هذه هي الحيل التي يعتمد عليها «الشناقة» للغش في تسمين أكباش عيد الأضحى
كوثر كمار
بسوق الماشية بسيدي مومن بالدار البيضاء تصطف العديد من الشاحنات المحملة بمختلف أنواع الأكباش من قبيل الصردي والبركَي، ويحاول “الكسابة” لفت انتباه الزبناء عن طريق إمساكهم قرون أكباش الصردي البارزة والقوية والرفيعة. فـالصردي يعد من بين أفضل أنواع الأكباش على الإطلاق بالمغرب لمميزاته الكثيرة، ومنها حسن هيئته وجمال وجهه المستطيل الذي تزينه بقع سوداء حول عينيه وفمه وفي قوائمه أيضا، فضلا عن جودة لحومه ولذتها عند الطهي. غير أن أسعار الأكباش خلال هذه الأيام مرتفعة وذلك بسبب المناورات والأساليب التي يعتمدها الوسطاء الذين يطلق عليهم “الشناقة”.
الحاج الطاهر فلاح صادفناه بالرحبة يقول خلال حديثه مع “الأخبار”، أن بعض الشناقة يلهبون الأسعار، كما يلجؤون إلى الغش في عملية تسمين “الأكباش”، عن طريق مزج مجموعة من المواد في العلف كالخميرة، ورجح الفلاح ذاته، أن تنخفض أسعار رؤوس الأكباش آخر الأسبوع.
الغش في عملية تسمين الأكباش
يقوم “الشناقة” بشراء عدد كبير من الأكباش من مربي الماشية في البوادي، ثم يعيدون بيعها إلى سكان المدن بأثمنة “خيالية”.
ويقول بعض الـ “كسابة”، إن الشناقة يعمدون إلى نفخ الأكباش بطرق غير مشروعة خاصة أن الموسم الفلاحي خلال هذه السنة قد عرف تساقطات مطرية دون المستوى المطلوب، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف العلف.
بوبكر كساب يمتهن تربية المواشي، وبيعها، دأب كل سنة أن يأتي إلى سوق سيدي مومن من أجل بيع أكباش العيد، وهذه المرة جلب معه 30 رأسا من الغنم.
و يقول خلال حديثه مع “الأخبار”، ” قبل ثمانية أشهر من العيد الكبير نبدأ في شراء الخرفان الصغيرة، لنعكف بعد ذلك على تربيتها وتسمينها حتى يحين موعد عيد الأضحى، لنجلبها إلى الأسواق المخصصة لذلك، غير أن تربية الماشية باتت كالقمار، فهي مرتبطة بالأحوال المناخية، هل السنة ماطرة أم عكس ذلك؟، ففي حالة عدم تساقط الأمطار يكون العلف جد باهظ “.
ويضيف بوبكر أن الشناقة يتسببون في إلهاب الأسعار خلال اقتراب موعد عيد “الأضحى”، كما يلجؤون إلى تسمين المواشي بتطعيمهم روث الدجاج الذي يتم اقتناؤه من إسطبلات الدجاج، والذي يصل ثمنه إلى 50 سنتيما للكيلوغرام، فيما يعتمد البعض على الخميرة والسكر والحليب لتسمين أغنامهم، حيث يضعونها في الحظيرة، ويطعمونها ببعض الأعلاف الممزوجة بمواد غريبة لمدة شهر ونصف حتى تصير لدى الكبش بنية ضخمة.
ويوضح محدثنا أن عملية الغش لا يتم اكتشافها من قبل المواطن العادي إلا بعد مضي حوالي 48 ساعة على نحر الأضحية، حيث يبدأ لحمها في الإحمرار والتحلل وتفوح منها رائحة غير طبيعية حتى لو كانت محفوظة في المبرد.
حقن الأغنام
بالإضافة إلى خلط العلف ببعض المواد من أجل تسمين الأكباش، فالبعض يعملون على حقن الأكباش بمواد كيميائية.
نصر كساب صادفناه بسوق سيدي مومن يقطن بضواحي مدينة الدار البيضاء وتحديدا ببوسكورة.
يقول خلال حديثه مع “الأخبار”، إن بعض “الشناقة”، يقومون بحقن آذان الأغنام بالهرمونات كي يثيروا شهيتها ولا تتوقف عن الأكل، إضافة إلى استعمال مجموعة من الأدوية الخاصة المشبعة بـ “الكورتيكويد” لتسمين أغنامهم في وقت سريع لا يتجاوز الشهرين، فيزيدون وزن الخروف بعشرات الكليلوغرامات ويكبر حجمه، وبالتالي قد يصل سعره إلى ست آلاف درهم.
