هكذا خططت للهروب من سجن موگادور وقتلتُ جنديا بيدي
ترجمة حصرية لمذكرات المغامِرة البريطانية روزيتا فوربس(22)
يونس جنوحي
«لهذا لم أمت في السجن. كانت لدي أفكاري الخاصة.
لا أستطيع إخبارك كم سنة بالضبط بقيت هناك. ربما أربع أو خمس سنوات، قبل أن أهرب مع اثنين آخرين.
أحضر لي رجل من بني عروس قطعة كبيرة من الخبز كان يمسكها بين يديه ويعضها بشفتيه.
عندما حل الليل، كسرت قطعة الخبز الكبيرة واكتشفت أن بداخلها شفرة كبيرة. بعد ذلك، بقيت طيلة أيام وربما أشهر، وأنا أقطع بها القضبان الحديدية للزنزانة ربما مئة مرة أو أكثر. كنت أشتغل خلال الليل. اعتقدت أن أحدا ما سوف يسمع الضجيج الذي تصدره الشفرة، والذي كان يشبه صوت بكاء حيوان صغير، لكن لا أحد من الحراس كان يكترث للصوت.
بقيت هناك لمدة طويلة. خلال النهار، كنت أتظاهر بالمرض وعدم القدرة على الحركة.
مباشرة بعد أن انتهيت من العمل، أحضروا رجلين إلى زنزانتي. وكنت مجبرا على الحديث معهما والوثوق بهما، لكنهما كانا ضعيفين وخائفين من المحاولة والهرب.
أحدهما جُلد مرات كثيرة وبقيت آثار الجلد فوق قميصه وتسلل السوط إلى جسده ولم يكن قادرا على الحركة. كان يقضي اليوم كله ممددا في صمت ولم يكن ممكنا تحريكه.
لكن في اليوم الموالي أريته القضبان الحديدية المقطوعة، وأعجبه المشهد. قال لي إن استطعت الانتظار لأربعة أيام أخرى، فإنه سوف يهرب معي. كان شابا من أبناء قبيلتي. لذلك لم أتركه ليموت بسبب الجَلد المتكرر.
عندما جاء أصدقائي بالطعام، طلبت منهم أن يستعدوا ويوفروا لي قاربا بعد أربع ليال. لكن الأمر لم يكن مُقدرا. ففي اليوم الموالي علمتُ أن العامل سوف يقوم بجولة في السجن، وغالبا فإنه سوف يكتشف حالة القضبان، بحكم أنه يصطحب معه حدادا ليتفقد السلاسل ويختبر كل القطع الحديدية بمطرقة. لذلك قررنا القيام بمحاولة الهرب في تلك الليلة نفسها.
لكننا لم نكن نقدر حجم صعوبة التخلص من السلاسل الحديدية ولم يكن لدينا وقت لقطعها.
انتزعت الأولى، وأصدرت ضجيجا يُفترض أن يوقظ قرية. ثم حملنا الرجل المصاب الذي تعرض للضرب، والذي كان لا يزال غير قادر على الحركة، وسحبناه واستمررنا في سحبه ودفعه إلى أن مررناه من النافذة. تبعه الرجل الآخر، وبعده وجدت نفسي في الهواء الطلق تحت النجوم. أصابتني رجفة ولم أكن قادرا على التنفس.
رشونا حارس البوابة وبالتالي فإنه لم يُشعر أحدا عندما صعدنا الجهة المهدمة من الجدار. وبعدها وصلنا إلى القرية، نجر معنا سلاسلنا ونتعثر ونحن نتحرك بها. وهناك رآنا أحدهم واختبأ، وصاح أحد مرافقي: «إنه الشريف الريسوني، العظيم، الرجل المقدس، والذي سوف يُكرمك».
نزلنا في اتجاه البحر بصعوبة بالغة لأن أغلالنا كانت ثقيلة، ولم يكن هناك أي قارب لأن عملية الهروب كان مخططا لها بعد ليال.
صلينا على الشاطئ، وتلونا سورة الفاتحة.
عندما اقترب الفجر، بحثنا عن مكان للاختباء في القرية.
استضافنا رجل من أصدقاء الطفولة، لكني لم أقبل ضيافته، لأنني كنت أعلم أنه سوف يتعرض للعقاب بسبب حمايته للريسوني. ذهب مرافقاي إلى منزله، وآواهما. لكنني ذهبت إلى حدود القرية على أمل أن أصادف هناك أحد رجال قبيلتي. فطيلة سنوات وجودي في السجن، كان رجال من قبائل الجبال يراقبون «موگادور» دائما.
كان ذلك الفجر أول لحظة شروق أشاهدها منذ مدة طويلة جدا. وتوقفت لكي أتأملها وأستنشق هواء البحر. فجأة بينما كنت واقفا، حيث نسيت السلاسل التي كانت تطوقني، جاء في اتجاهي حارسان من حراس المْخزن. كان هناك باب يمنعهما من رؤيتي. قفزت فوقهما قبل أن يتمكنا من رؤيتي. سقط أحدهما فورا بسبب ثقلي بالإضافة إلى ثقل السلاسل والأغلال التي أحملها فوقي، وقتلته بيدي. بينما اعتقد الآخر أنه تعرض لهجوم من «الجن» فذهب يجري ويصرخ. كان هذا بمثابة إنذار في القرية. ووصل الخبر إلى حاكم السجن.
كنت أستطيع سماع أصوات قرع الطبول عندما كنت ممددا خلف حائط، وكانت معي بندقية وذخيرة. أصبحتُ مُحارِبا مرة أخرى!».