شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

هل رفعت الحكومة الراية البيضاء؟

أقر مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن المجهودات التي قامت بها الأخيرة من أجل الحد من ارتفاع الأسعار لم تحقق الأهداف المطلوبة، معترفا بأن مشكلة الأسعار مسألة أعقد بكثير مما نتصور.

لا نقول إن الحكومة رفعت الراية البيضاء تجاه الأسعار وأعلنت فشلها في التحكم فيها، لكن تصريح الناطق باسم الحكومة يستبطن لأول مرة، اعترافا واضحا بكون القرارات العمومية في مواجهة صدمات الأسعار غير كافية لوحدها، في ظل سطوة تجار الأزمات وكارتيلات الاحتكار واللوبيات التي تتواطؤ من أجل جعل معيشة المغاربة أكثر صعوبة، وتدفع النظام الاجتماعي نحو التأزيم، وهذا ما كنا ننبه إليه الحكومة منذ شهور.

فما لم يتم إغلاق منافذ الاحتكار والتلاعب بالأسعار عن طريق المتابعات القضائية، وما دامت أسواق الجملة خارج سيطرة المعينين والمنتخبين، مما جعلها تتحول إلى فضاءات للتلاعب دون حسيب أو رقيب وملعب آمن، حيث تمارس المضاربة العلنية، باقتناء المنتجات وإعادة بيعها، ما يجعل أسعارها ترتفع بشكل كبير قبل الوصول إلى المستهلك، مقارنة بالسعر الذي تُباع به من طرف الفلاح. فلا يمكن لأي إجراء عمومي مهما بلغت كلفته المالية أن يكون له مفعول إيجابي على قفة المواطن، وستتحول الحكومة بكل إجراءاتها إلى مثل ذلك الشخص الذي يحاول أن ينفخ حبلا.

الجميع يعلم أن ارتفاع أسعار بعض الخضر والمواد الأساسية، ليس مرده إلى سردية حرب أوكرانيا، أو قاموس التقلبات المناخية، أو حكاية اختلال سلاسل الإنتاج بعد جائحة كورونا، أو مشجب ارتفاع أسعار المحروقات، بل يعود إلى جشع الحيتان الكبيرة التي استغلت مخططات فلاحية للاستفادة من أراضي وأموال وتحفيزات الدولة، دون مقابل. ارتفاع الأسعار يعود إلى تغليب المصالح الشخصية على الصالح العام، وترجيح كفة الاتجار في المآسي على حساب الروح التضامنية، التي ينص عليها الدستور في زمن الأزمات.

لقد بدا واضحا أن هناك من يريد تحويل التحكم في الأسعار إلى لعبة سياسية لدفع البلد نحو المجهول، الذي لا نعلم عواقبه، وهذا هو أخطر ما في الأمر. ومع ذلك لا يمكن للحكومة أن تتذرع بأي سبب لجعل المحتكرين يواصلون مغامراتهم برفع الأسعار إلى مستويات قياسية، سيما وأننا في بلد فلاحي يفترض أن تكون فيه الأسعار في المتناول. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى