النعمان اليعلاوي
يواجه قطاع الصحة العمومية نزيف استقالات وفقدان الأطر الصحية على رأسهم الأطباء والممرضون. فقد كشفت معطيات رسمية لوزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أن «المغرب يكون 1500 طبيب سنويا، يفقد منهم 600 طبيب بسبب الهجرة التي لا يمكن إيقافها أبدا، بل فقط التقليل من نسبتها»، حسب معطيات الوزير، الذي أكد أن القطاع الصحي يعرف إصلاحا جذريا عميقا ظهرت ملامحه في القانون الإطار 06.22، رغم النواقص والإكراهات والموارد البشرية القليلة، فإن المنظومة الصحية المغربية صدمت في عز جائحة كوفيد-19.
في هذا السياق، أشار الوزير إلى أن الخصاص في الموارد البشرية إرث قديم، فيه ما هو متعلق بالتكوين، والهجرة وباختيار الاختصاصات، مشيرا إلى أنه لهذا السبب قلصت الحكومة سنوات التكوين، وعملت على الرفع من عددها إلى جانب خلق جاذبية للقطاع كي يستقطب الناس، مسجلا أن ثمار الثورة الصحية لن تجنى الآن لأنه عندما يكون هناك إصلاح عميق يجب الانتظار بعض الوقت حتى تظهر نتائجه.
من جانب آخر، أشار أيت الطالب إلى أن المغرب يعاني من نقص حاد في الأطباء النفسيين، حيث لا يتجاوز عددهم 2644 طبيبا، موضحا أن هذا الرقم موزع ما بين 416 طبيبا فيهم 171 بالقطاع العام، و247 في القطاع الخاص و47 من الأطباء المتخصصين في الطب النفسي الخاص بالأطفال، و1460 من الممرضين المتخصصين في الصحة العقلية. وأشار الوزير إلى أن هناك 719 من المساعدين الاجتماعيين في مجال الصحة النفسية في القطاع العام.
وأكد آيت الطالب أن هذا النقص مرتبط أساسا بالخصاص في الموارد البشرية، وباعتبار هذا الاختصاص غير جذاب في المغرب، حيث لا يستقطب الطلبة لمزاولة الطب النفسي. واعتبر الوزير أن الأمر يتطلب إقرار تحفيزات خاصة للأطباء النفسيين، مشيرا إلى أن هذا الاختصاص لا يتلقى الأهمية التي يستحقها في المغرب مقارنة ببعض البلدان، ففي أمريكا، على سبيل المثال، يكون هو الاختيار الأول.
من جانبه، قال المنتظر العلوي، رئيس النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، في تصريح صحفي، إن عددا كبيرا من الأطباء يقدمون استقالاتهم من القطاع في ظل الوضعية الحالية، و«نجد أنفسنا اليوم بعد سنوات أمـام استمرار نفس الوضعِ الصحي المُتَأَزِّمِ والاختلالات العميقة التي تعرفها المنظومة الصحية، وما آلت إليه أوضاع المؤسسات الصحية، من ندرة الموارد البشرية وقلة التجهيزات البيوطبية ومشاكل التعقيم والأدوية، وانعكاسها سلباً على نوعية الخدمات المقدمة لمُرتفِقي هاته المؤسسات، والعاملين بها أيضاً، ممّا يدفع المئات من الأطر الطبية لتقديم استقالاتهم هروباً من دخول المنظومة الصحية برمتها حالة التراجع، في مقدمتها المستشفى العمومي الذي يتطلب إرادة فعلية لإنقاذه».