شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

هيكلة متعثرة

من أبرز المشاكل التي تعانيها المدن والقرى المغربية تعثر مشاريع الهيكلة، واستمرار مشاكل وفوضى القطاع غير المهيكل في قطاعات التجارة والصناعة والفلاحة، ما يعرقل كافة برامج التنمية المنشودة، ويتطلب توفير بدائل حقيقية من قبل القطاعات الحكومية والمجالس المنتخبة، عوض الاستغراق في الحلول الهشة والصفقات العمومية الفاشلة التي تنتهي بضياع المال العام دون جدوى، واستفاقة المواطنين على استمرار الوضع وانتقاله من سيئ إلى أسوأ.

إن الحفاظ على وجه المدن من مظاهر الفوضى والعشوائية التي تخدش الجمالية وتهدد سلامة المارة، يعتبر من أبرز مداخل تجويد الحياة والمساهمة في جلب السياحة، وإحساس المواطن بنعمة النظام والعيش في فضاء مشترك يحترمه الجميع، عوض الفوضى العارمة في احتلال الملك العام، والتلوث، والاكتظاظ وتحول تجزئات سكنية وأحياء إلى ورشات مفتوحة.

لقد توالت العديد من حوادث الحرائق والاختناق، وشكايات الضوضاء والتلوث، بسبب الفوضى المرتبطة بالورشات غير المهيكلة التي تنتشر بالأحياء، وعدم احترام قانون ومدونة الشغل، والتهرب من الضرائب بطرق ملتوية، والمعامل السرية التي تنتج موادا غير قانونية أو ممنوع تسويقها بالأسواق الداخلية مثل إعادة تدوير أنواع من البلاستيك الضار بالبيئة.

من واجب المؤسسات المعنية تفعيل المحاسبة وفق الصرامة المطلوبة في تعثر مشاريع الهيكلة، والفشل الذريع في معالجة ملف الباعة الجائلين رغم الوعود المتكررة لسنوات طويلة من قبل المجالس الجماعية، حيث تم تشييد أسواق ومراكز تجارية بالملايير من المال العام، دون النجاح في معالجة معضلة احتلال الملك العمومي وتشويه المنظر العام وتخريب الممتلكات العمومية.

إن من أبرز أسباب الفشل في الهيكلة غياب تفعيل المجالس الجماعية لدور الشرطة الإدارية، وتمكينها من المعدات والموارد البشرية ما يمكن من خلاله القيام بمهامها، عوض التفرج على الحملات التي تقوم بها السلطات المحلية، وعدم المبادرة لإيجاد حلول ناجعة لفوضى القطاعات غير المهيكلة، والركوب الانتخابوي لملفات اجتماعية أبرزها البطالة.

نحن مقبلون على تنظيم تظاهرات رياضية قارية وعالمية، ومغرب 2030 لتحقيق الإقلاع الاقتصادي والرفع من مؤشرات التنمية، لذلك فإن جميع المؤسسات المعنية والفعاليات الحية بالمجتمع وجب أن تكون في مستوى المرحلة، من حيث تجويد الخدمات العمومية، وجمالية المدن والمنظر العام، وتحرير الملك العمومي، وفتح الفضاءات العامة وتهيئتها باعتبارها ملكا مشتركا للجميع، والتوعية والتحسيس بأن الفوضى ليست مرادفا لكسب الرزق بالنسبة للطبقات الهشة والفقيرة.

على جميع الجهات المعنية الإسراع بتنزيل استراتيجيات واضحة تُمكن من تجاوز المرحلة الانتقالية من فوضى القطاع غير المهيكل إلى فضاء الهيكلة، وذلك بتوفير فرص الشغل المستقرة، وتهيئة فضاءات خاصة بالممارسات المهنية في الصناعة والفلاحة والتجارة، ووضع برامج لإنجاحها وتتبع تحقيق الأهداف المطلوبة، مع الحذر من عقلية الحملات وعودة كل شيء إلى نقطة الصفر تحت إكراهات ومبررات تكون أحيانا موضوعية في ظاهرها ومصنوعة باحترافية في الكواليس لما في فوضى القطاعات غير المهيكلة من مداخيل الفساد والرشوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى