة، هل استطاعت الأغلبية تحقيق التجانس؟
يمكن القول إنه إلى حد الآن هناك تماسك جيد في التدبير الحكومي، وهناك عدة منطلقات نعتمد عليها، منها الجانب المتعلق بتشكيل الحكومة، حيث إن هذه الحكومة مشكلة من ثلاثة أحزاب وليس ستة أحزاب، وهذا العدد هو متحكم فيه، بالإضافة إلى أن الأغلبية الحكومية تتشكل كلها من أحزاب متقاربة على المستوى الإيديولوجي، إذ إنها كلها يمينية، وعلى الرغم من أنه قد تم تسجيل بعض الإشارات السلبية في بداية العمل الحكومي، وهي الإشارة المرتبطة بخرجات نور الدين مضيان، رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، والذي بدا وكأنه يلعب على الحبلين، بين المعارضة والأغلبية، وهو الأمر الذي لا يستقيم في الحالة الراهنة، لكن على العموم، يظهر أن الحكومة بدأت تكتسب التجانس والتكامل والتضامن بين مكوناتها، وهو الأمر الذي مكنها من تجاوز امتحانين بنجاح، الأول المرتبط بتسقيف سن اجتياز مباراة التعليم، والثاني المتعلق بفرض الجواز الصحي، بحيث إنه كان هناك تضامن من كل مكونات الحكومة، ولم يخرج أي حزب ليتملص من المسؤولية في هذه النقطة، على الرغم من أن هناك بعض المواقف السابقة، كتلك المعلقة بحزب الاستقلال في ما يخص إصلاح التعليم مثلا، ورغم ذلك لاحظنا أن هناك تماسكا وتضامنا، وهناك ميثاق الأغلبية الذي يحدد الضوابط بين الأحزاب المشكلة للحكومة، التي يظهر أنها مستعدة لمواجهة الكثير من محطات الامتحان، بحكم أن الشق الاجتماعي الذي تشتغل عليه الحكومة والذي وضعته شعارا لها، فيه متدخلون آخرون إلى جانبها، وهم النقابات وإن كانت الحكومة الحالية لا تتوفر على دعم نقابي قوي، باستثناء نقابة حزب الاستقلال، بخلاف المعارضة التي تتوفر على أذرع نقابية، كما هو الشأن بالنسبة لنقابة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ونقابة العدالة والتنمية، بالإضافة إلى التقارب بين حزب التقدم والاشتراكية والاتحاد المغربي للشغل.