هكذا تؤدي السجائر الإلكترونية إلى الإصابة بمرض السرطان
كوثر كمار
يلجأ عدد من المدخنين إلى السجائر الإلكترونية كبديل للتخلص من الإدمان وتفادي الإصابة بالأمراض الخطيرة. وتتخذ السجائر الإلكترونية شكل العادية، إلا أنها تحتوي على بطارية قابلة للشحن، بل كل ما في الأمر أن البطارية تعمل على تسخين سائل النيكوتين الممزوج ببعض العطور مما يسمح بانبعاث بخار يتم استنشاقه ليخزن في الرئتين.
فماهي مخاطر السجائر الإلكترونية؟ ومماذا تتكون؟ وأين يتم ترويجها؟ أسئلة وأخرى نجيب عنها في الموضوع التالي.
تغزو الأسواق المغربية كميات مهمة من السجائر الإلكترونية، وتستغل المحلات التجارية مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لبضاعتها، إذ يتراوح سعر السجارة الواحدة ابتداء من مائتي درهم إلى ألف درهم حسب الجودة.
وغالبا ما تؤدي السجائر الإلكترونية إلى الوقوع في فخ الإدمان، وفق ما أكده عدد من ضحايا التدخين. ويحكي رامي في تصريح لـ «الأخبار» أنه أصبح مدمنا على تدخين السجائر الإلكترونية أكثر من العادية إذ لا يستطيع الاستغناء عنها، علاوة على إصابته ببعض الأعراض الجانبية المصاحبة لها كالسعال وصعوبة في التنفس عند سحب سائل النيكوتين الموجود بداخلها ليضطر إلى الاستعانة بإرشادات الطبيب لعله يجد حلا جذريا للتخلص من هذه الآفة.
الإدمان على السجائر الإلكترونية
صابر شاب في عقده الثالث وقع ضحية السجائر الإلكترونية اعتقادا منه أنها ستساعده على الإقلاع عن التدخين، ويحكي صابر خلال حديثه مع «الأخبار»، أنه لم يعد قادرا على كبح جماع رغبته في تدخين السجارة الإلكترونية منذ حوالي سنة، مما تسبب له في التهاب على مستوى الحلق والسعال الشديد.
ويوضح صابر أن السجارة الإلكترونية أكثر إثارة من العادية، إذ إنها تتوفر على مواد أخرى ونكهات مختلفة مثل القهوة والنعناع والفانيلا، بالإضافة إلى الشكولاطة والفراولة ويتواجد في بعضها الكحول بتركيزات وألوان مختلفة، وتعتمد على بطارية يمكن إعادة شحنها مثل بطارية الهاتف النقال، وذلك بتركيبها في الكومبيوتر عن طريق USB أو في شاحن السيارة، وتركّب فيها كبسولة تحتوي على سائل النيكوتين بجرعات تختلف من كبسولة لأخرى، ثم يردف أن البطارية تعمل على مرور تيار كهربائي في السائل فينتج عنه بخار وعند انتهائها يمكن تبديل الكبسولة بأخرى تختلف في تركيز النيكوتين والنكهة كذلك.
بعد وقوع صابر في فخ الإدمان على السجائر الإلكترونية، حاول التخلص منها، لكنه لم يفلح في ذلك بل وجد نفسه مدمنا على السجائر التقليدية أيضا مما زاد الطين بلة.
ويقول صابر بنبرة متحسرة: «أفكر حقا في الذهاب إلى مركز لعلاج الإدمان خاصة أنني لم أعد قادرا على التخلص من التدخين بمفردي، فأنا مقبل على الزواج ولا أرغب في أن أكون أبا مدخنا في المستقبل كي لا يطبق أبنائي عادتي السيئة، فللأسف لقد اكتشفت أن السجائر الإلكترونية تزيد من تفاقهم الوضع الصحي للمدمن بدل علاجه، ناهيك عن سعرها الباهظ الذي يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود».
مكونات السجائر
يدعي بعض التجار أن السجائر الإلكترونية تساعد على الإقلاع عن التدخين والتخلي عن التقليدية، في حين أن عددا من المدمنين يؤكدون أن الأمر مجرد إشاعة بهدف الربح المادي.
عدنان بائع سجائر إلكترونية ومقيم بفرنسا كشف خلال حديثه مع «الأخبار»، أن السجائر الإلكترونية تساير عصر التكنولوجيا، إذ يتخذها البعض كبريستيج في حين آخرون يدمنون عليها، فالمدخن وحده من له القدرة على اختيار الوقوع في خطر الإدمان.
ويوضح عدنان أن السجائر الإلكترونية تتكون من كمية معنية من النيكوتين داخل كبسولات غير ثابتة وتقل بعد عشر سحبات من السيجارة الإلكترونية، ولذلك يضطر المدخن إلى زيادة قوة سحب النفس لزيادة النيكوتين المستخلص لأن كمية المادة تعتمد على قوة سحب النفس وعلى كمية البخار المتبقي داخل الكبسولة، وتعمل البطارية على مرور تيار كهربائي في السائل فينتج عنه بخار وهو خليط من النيكوتين والبروبلين جلايكول، وتكفي الكبسولة لحوالي 200 نفخة كما يمكن تبديل الكبسولة بأخرى تختلف في تركيز النيكوتين والنكهة كذلك.
ويردف أن في إحدى التجارب أخذت ثلاث كبسولات تحتوي على نفس التركيز من النيكوتين وتم قياسه في أول ثلاث سحبات للنفس من كل كبسولة، وكانت النتائج مفاجئة للجميع، حيث كان تركيز النيكوتين مختلفا في كل هذه القياسات وكانت تتراوح من 25 ميكروغراما منه في 100 مل من الهواء في النفخة الواحدة إلى حوالى 45 ميكروغراما، مما أدى إلى تراجع الشركات المسوقة عن تقديم السيجارة الإلكترونية كدواء يساعد على الإقلاع عن التدخين.
الغش والتقليد
تتعرض السجائر الإلكترونية للتقليد والغش وتروج على أنها أصلية بنفس سعرها الأصلي، إذ تدخل عبر التهريب.
وقد راج ،أخيرا، شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يوضح كيفية التفريق ما بين السجائر الحقيقية والمقلدة، وذلك عن طريق مطابقة رقم خاص يوجد على علبة السجائر الإلكترونية وإدخاله عبر موقع يكشف ما إذا كانت المنتوجات أصلية.
وفي هذا السياق يؤكد عمر وهو بائع سجائر إلكترونية خلال حديثه مع «الأخبار»، أن بعض السجائر الإلكترونية المقلدة تدخل أحيانا عبر التهريب فهي رديئة الصنع وتؤدي إلى التهاب في الحلق، ويضيف أنها تتوفر على كبسولات تتكون من سائل النيكتون ومواد أخرى بتركيزات عالية مما قد ينتج عنه مضاعفات صحية، فيما ينفي أن تكون السجائر الأصلية مضرة بالصحة. ويشير إلى أن المقلدة تباع بأقل من 100 درهم في حين الحقيقية يترواح سعرها ما بين 200 إلى ألف وخمس مائة درهم.
مخاطر قاتلة
سواء كانت السجائر الإلكترونية أصلية أم مقلدة فالنتيجة واحدة، إذ إنها في كلا الحالتين قد تؤدي إلى الإصابة بأمراض خطيرة بسبب مادة النيكوتين وفق ما أكدته العديد من الدراسات.
وتفيد الأبحاث الطبية أن مادة النيكوتين هي المادة الكيميائية الأساسية المسؤولة عن التسبب في إدمان التدخين ولها أضرار عديدة على الصحة فهي مادة عالية السمية ويمكن أن تفضي إلى الموت نتيجة التسمم الحاد خلال بضع دقائق تبعاً للقصور التنفسي الناتج عن شلل العضلات التنفسية.
ومن تأثيرات النيكوتين أيضا وفق الأبحاث الطبية أنها تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة، إذ يعد التدخين مسؤولاً عن 90% من الوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، وسرطان الحنجرة ويظهر ذلك بنسبة 5-25% لدى المدخنين أكثر من غيرهم، وكذلك تتضاعف نسبة الإصابة بسرطان الفم واللسان، ويعد الرجال المدخنون أكثر عرضة للوفاة بسرطان المعدة مقارنة بغير المدخنين، بينما النساء المدخنات فتصل نسبة إصابتهن بسرطان المعدة إلى 49%، وفق الأبحاث ذاتها.
وأكدت دراسات حديثة أن التدخين يعد سببا رئيسيا للأمراض القلبية وارتفاع الضغط الدموي وتسارع في نبضات القلب أكثر من المعتاد والزيادة في نسبة الكولسترول في الدم، ويتسبب التدخين في 55% من الوفيات الناجمة عن السكتة الدماغية، علاوة على انبعاث رائحة كريهة من الفم وتسوس الأسنان، والتهاب اللثة، كذلك فقدان الشهية للطعام، الأرق والتعب، التهاب القرحة المعدية، وضعف القدرة الجنسية، بالإضافة إلى ضعف الذاكرة والصداع المتكرر المزمن.
تحذير وزارة الصحة
سبق أن حذرت وزارة الصحة المغربية قبل سنتين المواطنين من السجارة الإلكترونية، وذكرت في بيان لها عدم وجود أدلة على سلامة هذا المنتج وخلوه من الأضرار الصحية، كما لم يثبت أنها تساعد فعلا في الإقلاع عن التدخين.
وأشارت الوزارة إلى أن واجب الوزارة تحذير المواطنين والقيام بواجبها في حماية صحتهم، خاصة بعد انتشار إعلانات للترويج لهذا المنتج، واعتبارها غير مضرة بالصحة.
وأوضح بيان الوزارة أنّ هذه الدعايات التي تستهدف فئة الشباب والنساء بشكل خاص، توحي لهم بصورة غير حقيقية أن السيجارة تخلو من أي آثارٍ صحية ضارة، حيث لا توجد دراسات تعزز ذلك، محذرة من أن هذه الأساليب التسويقية المضللة وقد تعرض حياة المواطنين للخطر.
دراسات: السجائر الإلكترونية تسبب السرطان
كشفت وكالة الدواء والغذاء الأمريكية أن السجائر الإلكترونية التي يدعى أنها خالية من النيكوتين ثبت مخبريا وجودها فيها ومادة النيتروزامين، وهي مادة من المعروف طبيا أنها مسرطنة ومشتقة من مادة الجلايكول، وهي مادة سامة تستخدم في سائل مضاد لتجمد زجاج السيارات.
وتتلخص مآخذ المنظمة على صانعي السيجارة الإلكترونية (التي يروج لها على أساس أنها بديل لوقف التدخين)، في أن نجاعتها لم تثبت علميا وأن السائل الكيماوي المُستخدم فيها قد يكون ساما وأن المروجين لها استخدموا شعار منظمة الصحة العالمية بطريقة غير شرعية.
وقد حذرت منظمة الصحة العالمية بجنيف على لسان دوغلاس بيتشر، مدير قسم محاربة التدخين فيها من مخاطر استخدام السيجارة الإلكترونية التي يُروج لها في الأسواق على أنها «بديل عن التوقف عن التدخين».
وأفاد المسؤول بمنظمة الصحة بأن «السائل المستخدم بداخل السيجارة قد يكون ذا مستوى عال من التسمم»، مضيفا بأنه «من الخطأ اعتبارها وسيلة ناجعة للتوقف عن التدخين».
وتقول منظمة الصحة العالمية إن المتاجرين بهذه السجائر استخدموا بعض الوسائل غير المشروعة للترويج لمنتوجهم على أنه وسيلة ناجعة للإقلاع عن الإدمان على التدخين. وهو موجود اليوم في العديد من الدول منها البرازيل وكندا وغيرها من الدول.
وأظهرت دراسة أمريكية أن الاستنشاق العميق للسجائر الإلكترونية ينطوي على خطر الإصابة بمرض السرطان أكثر بخمسة أضعاف إلى 15 ضعفا من تدخين السجائر العادية.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة «نيو انغلند جورنال اوف ميدسين»، فإن بخار السجائر الإلكترونية عالي الحرارة والمشبع بالنيكوتين يمكن أن يشكل مادة فورمالديهايد التي تجعله خطرا على الصحة.
وكتب معدو الدراسة وهم باحثون في جامعة بورتلاند الأميركية: «لقد لاحظنا أن مادة فورمالديهايد يمكن أن تتكون خلال عملية تشكل بخار السيجارة الإلكترونية».
واستخدم الباحثون جهازا «يستنشق» بخار السجائر الإلكترونية لتحديد كيفية تشكل هذه المادة المسببة للسرطان من سائل مركب من النيكوتين ومواد معطرة ومادة بروبيلين-غليكول والغليسيرين.
ولم يسجل العلماء تشكلا للمادة المسرطنة حين كان البخار يسخن على تيار كهربائي بقوة 3.3 فولت، ولكن على مستوى 5 فولت صارت تركز مادة فورمالديهايد في البخار أعلى منه في دخان السجائر العادية.
وبالتالي، فإن مدخن السيجارة الإلكترونية الذي يستهلك ثلاثة ميلليلترات من السائل المتبخر يستنشق 14 ميلليغراما من المادة المسرطنة، أما مدخن السيجارة العادية بوتيرة علبة يوميا، فلا يستنشق أكثر من ثلاثة ميليغرامات من هذه المادة.
ويؤدي استنشاق 14 ميلليغراما، أو ما يقارب ذلك، من هذه المادة إلى مضاعفة خطر الإصابة بالسرطان بين خمس مرات و15 مرة.
لكن في المقابل اعتبر بيتر هاجيك، مدير قسم الأبحاث المتعلقة بالتبغ في كلية الطب في جامعة لندن، أن هذه الدراسة لا تعكس الواقع، قائلاً: «عندما يعمد مدخنو السجائر الإلكترونية إلى الاستنشاق العميق منها فإن مذاقها يصبح سيئا، ولذا فهم يتجنبون ذلك».
ورأى أن دخان السجائر الإلكترونية وإن كان لا يخلو من الضرر فإنه أقل ضررا من السجائر العادية.