شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

هل هي بداية قطف رؤوس لصوص البرنامج الاستعجالي؟

الحبس النافذ لمدير سابق لأكاديمية سوس وصاحبة شركة وزوجها 

محمد اليوبي

 

أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوم الجمعة الماضي، أحكاما بالحبس النافذ في حق مسؤولين متهمين في ملف اختلالات البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم على صعيد أكاديمية جهة سوس ماسة، ضمنهم مدير سابق للأكاديمية، وصاحبة شركة وزوجها استفادا من صفقات الأكاديمية.

وقضت المحكمة بمؤاخذة المتهمين من أجل ما نسب إليهم، وحكمت على علي براد، المدير الأسبق للأكاديمية، بسنتين ونصف السنة حبسا نافذا، ومعاقبة كل واحد من المتهمين «بشرى. ج» وزوجها «نور الدين.م» بسنتين حبسا نافذا، ومعاقبة كل واحد من باقي المتهمين بسنتين حبسا نافذا في حدود سنة واحدة وموقوف التنفيذ في الباقي، كما صرحت غرفة الجنايات بعدم مؤاخذة ثلاثة متهمين آخرين وقضت ببراءتهم من المنسوب إليهم.

وتابعت المحكمة مدير الأكاديمية الأسبق من أجل «تبديد واختلاس أموال عامة ومنقولة موضوعين تحت يده بمقتضى وظيفته، والتزوير في محرر رسمي واستعماله، والتزوير في محرر تجاري»، والمشاركة في ذلك بالنسبة إلى باقي المتهمين في الملف، وتم تحريك المتابعة في حقهم بناء على الأبحاث القضائية التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في هذا الملف الذي هز الرأي العام الوطني، نظرا إلى المبالغ التي تم اختلاسها من خلال صفقات تدخل في إطار البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، وعرفت هذه الصفقات اختلالات خطيرة شابت عملية صرف الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج، والتي فاقت مبلغ 43 مليار درهم.

ويستفاد من وثائق الملف أنه بناء على ما ورد بتقرير المجلس الأعلى للحسابات من خروقات شابت صفقات توريد معدات تقنية بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، تتعلق بعشر صفقات خاصة باقتناء وتسلم عتاد ديداكتيكي، أبرمت من طرف الأكاديميات مع شركتي « «MATSIND

و««SDMTI، كما تمت الإشارة بالتقرير كذلك إلى كون الوسائل التربوية والمختبرات المتنقلة المقتناة غير صالحة للتدريس وغير مطابقة لمعايير الجودة المدرجة بدفتر التحملات الخاص بالصفقات المبرمة.

وكانت رئاسة النيابة العامة قد توصلت بملف حول الاختلالات المالية للبرنامج الاستعجالي، بعدما تفجرت فضيحة التسجيلات الصوتية لمديرة سابقة لإحدى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، كما أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا موضوعاتيا حول تقييم المخطط الاستعجالي لوزارة التربية الوطنية، كشف من خلاله اختلالات خطيرة شابت عملية صرف الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج والتي فاقت مبلغ 43 مليار درهم، كما قام المجلس بمراقبة عدد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين خلص من خلالها إلى ضرورة التحقق من ظروف إعداد وبرمجة وتنفيذ المخطط الاستعجالي، وكذا المنجزات التي تم تحقيقها.

وكشفت الأبحاث والتحريات وجود اختلالات على مستوى إعداد وإبرام الصفقات وسندات الطلب، انطلاقا من غياب آليات مضبوطة لتحديد الحاجيات الملحة من الوسائل التعليمية، وخرق بعض المقتضيات القانونية المؤطرة لعملية إبرام الصفقات العمومية من نشر طلبات العروض، ونتائج الصفقة، وتحديد أعضاء لجان فتح الأظرفة بتعيينات مسؤولة ورسمية، ثم الإخلال بمبدأ المنافسة الحرة وتكافؤ الفرص، مع تسجيل تواطؤ كبير مع شركتين، من خلال الضغط على المصالح الجهوية والإقليمية عبر توجيه المواصفات التقنية وجعلها تتطابق مع البيانات والعينات الخاصة بالشركتين، وتجزيء الطلبيات إلى سندات طلب عوض تجميعها في صفقة واحدة، واللجوء إلى منافسات صورية لإبرام سندات الطلب، والتلاعب في أثمنة بعض التجهيزات المسلمة من صفقة إلى أخرى.

وحصلت الشركتان على أكثر من 80 في المائة من الصفقات الخاصة باقتناء العتاد الديداكتيكي، أبرمت معهما بشكل منفرد، أو هما معا ضمن «تجمع» بين الشركتين، ووقفت لجان التفتيش على معطيات مثيرة تتعلق بإبرام ست أكاديميات لوحدها عددا مهما من الطلبيات العمومية بلغ 173 صفقة وسندا للطلب من أصل 214، وهو ما يشكل 80 في المائة من مجموع النفقات.

وحصلت «الأخبار» على معطيات جد دقيقة تتعلق بافتحاص كل الأكاديميات الجهوية التي تعاملت مع الشركتين، ويتعلق الأمر بثماني أكاديميات مصنفة ضمن التقسيم الجهوي القديم، تم تداول أسمائها ضمن تسجيلات هاتفية وصفت بالخطيرة جرت بين مديرة أكاديمية الرباط سابقا، وصاحبة إحدى الشركات المتخصصة في بيع وتسويق معدات العتاد الديداكتيكي، وهي أكاديميات فاس بولمان، الرباط سلا زمور زعير، الشاوية ورديغة، طنجة تطوان، تادلة أزيلال، الدار البيضاء الكبرى، مراكش تانسيفت الحوز، وسوس ماسة درعة.

وبعد تفجر فضيحة التسجيلات الهاتفية تم إجراء افتحاص لعينات من الصفقات وسندات الطلب التي أبرمت مع الشركتين المذكورتين، والتي تملك صاحبة التسجيلات الهاتفية واحدة منها، فيما يملك زوجها الأخرى، أسفر نتائج الافتحاص عن تسجيل اختلالات خطيرة بالأكاديميات التي تعاملت بشكل مباشر مع الشركتين نفسيهما، مع استثناء أكاديميات الجهة الشرقية والحسيمة تازة تاونات ومكناس تافيلالت والجهات الجنوبية.

ووقفت لجان الافتحاص على انفراد بعض الأكاديميات بالإشراف على تنفيذ الصفقة بكل مراحلها، دون إشراك النيابات الإقليمية، مما نتج عنه إغراق المؤسسات التعليمية بمعدات غير عملية تعرضت للإتلاف والضياع، علما أن الشركة تنصلت من خدمة ما بعد البيع، وتسجيل استمرار الأكاديميات في التعامل مع الشركتين، رغم إخلالهما بالتزاماتهما، الذي لا يواجه بتطبيق القانون وإعمال غرامات التأخير. والتأخر كذلك في فسخ الصفقات معهما، كما سجلت اللجان عدم مسك سجلات الجرد بجل المؤسسات التعليمية وتوثيقها، وكذا تعرض بعض الوسائل للتلف نظرا إلى عدم جودتها .

كما رصدت لجان الافتحاص تجاوزات، من قبيل عدم مطابقة الكثير من التجهيزات للمواصفات التقنية المتعاقد بشـأنها، والاشتباه في وجود تواطؤ لجان الاستلام مع الشركتين، كما أقرت اللجان أن كل هذه التجهيزات المسلمة للمؤسسات التعليمية غير أصلية ومزورة ولا تحترم الشروط الخاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى