شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

وجع الصحة.. عندما تصبح الأدوية جزءا من الأزمة

نعيمة لحروري

مقالات ذات صلة

يبدو أن الأدوية في المغرب ليست فقط لعلاج الأمراض، بل صارت أيضا أدوات لقتل جيوب المرضى، وربما أحلامهم بالشفاء. في بلد يوصف بـأنه «جنة الأسعار الباهظة للدواء»، من الواضح أن صحة المواطن باتت آخر هموم الشركات المستوردة واللوبيات المهيمنة على القطاع، فما معنى أن تستورد دواء بـ10 دراهم وتبيعه بـ70 أو 80 درهما؟ هذا ليس تسويقا، بل أقرب إلى «نصب صحي» معتمد.

فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، كشف عورة القطاع بكل صراحة، عندما تحدث عن هوامش أرباح تصل إلى 300 في المائة بين التصريح الجمركي وسعر البيع النهائي. كيف يحدث هذا؟ الإجابة بسيطة: لا رقابة، لا مساءلة، فقط جشع يقتات على آلام المرضى. المؤسف أن بعض الشركات المستوردة لا تكتفي بزيادة الأسعار، بل تفرض علينا تكلفة انقراض الأدوية من السوق، لتصبح صحتنا معتمدة على «مزاج السوق العالمية».

بالطبع، عندما نسمع أرقاما مثل أن أسعار الأدوية في المغرب أغلى من نظيرتها في أوروبا بثلاثة أو أربعة أضعاف، يحق لنا التساؤل: هل نحن أغنى من الفرنسيين والبلجيكيين، أم أن صحة المواطن المغربي رفاهية تستحق ضريبة خاصة؟ الأمر يزداد مأساوية عندما نعرف أن الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السكري، السرطان، وضغط الدم هي الأكثر تأثرا بهذا الغلاء الفاحش.

الحكومة المغربية، ورغم تصريحاتها النارية، لم تتمكن حتى الآن من كسر قبضة اللوبيات المهيمنة.

تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة كشف المستور: سوق الأدوية في المغرب يعيش على الاحتكار والجشع، مع غياب شبه تام للشفافية. والأسوأ أن الصناعة الوطنية التي يُفترض أن تكون البديل، تُعاني من قيود إدارية تجعلها عاجزة عن تلبية احتياجات السوق. فبدلا من دعم التصنيع المحلي، نرى إجراءات معقدة تستغرق سنوات لتصنيع دواء واحد، بينما يُفرَش السجاد الأحمر لاستيراد الأدوية الجاهزة بأسعار فلكية.

هذا الوضع لا يؤثر فقط على المرضى، بل يهدد منظومتنا الصحية بأكملها. وفقا للتقارير، الأدوية تُشكّل 40 في المائة من تكلفة النظام الصحي المغربي، مقارنة بـ18 في المائة فقط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. هذا يعني أن جيوب الأسر المغربية تتحمل عبئا مضاعفا، رغم التغطية الصحية الشاملة.

أما عن الحلول، ففي الوقت الذي يدعو فيه البعض إلى فرض رسوم جمركية على الأدوية المستوردة وتشجيع الصناعة الوطنية، يُفضل آخرون، كهيئة صيادلة المغرب، التهرب من النقاش بحجة «السيادة الدوائية». ولكن عن أي سيادة نتحدث، ونحن ما زلنا نستورد 75 في المائة من أدويتنا؟

الطريق إلى الإصلاح يبدأ من كسر هذا الاحتكار. يجب أن تُفرض قواعد جديدة تُحدد هوامش الربح بشكل صارم، وتُراقب تكاليف التصنيع والاستيراد بشفافية مطلقة. الصناعة الوطنية بحاجة إلى دعم حقيقي، لا شعارات. والأهم، يجب أن تُحمى صحة المواطن المغربي من أن تكون سلعة في سوق مفتوحة للجشع.

إلى متى سيبقى المرضى هم الحلقة الأضعف؟ إلى متى ستستمر بعض الشركات في استنزاف جيوبنا باسم الدواء؟ أسئلة كثيرة بلا إجابات واضحة، في انتظار تدخل شجاع يعيد للمغاربة حقهم في العلاج.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى