شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

وهبي يرفض تدخل القضاة في التشريع ويتهم جمعيات بالابتزاز 

أثناء المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المسطرة الجنائية

محمد اليوبي

شن عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، أول أمس الثلاثاء، أثناء المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المسطرة الجنائية، بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، هجوما قويا على جمعية مهنية تمثل القضاة، متهما إياها بممارسة العمل النقابي والتدخل في شؤون التشريع البرلماني، كما هاجم جمعيات حماية المال العام، التي اتهمها بممارسة الابتزاز في حق المسؤولين ورؤساء الجماعات، بذريعة «محاربة الفساد وحماية المال العام».

وأكد وهبي أن القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية خضع لمراجعة شاملة، حيث تم تعديل 421 مادة منه، متضمنة مجموعة من المستجدات الهامة، بالإضافة إلى تدقيق الصياغة والمصطلحات وتحقيق الانسجام مع النصوص القانونية الأخرى، وأبرز أن هذا النص «جاء من أجل استيعاب التحولات التي شهدها المغرب، خاصة بعد دستور 2011، الذي نص على مجموعة من المبادئ التي يفترض أن تجد انعكاسها في مختلف القوانين، لضمان انسجامها مع المعايير الدولية المتعارف عليها»، وقال وزير العدل إن مشروع قانون المسطرة الجنائية «يعتبر جوهر الديمقراطية، إذ يمكن المواطن من معرفة حقوقه وحرياته في مجتمع يحترم سيادة القانون».

ودعا وهبي إلى احترام الدستور الذي ينص على فصل السلط، وأكد أنه لا يجوز للقضاة التدخل في التشريع إطلاقا، ولا يمكنهم إبداء رأيهم، إلا إذا طُلب منهم وفق الفصل 113 من الدستور، وأوضح وهبي أن الدستور ينص على فصل السلط، وبالتالي فإنه كوزير يمثل السلطة التنفيذية غير ملزم بطلب رأي السلطة القضائية، المفترض أن دورها هو التنفيذ والتطبيق، لكن لا يجوز لها التدخل في عمل السلطة التشريعية، أو السلطة التنفيذية، وأشار إلى أنه يناقش مع الرئيس المنتدب للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، ويتبادل معهما الآراء في جو من الاحترام، لكن لا يجوز لهما التدخل في التشريع، لأنه من اختصاص البرلمان، مبرزا أن الفصل 109 من الدستور يمنع السلطة التشريعية من التدخل في القضاء، و«بالتالي يجب أن يحترم القضاء استقلال السلطة التشريعية وألا يتدخل فيها، كما يجب على السلطة التشريعية أن لا تتدخل في عمل السلطة القضائية».

وأضاف وهبي قائلا: «نحن لا نتدخل في أحكام القضاء، ولكن حين يحاول شخص ما تحويل جمعية إلى نقابة وفرض تدخلها في التشريع، فهذا أمر غير مقبول»، في إشارة إلى نادي قضاة المغرب، الذي طالب رئيسه بإشراك الجمعيات المهنية للقضاة في إعداد قانون المسطرة المدنية، مشيرا إلى أنه «في بعض الدول، يُطلب منك الاستقالة، إذا أردت التدخل في التشريع من موقعك القضائي»، وأضاف: «علينا جميعا منع أي تدخل غير مشروع، لأن فصل السلط هو العمود الفقري للدستور، وأي شخص يريد إبداء رأيه في التشريع يجب أن يعود إلى الدستور».

وهاجم وهبي جمعيات حماية المال العام، أثناء مناقشة المادة 3، التي تنص على أنه «لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو أي هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك».

وأوضح وزير العدل بشأن هذه المادة أن الهدف منها هو «وضع حد لبعض الممارسات المنافية للقانون، التي تقوم بها بعض الجمعيات التي ترفع شكايات في وقت توجد مؤسسات موكول إليها ذلك، وكذا وضع حد لتراكم الشكايات لدى النيابة العامة»، وأفاد في هذا الصدد بأن عدد الشكايات التي قدمتها جمعيات بشأن تبديد واختلاس أموال عمومية، وصلت خلال سنة 2024 إلى 106 شكايات، منها 61 قيد المتابعة، و8 قيد المحاكمة، فيما تم حفظ 31 شكاية، و6 أخرى قيد المحاكمة.

وأعلن وهبي، خلال الاجتماع، رفضه لأي تعديل للمادة الثالثة من مشروع القانون، يمنح الحق لهذه الجمعيات في مقاضاة المسؤولين والمنتخبين، وقال: «أُقسم بالله أنني لنْ أقبل أي تعديل في المادة الثالثة، وهذا لأن لديّ قناعة مطلقة بخصوصها»، قبل أن يستدرك بالقول بأنه قد يصوم ثلاثة أيام، فقط إذا كان التعديل معقولا، وصرح وهبي أنه يفكر في منح رؤساء الجماعات الترابية حق الامتياز القضائي، لحمايتهم من الابتزاز عن طريق الشكايات الكيدية، وأكد أن الهدف من ذلك هو إعادة الهيبة والمصداقية للعمل السياسي، في ظل تناسل شعارات محاربة الفساد التي تعد أسهل ما يمكن فعله من طرف بعض الجمعيات، التي تُمارس الابتزاز في حق المسؤولين ورؤساء الجماعات، من خلال شكايات كيدية ووشايات كاذبة.

وطالب وهبي بإجراء افتحاص وتحقيق لمعرفة مصادر أموال رؤساء بعض الجمعيات، التي تدعي محاربة الفساد وحماية المال العام، وقال: «أصبحنا بسبب شعارات محاربة الفساد نرى عجباً ووشايات أصحابها لهم فيلات فارهة وسيارات فاخرة، فمن أين لهم هذا وهم يدّعون محاربة الفساد؟ بل بعض تلك الجمعيات من أكثرهم فسادا».

وفي الوقت الذي أكد فيه بعض النواب مشاطرتهم لما ذهب إليه وزير العدل بشأن المادة 3 من مشروع القانون، أثار نواب آخرون إشكالية تعارضها مع الدستور، «الذي يمنح الجمعيات دورا في إعداد السياسات العمومية والعمل على تنفيذها وتقييمها»، كما عبر بعض النواب عن رفضهم لهذا المقتضى الجديد، داعين إلى تخويل الجمعيات حق إقامة الدعوى العمومية، مع تقييد هذا الحق بشروط، ومتابعتها قضائيا في حالة استغلالها لصفتها، من أجل الابتزاز أو ارتكابها أفعالا يعاقب عليها القانون.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى