
أكادير: محمد سليماني
أضحت المكتسبات التي حققها القطاع الفلاحي بجهة سوس ماسة مهددة، بفعل عدد من التحديات التي تعيشها الزراعة بهذه المنطقة، التي تعتبر «سلة» المغرب من حيث تحقيق الأمن الغذائي، وجلب العملة الصعبة.
واستنادا إلى المعطيات، فإن جهة سوس ماسة تعتبر جهة فلاحية بامتياز، حيث إنها تحتل الريادة في العديد من سلاسل الإنتاج على الصعيد الوطني؛ فعلى مستوى إنتاج الحوامض، تساهم جهة سوس ماسة بـ40 في المائة من حجم الإنتاج الوطني، كما تساهم بما بين 60 و70 في المائة من حجم الصادرات الوطنية الفلاحية. أما على مستوى الخضر والفواكه، فإن صادرات الجهة تتراوح ما بين 80 و90 في المائة من مجموع الصادرات الوطنية، كما تنتج حوالي 35 في المائة من الاحتياجات الوطنية من مادة الحليب. إضافة إلى ذلك، تلعب الفلاحة التضامنية بالجهة دورا كبيرا من خلال تعدد سلاسل الإنتاج، وتحقيق فرص شغل كبيرة، في المنتوجات المجالية كالزعفران والجوز واللوز والأركان والعسل وغيرها.
غير أنه رغم هذه الريادة، التي يحققها القطاع الفلاحي بجهة سوس ماسة، إلا أن تحديات كبيرة أضحت تهدد هذه الريادة، وتؤثر على عدد من سلاسل الإنتاج، منها مسألة ندرة مياه الري، ما أدى إلى التخلي عن عدد كبير من الضيعات الفلاحية بسهل اشتوكة، أو سهل الكردان، أو تارودانت، رغم أن محطة تحلية مياه البحر بإقليم اشتوكة أيت باها، قد بدأت منذ لحظة تشغيلها في تزويد الفلاحين بتلك المنطقة بمياه الري، إلا أن ذلك يظل غير كاف، خصوصا وأن منطقتي الكردان وتارودانت ما زالتا تعانيان من نقص كبير في مياه الري، ما يهدد مستقبلهما الفلاحي. أما ثاني الإكراهات فتتعلق باليد العاملة، التي تنتظر توفير ظروف ملائمة لاشتغالها، والاستجابة لتطلعاتها وانتظاراتها.
ونظرا إلى ضعف المجال الجغرافي وتعدد المتدخلين، فإن ذلك يخلف إشكالات كبرى أمام العنصر البشري، حسب تعبير يوسف جبهة، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة سوس ماسة. كما تتعرض الكثير من المحاصيل الزراعية بالجهة إلى آفة الأمراض والفيروسات التي تعصف بين الفينة والأخرى بالمحاصيل، إضافة إلى مسألة التقلبات المناخية، التي تؤثر بشكل كبير على القطاع.
وحسب المعطيات، فإن الكثير من فلاحي حوضي الكردان وتارودانت ينتظرون بفارغ الصبر تشييد محطة لتحلية مياه البحر بإقليم تيزنيت، والتي ما زالت الدراسات التقنية الخاصة بها تتواصل منذ مدة، ذلك أنها محطة ستنهي بعضا من مشاكل الري بالنسبة إلى فلاحي إقليم تارودانت، الذين كانوا يعولون منذ مدة على سد «أولوز» لتمكينهم من كميات قليلة من المياه للري، إلا أن حقينة هذا السد في تناقص كبير.
وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات قد توصلت بالنتائج الأولية لهذه الدراسات، خلال شهر ماي الماضي، الأمر الذي دفعها إلى تبني طرح إنشاء محطة تحلية لتزويد إقليمي تيزنيت وتارودانت، ومعهما أقاليم أخرى معا بالمياه المحلاة، خصوصا وأن شبكة الري التي سترتبط بها ستوزع الماء على مساحة تتجاوز 300 كيلومتر مربع.
ويعول على هذه المحطة المائية التي ستنتج سنويا 350 مليون متر مكعب، وستكلف غلافا ماليا يصل إلى 5 ملايير درهم، لإنقاذ ضيعات حوض الكردان وتارودانت التي أضحى ملاكها على حافة الإفلاس، بسبب شح المياه.