كشف أطباء وممرضون تفاصيل مثيرة تعيشها مصلحة الأمراض النفسية والعقلية بالمركز الاستشفائي الإقليمي لإنزكان، والتي تستدعي تضافر الجهود وإصلاحا جذريا لهذه المصلحة، عبر إعادة تهيئتها وفق المعايير العلمية، مع توفير ظروف ملائمة للاستشفاء تحترم الكرامة الإنسانية وتراعي خصوصية المرضى النفسانيين، والعمل على توفير الموارد البشرية الكافية وتحفيزها وتوفير ظروف اشتغال سليمة، إضافة إلى تزويد هذا القسم بشكل مستمر بجميع الأدوية الضرورية وبالأجيال الجديدة لمضادات الذهان مع احترام طاقته الاستيعابية، وتخصيص ميزانية استثنائية خاصة بالوجبات الغذائية المقدمة للمرضى وتحسينها كما وكيفا لسد حاجياتهم.
وحسب المعطيات، فإن مصلحة الأمراض النفسية والعقلية تعاني من مشاكل متعددة ساهمت جميعها في تدهور الخدمات المقدمة للمرضى. فعلى مستوى بنية هذه المصلحة وتجهيزاتها ومرافقها، كشف تقرير صادم لكل من النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بإنزكان، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة بإنزكان، أن بنية وهندسة هذه المصلحة لا تساعد على السلاسة في العمل وتصعب من عملية مراقبة المرضى، حيث إن أجنحتها متباعدة ومتفرقة، إضافة إلى الاكتظاظ الكبير للنزلاء بهذه المصلحة، حيث تتجاوز طاقتها الاستيعابية المقدرة في 70 سريرا لتصل باستمرار إلى أزيد من 100 نزيل، فيما تم تحويل جزء من هذه المصلحة إلى مصلحة الترويض الطبي.
إلى ذلك تعاني هذه المصلحة من نقص كبير في عدد غرف العزل، مقارنة بعدد النزلاء، إذ إن عددها لا يتجاوز 12 غرفة، مع غياب أسرة تتوفر على وسائل تثبيت طبية للمرضى في حالة هيجان، أو لديهم أفكار انتحارية، ما قد يسهم في تعريض سلامتهم للخطر.
أما بخصوص الأدوية الخاصة بنزلاء مصلحة الأمراض العقلية والنفسية، فقد سجل الأطباء والممرضون بهذا المستشفى نقصا حادا في مجموعة من الأدوية الضرورية، وانقطاعات مستمرة في التزود بها كمضادات الذهان ومضادات الاكتئاب، ومضادات الذهان التي تعطى عن طريق الحقن وتلك المزيلة للقلق. ويؤدي النقص الكبير لهذه الأدوية إلى تدهور حالة المرضى، وإلى طول مدة الاستشفاء وتعقيد مهمة مقدمي العلاج مع تزايد الخطر الذي يشكله المرضى على بعضهم البعض وعلى الأطر الصحية.
وبخصوص وسائل العمل بهذه المصلحة الطبية، فإن هناك نقصا حادا في الأطر التمريضية المختصة، بسبب تنقيل مجموعة من الممرضين في الصحة النفسية للعمل بأقسام أخرى، ومغادرة البعض بسبب الإحالة على التقاعد أو بسبب إتمام مسارهم الدراسي دون تعويضهم، حيث يتكون طاقم العمل في أغلب الأحيان من ممرضين إلى ثلاثة يتولون الإشراف على أزيد من 100 نزيل. ومما زاد من تأزيم الوضع إقدام إدارة المستشفى، دون أي مقاربة تشاركية، على إحداث نظام عمل لا يراعي هذا النقص، حيث تم تقسيم مصلحة الأمراض النفسية إلى أربعة أجنحة وتكليف ممرض واحد بكل جناح، حيث تبقى بعض الأجنحة بدون أي ممرض، رغم أن ممرضا واحدا غير كاف بتاتا للإشراف على بعض الأجنحة التي تضم 60 مريضا في بعض الأحيان. فضلا عن أن هذا التقسيم لا يراعي إطلاقا طبيعة العمل بهذه المصلحة، والتي تستدعي العمل ضمن فريق وليس بشكل فردي، إذ إن معظم الحالات تشكل خطورة على مقدمي العلاج. كما تفتقد مصلحة الأمراض العقلية والنفسية بإنزكان إلى قاعة للعلاج تكون مجهزة وتراعي خصوصية المرضى وتحفظ كرامتهم.