ويضيف الكساب أن مربي الماشية مغلوب على أمرهم، فهم يعانون بسبب ارتفاع تكلفة العلف المكون بالأساس من الفول والقمح والشعير والشوفان، بالإضافة إلى حبوب الذرة.
لكن رغم المجهود الذي يبذلونه في تربية وتعليف المواشي إلا أن “الشناقة”، يربحون على حسابهم أموالا طائلة.
أكل الأكياس البلاستيكية والنفايات
بعض المواد التي تأكلها المواشي قد تؤدي إلى إصابتهم بالعديد من الأمراض، والتي قد تنتقل إلى المستهلكين، فبعض “الكسابة”، يرعون القطيع بالقرب من مطارح النفايات.
المحجوب فلاح في عقده السادس يرعى الأغنام وسط شوارع الدار البيضاء وتحديدا بمنطقة رياض الألفة، حيث يترك المحجوب أغنامه تأكل من النفايات.
ويقول خلال حديثه مع “الأخبار”، أنه يرعى في بعض المساحات الخضراء بالمنطقة، إلا أنه لا يستطيع مراقبة تحركات القطيع لساعات طويلة، لكونه يعاني من مرض المفاصل.
لا يكتشف المستهلك حقيقة الأضحية إلا بعد نحرها، وفحص ما يعرف بـ “الدوارة”، حيث يتبين للبعض أن الكبش كان يتغذى من الأزبال.
حسين 50 سنة وهو أحد ضحايا “الشناقة”، يحكي خلال معرض حديثه مع الجريدة، أنه اشترى كبش العيد قبل سنتين بثلاثة آلاف درهم، إلا أنه اكتشف بعد ذبح كيس بلاستيكي ملتصق بأمعاء الكبش، ليخبره الجزار أن كبد الأضحية مريضة.
منذ ذلك الحين قرر حسين اللجوء إلى المزارع من أجل اقتناء خروف العيد يتمتع بصحة جيدة.
الطرق الآمنة للتعليف
يرى المختصون في تربية المواشي أن الوسيلة الأمثل للحصول على مردود أفضل، هي توفير ظروف جيدة بالحظيرة التي تضم المواشي، إذ يجب أن تكون مجهزة لتسهيل عملية توزيع الأعلاف والتنظيف والفرز. ومضاءة بشكل جيد ومهواة، مع تجنيب التعرض للرياح واحترام المساحة الخاصة لكل خروف، والتي لا يجب أن تقل عن 0.5 متر مربع للرأس.
ويحث المختصون على ضرورة تقسيم الحظيرة إلى عدة مجموعات، كل مجموعة تحتوي على خرفان من نفس الفئة العمرية، وتجهيزها بالمعالف والمشارب لتمكينها من مساحة 10 إلى 25 سم مساحة العلف.
ويرى البيطريون أن المدة المثالية للتسمين متراوحة بين شهرين وثلاثة أشهر، وغالبا ما تكون بعد الفطام قبل عيد الأضحى أو خلال الفترات التي يكون فيها المنتوج في الأسواق، وتعادل التغذية حوالي 70 بالمائة من مصاريف عملية التسمين لذلك يمكن أن تكون المعيار الأول لقياس قيمة الأرباح، الأعلاف ينصح بأن تكون خشنة، ومركزة، وبها نسبة من الماء والفيتيامينات والأملاح المعدنية.
وبخصوص عملية اختيار الخرفان، فهي عملية بالغة الأهمية، لذا يجب مراعاة الحالة الصحية للخرفان، وأن يكون سنها أقل من 12 شهرا خلال مناسبة عيد الأضحى، وأقل من 6 أشهر في الحالات العادية وأن تكون من السلالات المحسنة وراثيا، والمعروفة بسرعة تسمينها.
كما يجب أن تكون الخرفان معالجة ضد الطفيليات الداخلية والخارجية، وأن تكون ملقحة ضد الأمراض، إضافة إلى ذلك يجب عزل الخرفان التي تم اقتناؤها في مكان بعيد يومين أو ثلاثة أيام للتأكد من أنها غير مصابة بأي أمراض معدية.