من تكون بنت سباتة التي شغلت الجزائريين؟
زيارتها للصحراء المغربية تستنفر الجزائر وتيندوف

حين كنا صغارا نرتع في الفضاءات الفارغة لحي سباتة وسيدي عثمان، كانت تخترق أسماعنا أهازيج يافعات الحي وهن يرددن في ألعابهن ومسامراتهن، مقطعا من كشكول أغاني لم نفهم مغزاه إلا بعد أن اشتد عودنا وزحف الإسمنت على ملاعبنا.
كانت البنات يرددن في كورال جماعي أنشودة: “واحد جوج ثلاثة با مشى لسباتة شرا ليا قميجة أنا واختي خديجة”، بعد مرور الأيام سنفهم أسباب النزول وسنقتنع بأن التسوق يتم من قيسارية الحي العتيقة.
سنكبر دون أن نفهم سر إصرار الوالد على اقتناء قميصين للابنة وشقيقتها خديجة، فقط دون غيرهما من أفراد الأسرة. وسنفهم لاحقا أن الكساء للذكور كان في المناسبات والأعياد فقط. وسنكتشف أن العيطة تبنت بدورها جانبا آخر من ذاكرة هذا الحي، فأشادت ببناته وقالت فيهن مقطعا شهيرا: “بنيات سباتة الزين والثباتة”، قبل أن تصبح هذه اللازمة صالحة لكل الأحياء.
رشيدة ذاتي، وزيرة الثقافة وحارسة الأختام ووزيرة العدل السابقة في الحكومة الفرنسية، لا تتردد في إجراء حصص الركض في ملعب “با محمد” بعد أن تزور قبر والدتها في المقبرة الإسلامية المجاورة للملعب.
كلما حلت رشيدة بالمغرب إلا واختلست ساعات من وقتها الرسمي، من أجل زيارة البيت القديم بحي سباتة، فهي تحرص على الارتباط الوجداني بهذا المزار الراسخ في الذاكرة. لهذا أصبح “بيت العائلة القديم” جزءا من برنامج زيارة رشيدة إلى المغرب، إذ تصر على تسجيل حضورها في محيط سباتة حيث تسنشق رائحة النوسطالجيا وتتذكر زيارة عائلتها إلى الحي في العطلة الصيفية.
وزيرة فرنسية تعشق حي سباتة الشعبي
في حي سباتة الشعبي، وبالتحديد بدرب جميلة 5 الآهل بالسكان، تبدو بناية من ثلاثة طوابق رقمها مهدد بالاندثار بسبب عوامل التعرية. لا يختلف بيت عائلة داتي عن بقية المنازل ذات النمط غير المتناسق على مستوى التعمير. على بعد أمتار قليلة من منزل عائلة رشيدة داتي تقف سيارة الشرطة وفي جوفها أربعة أفراد بزي رسمي، بينما يجلس شرطيان آخران بزي مدني القرفصاء في ركن من الزقاق المليء بصراخ أطفال يركضون بدون اتجاه، كان المخبران يمسحان الممر المؤدي إلى بيت عائلة الوزيرة الفرنسية، ذي الطلاء الأبيض الممزوج بالأزرق، والذي لا يحتاج إلا لمسة حمراء ليكتمل نصاب ألوان العلم الفرنسي.
لا تبدو على المنزل مسحة الترف، بل على العكس تماما، فهو بيت بسيط على جدران واجهته الخارجية رسم أطفال الحي عبارات تساند فريق الراسينغ البيضاوي المنتمي إلى دوري الدرجة الثانية، خلافا للحفريات التي تجعل حيطان الدار البيضاء موزعة بين الوداد والرجاء.
حركة النقل تعرف اختناقا كبيرا في حي سباتة، بعد أن زحف الباعة المتجولون على الأرصفة، لكن الزحمة لا تمنع المخبرين من مراقبة الوضع بكثير من اليقظة، فكلما تقدمنا خطوات نحو البوابة الزرقاء إلا وعاش رجال الأمن حالة استنفار.
والد رشيدة داتي لا يبدي حماسا لمقابلة الصحافيين، بل إنه لا يتردد في التعبير عن قلقه من موقف بعض الصحافيين المغاربة الذين انتقدوا فلذة كبده، وقدم نماذج لعناوين أساءت، على حد تعبيره، إلى شخصية كان من باب أولى أن تحظى بالتكريم في بلدها الأصلي المغرب قبل فرنسا.
يقدم مبارك، والد رشيدة، بين الفينة والأخرى مقارنات غير متكافئة تعزز نظرته الذاتية للأشياء، فقد أكد أن شعبية الوزيرة تفوق كل التصورات في فرنسا طبعا، مشيرا إلى التهافت على اقتناء الكتب التي ترصد جوانب من حياتها، وقال إن مجرد حضورها حفل توقيع أحد الكتب الستة حول سيرتها الاستثنائية قد حطم كل الأرقام القياسية من حيث المبيعات.
وكان مبارك والد داتي عامل بناء حجارة، كان مهاجرا من المغرب وأمها فاطمة الزهراء مهاجرة من الجزائر وتعمل في الزراعة، والتقيا وتزوجا وعاشا في ضاحية ليون الفرنسية. وتقول داتي “رغم الفقر الشديد، إلا أن حياتنا كانت جيدة وكان والداي يقدمان لنا الكثير من الحب”.
يقول والد رشيدة ذو القسمات الصارمة إن أجندة ابنته جد مختنقة، وإنه من الصعب جدا العثور على باحة استراحة في الطريق السيار للوزيرة، “لا أتصل بها على رقم هاتفها الشخصي لأنها مشغولة باستمرار، بل أنتظر مكالمة من رئيسة ديوانها كلما تعلق الأمر بشيء هام”.
رغم أن رشيدة ولدت كبقية أشقائها، البالغ عددهم أحد عشر نفرا، في حي هامشي من أحياء مدينة سان ريمي، إلا أنها لم تخلف وعدها السنوي مع سباتة، إلى درجة الإلمام التام بدروب الحي المتشعبة التي تحولت إلى أسواق غير نموذجية، والتي يصعب على مهاجرة فك طلاسمها.
لا تخلف وزيرة العدل موعدها مع مقبرة الحي التي تبعد بأمتار قليلة عن مسكن الأسرة، فهي تحرص على زيارة قبر والدتها دفينة سباتة، بل إنها تصر على التمسك بطقوس زيارة المقابر، بدءا باقتناء التين الجاف والخبز الحافي وقارورات الماء المعطر، وتوزيع هذه المشتريات على طوابير من المتسولين.
لم تتنكر رشيدة لتقاليد الأسرة، بل حاولت رغم كل النظرات التي تتعقبها، وهواجس المخبرين وهواتفهم النقالة التي تنقل حركات الوزيرة وسكناتها، أن تتمسك ببرنامجها اليومي الذي تتحكم فيه الالتزامات الأسرية، والركض بكورنيش الدار البيضاء بعد إغلاق ملعب الحي الذي يخضع للتكسية بالعشب الاصطناعي.
زارت الوزيرة وهي ترتدي زيا رياضيا خلسة منتجع واد مرزك بضواحي دار بوعزة، وكان لقاؤها مؤثرا ومليئا بالنوسطالجيا مع أفراد أسرتها، لكنها وهي تحصي ما تبقى من أيام عطلتها القصيرة لا تترك الفرصة تمر دون أن تطلع عبر حاسوبها المحمول على بريدها وعلى قصاصات الأخبار الفرنسية والعالمية، قبل أن تصل إلى حي جميلة 5.
“كنت خادمة ووالدتي اشتغلت في بيوت الفرنسيين”
ولدت رشيدة داتي يوم 27 نونبر 1965 في قرية سان ريمي، القريبة من مدينة شالون سور سون جنوب شرق فرنسا، من أبوين مهاجرين، فوالدها عامل بناء مغربي وأمها جزائرية كانت ربة بيت. عاشت رشيدة في وسط عائلي يطبعه التعدد، حيث كان لها أحد عشر شقيقا يحتاجون لمن يعيلهم، ولأن ترتيبها في الوسط العائلي كان في الصف الثاني، فإن دورها الأول هو مساعدة الأم على الاهتمام بالإخوة والأخوات.
قالت رشيدة في حوار صحفي مع جريدة “الملاحظ” إنه منذ مراهقتها، اضطرت تحت الحاجة للعمل. “في الرابعة عشرة من عمري، كنت أتنقل بين البيوت عارضة الاشتغال أو بيع مستحضرات التجميل”. وتفيد سيرتها الذاتية بأنها ولجت عالم العمل باكرا لدفع تكلفة دراستها من جهة، ولمساعدة أهلها من جهة أخرى. وساعدت رشيدة داتي والدتها التي كانت تعمل خادمة في المنازل وعملت بصفتها بائعة في محلات السوبر ماركت في شالون سور سون، قبل أن تجد وظيفة وهي في السادسة عشرة من عمرها كعاملة هاتف، ثم مساعدة ممرضة في إحدى العيادات الخاصة.
أبدت وزيرة الثقافة منذ شبابها طموحا من غير حدود تغذيه إرادة حديدية ورغبة في النجاح والانعتاق من حالتها الاجتماعية والمادية، من خلال المراهنة على العمل والدراسة. وبعد دراستها الثانوية، انتقلت إلى جامعة ديجون لمتابعة دراستها في الاقتصاد والحقوق. تروي داتي أنها كانت، خلال عملها في العيادة الخاصة تطالع المجلات الموضوعة في غرف الانتظار، وخصوصا تلك التي تتحدث عن المشاهير ونجوم الفن والمجتمع وأهل السياسة. ويقال إنها كانت تقص الصفحات الخاصة بالأشخاص الذين نجحوا في الحياة منطلقين من لا شيء والصفحات الخاصة بالأشخاص الذين كانت ترغب في لقائهم.
بفضل إصرارها على العمل مهما كانت ظروف الاشتغال، حافظت داتي على صداقات غالية الثمن وهذه الصداقات هي التي فتحت لها طريق النجاح. والجدير بالملاحظة أن غالبية من التقت بهم رشيدة داتي عادت للقائهم بمناسبة الانتخابات الرئاسية.
كانت رشيدة داتي أول وزيرة فرنسية تعترف بأنها اشتغلت في التنظيف وأعمال صغيرة كثيرة قبل أن تدرس القانون. ويوم أدت قسم القضاة أعارتها الوزيرة سيمون فاي روب المحاماة الخاص بها. وسيمون فاي كانت الشخصية الأكثر احتراما في فرنسا.
“زيارتي للأقاليم الصحراوية لها بعد سياسي”
لم يكن أحد يعتقد أن زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي، مؤخرا، إلى مدينة العيون في الصحراء المغربية، ستشعل فتيل النزاع بين ثلاث عواصم: الرباط والجزائر ثم باريس، خاصة وأنها أول زيارة لعضو في الحكومة الفرنسية إلى المنطقة المتنازع عليها، تأكيدا لاعتراف باريس بسيادة المغرب عليها.
وصفت داتي هذه الزيارة في تصريح لوكالة فرانس برس بـ”التاريخية” وقالت: “هذه زيارة تاريخية لأنها المرة الأولى التي يأتي فيها وزير فرنسي إلى الأقاليم الجنوبية، إن حاضر ومستقبل هذه المنطقة يندرجان في إطار السيادة المغربية، كما سبق أن قال رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون”.
وزارت داتي التي كان يرافقها نظيرها المغربي محمد المهدي بنسعيد مكتبة محمد السادس العامة في وسط العيون، وأطلقت مشروع بعثة ثقافية فرنسية هناك، كما زارت مدينة الداخلة لافتتاح معهد للسينما.
لكن زيارة داتي وعلى غرار زيارة ماكرون للمغرب، تسببت في أزمة حادة بين فرنسا والجزائر التي تقطع علاقاتها مع المغرب منذ العام 2021 بسبب النزاع حول الصحراء.
اختارت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية، رشيدة داتي أن تبدأ زيارتها الأخيرة إلى الصحراء المغربية، من مدينة طرفاية، هذه المدينة التي لها ذكرى مهمة لدى الفرنسيين عموما، لكونها ارتبطت بالطيار الفرنسي “أنطوان دو سانت إكزوپيري”، صاحب رواية “الأمير الصغير”.
ومن أجل إحياء ذكرى “الأمير الصغير”، حلت الوزيرة الفرنسية التي كانت مرفوقة طيلة زيارتها إلى الأقاليم الجنوبية بوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، والسفير الفرنسي بالمغرب “كريستوف لوكورتييه” بمتحف “أنطوان دو سانت إكزوپيري” بطرفاية.
كما زارت الوزيرة الفرنسية معلمة “كاسمار”، أو ما يعرف محليا بـ”دار البحر”، والمشيدة على جزيرة صغيرة جدا قبالة شاطئ بمدينة طرفاية، والتي تعتبر أحد المعالم بالحقبة الكولونيالية.
حلت رشيدة داتي، بمدينة العيون، حيث قامت بزيارة إلى مكتبة محمد السادس، تخللتها جولة لكل أروقة هذه المكتبة التي تعتبر تحفة عمرانية، ونقطة مهمة للقراءة والثقافة في حاضرة الأقاليم الجنوبية.
وبالفضاء الثقافي ذاته، أعطت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية، مراسيم انطلاقة المركز الثقافي الفرنسي، وتكريس الحضور الثقافي الفرنسي في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
حطت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية بمدينة الداخلة، وهي المحطة الثالثة والأخيرة في زيارتها إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة. وبعد وصولها إلى المدينة، أشرفت على تدشين الملحقة الجهوية للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما.
وكشفت الوزيرة أن الزيارة لها بعد سياسي: “زيارتي كوزيرة للثقافة الفرنسية إلى الداخلة تحمل دلالة سياسية قوية جدا”.
الجزائر والبوليساريو تنتفضان ضد رشيدة
عرفت الصحافة الجزائرية حالة استنفار قصوى، بسبب زيارة رشيدة للأقاليم الصحراوية، بل إن النائبة البرلمانية الجزائرية مليكة صوريل أرادت مهاجمة وزيرة الثقافة الفرنسية بسبب زيارتها لمدينة العيون في الصحراء المغربية، لكنها لم تجد شيئا تهاجمها به سوى صورة لوالدة رشيدة المحجبة كانت قد وضعتها في مكتبها.
فكتبت قائلة: “من تعتبر نفسها تمثل الثقافة الفرنسية تضع خلفها في مكتبها صورة امرأة محجبة”، نسيت البرلمانية الجزائرية أن الصورة لوالدة رشيدة، وأنها جزائرية الأصول. لكنها أوصت بدفنها في المغرب بجوار قبر زوجها المغربي رحمهما الله.
لم تسلم رشيدة من الغضب القادم من الجارة الشرقية ومن انفصالي الخارج، وذهب البعض إلى انتقاد مظهرها، وعندما سئلت عن سبب اهتمام الإعلام بها قالت إنه الفضول الذي يدفعهم إلى التعرف إلى هذه الفتاة “وأنا حقاً ما كان في الإمكان أن أحقق كل هذا لو أني لم أعمل بجد، فأنا جئت من عائلة فقيرة ولا أملك المال ولا العائلة الكبيرة”.
اختار بعض الصحافيين الجزائريين نفض الغبار عن غضبة شقيقها عمر الذي نشر كتابا العام الماضي، قال فيه إن شقيقته رشيدة جلبت له العار. وعادت بعض الكتابات الجزائرية إلى حكاية الأم العازبة ونبشت في حملها الذي يعود لشهر شتنبر 2008، ولولادة ابنتها زهرة اثر عملية قيصرية.
دخلت وزارة الخارجية الجزائرية على خط زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، إلى الصحراء واعتبرتها “استخفافا سافرا بالشرعية الدولية” من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الأممي، في إشارة إلى فرنسا. واعتبر بيان الوزارة أن تلك الزيارة “أمر خطير للغاية” و”تستدعي الشجب”.
وكانت رشيدة داتي قد زارت الجزائر سنة 2010، وحملت تصريحات وزيرة العدل حافظة الأختام الفرنسية السابقة، بالمدرسة العليا للصحافة والعلوم السياسية لهجة مهادنة للجزائر.
وضمت الوزيرة صوتها إلى صوت المغرب، وأبدت استغرابها صورا وهمية عن أحداث تتعلق بـ”كديم إيزيك”، في تصريحات داتي نبهت الصحافة الجزائرية إلى سوء استخدام الصور بإدراج صور ملتقطة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والادعاء بكونها صورا من أحداث في المغرب.
وفي ردها على سؤال “الشروق” الجزائرية بخصوص إمكانية قيام حرب في المنطقة بين المغرب والجزائر في ظل التصعيد المغربي، قالت داتي المغربية الأب والجزائرية الأم “لن تقوم حرب بين الجزائر والمغرب لا اليوم ولا مستقبلا لأن القادة يفكرون بحكمة”.
وأثارت زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية إلى الصحراء، غضب جبهة البوليساريو، حيث أدانتها “بأشد العبارات” وصفتها بـ”غير الشرعية”. واتهمت الجبهة الانفصالية فرنسا في بيان لها بتحدي “القانون الدولي، وازدراء تامٍ لحقوق الشعب الصحراوي”، وأضافت أنها تعتبر “هذه الزيارة تصرفا عدائيا واستفزازيا”، ودعت الحكومة الفرنسية إلى التوقف عن دعم المغرب، خاصة بعد أن أعلنت داتي بالعيون، إحداث رابطة فرنسية في هذه المدينة بهدف إعطاء دينامية جديدة للتعاون الثقافي بين فرنسا والمغرب، خصوصا في الأقاليم الجنوبية.
وادعت الجبهة الانفصالية في بيانها أن كل ما يقام في مدن الصحراء “من مشاريع أو مبادرات ثقافية” تحت رعاية المغرب “هو عمل باطل وغير قانوني”. وطالبت البوليساريو منظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجميع الهيئات الدولية المختصة “بالتدخل العاجل لمنع استغلال الثقافة كأداة استعمارية” على حد وصفها.
عيون المتطفلين تطارد داتي وابنتها زهرة بدكالة
اختارت رشيدة داتي وزيرة العدل السابقة في حكومة ساركوزي، قضاء جزء كبير من عطلتها الصيفية في منطقة دكالة معقل أسرتها، حيث تقبل على المهرجانات الصيفية التي تقام بالمناسبة كما تشارك في مراسيم افتتاح موسم مولاي عبد الله أمغار، الذي يعد من أهم مواعد عشاق الفروسية على الصعيد الوطني، وذلك بالجماعة القروية لمولاي عبد الله.
وغالبا ما تكون رشيدة مرفوقة بعدد من أفراد أسرتها، خاصة والدها قيد حياته الذي تابع مجموعة من السهرات، في سيدي بنور مع مغني الراي رضا الطلياني وفي اختتام مهرجان جوهرة سنة 2015، فضلا عن جولات العائلة في موسم مولاي عبد الله بين الخيام للتعرف على الفرسان الذين يشاركون في الموسم ، وظلت طيلة زيارتها مطوقة بحراسة أمنية.
من جهته، استضاف معاذ الجامعي، عامل إقليم الجديدة سابقا، رشيدة داتي وأفراد عائلتها، في حفل غذاء بموسم مولاي عبد الله، كما رافقها في رحلتها إلى سيدي بنور.
وشوهدت رشيدة وهي تقدم شروحات مستفيضة لابنتها زهرة، التي كانت تبلغ من العمر ست سنوات، والتي كانت ترتدي زيا مغربيا، حول العادات والتقاليد المغربية، والمغزى من المواسم وأهمية “الفانتازيا” في حياة المغاربة.
يتابع عدد من الصحافيين المحليين والأجانب زيارة رشيدة وزهرة للمغرب، خاصة وأن الابنة أثارت جدلا واسعا في الوسط الإعلامي الفرنسي، بعد أن كسبت ذاتي القضية وانتزعت اعتراف رجل الأعمال الشهير دومنيك دوسين للطفلة “زهرة”، بعد محاكمة مثيرة في فيرساي شغلت الرأي العام بفرنسا والمغرب.
وللإشارة فإن عائلة رشيدة ذاتي تعيش في الدار البيضاء، وتحديدا في حي سباتة الشعبي، “جميلة 5″، قبل أن ينتقل عدد من أفرادها تباعا إلى فرنسا للإقامة هناك، دون أن يخلفوا الوعد مع المغرب الذي يترددون على زيارته سنويا.
عضو بالبرلمان الأوروبي يسخر من الأصول العربية لرشيدة
فاجأ عضو البرلمان الأوروبي، ديديي جيوفروي، الجميع بتصريح جاء فيه: “هذه الفتاة كان من الممكن أن تصبح سارقة دراجات على مشارف شالون”، وهو تصريح قالت عنه المغربية رشيدة داتي إنه ليس “انزلاقة أو عبارة تافهة بل هو عنصرية وبالتالي فهو جريمة”. وأصرت ذاتي على أن التعامل بتساهل مع تصريحات مماثلة يعني التساهل مع العنصرية والتطبيع معها. في المقابل، نشر البرلماني الأوروبي موضوع الاتهام، عبر حسابه على “تويتر” في وقت لاحق من اليوم نفسه تغريدة نفى من خلالها أن يكون صاحب التصريح المتضمن باسمه، وهو التصريح الذي تضمنه كتاب “رشيدة لا تموت أبدا” حيث قال: “لم أدل قط بتلك التصريحات لا عن رشيدة ذاتي ولا عن أي كان”.
وتعتبر رشيدة داتي وزيرة العدل الفرنسية السابقة أول امرأة مسلمة من أصول شمال إفريقية تتبوأ منصبا رفيعا في الحكومة الفرنسية على مستوى وزير. لكنها كانت الأكثر تعرضا لحملة شرسة من الإشاعات حيث وصفها المناهضون للتمييز العنصري في فرنسا بأنها “حملة موجهة من قبل مجموعة من الحاسدين، المتعصبين، من نخبة الجنس الأبيض”.
دافعت رشيدة ذاتي عن المقاربة الزجرية في مواجهة العنصرية، وطالبت بتشديد العقاب على المجرمين الذين يكررون جرائمهم، وعلى التعامل مع قضايا التمييز العنصري.
وقد ركز خصوم رشيدة على حياتها العائلية بعدها أشيع أن أحد أشقائها على وشك أن يحكم في قضية بيع مخدرات، للمرة الثانية بعد أن كان يقضي فترة عقوبته السابقة في السجن بتهمة بيع الهيروين. وأن هناك أخ آخر يتم التحقيق معه في قضية بيع حشيش، وشنوا حملة على وزيرة العدل.
الصحافة الجزائرية والفرنسية تتعقبان داتي في صالون التجميل
ظلت رشيدة داتي السياسية الفرنسية ذات الأصل المغربي موضوع جدل في كثير من مواقفها وتصرفاتها، خاصة بعدما تحولت هذه الوزيرة الفرنسية والبرلمانية في الاتحاد الأوروبي، إلى مادة دسمة لصحافة الإثارة مخلفة في حلها وترحالها نقاشا إعلاميا صاخبا في فرنسا والجزائر وخارجهما.
بغض النظر عن موضوع الحمل الذي أثار الجدل في الصحافة الفرنسية، فإن رشيدة شغلت الناس أيضا عندما خضعت لعملية تجميل وصفتها وسائل الإعلام بـ”الفاشلة” معتبرة أنها تسببت في تشويه وجهها، محملة المسؤولية الكاملة إلى الطبيب الذي أجرى هذه العملية، بالنظر إلى الشكل الذي كانت عليه رشيدة داتي من قبل والذي اعتبر أفضل من الوضع ما بعد الرتوشات “التجميلية”، لاسيما وأن قسمات وجهها بدت جامدة.
وحسب مصادر إعلامية جزائرية، فإن الوزيرة لجأت إلى عملية تجميل لشد الوجه من أجل إخفاء التجاعيد وآثار التعب، يقول الدكتور إيريك، خبير التجميل، وساهم “اللوك الجديد” في تحريك الإعلام من جديد لاسيما بعد ظهورها بـ “فرانس أنفو”.
قارن العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور وزيرة العدل سابقا، قبل إجراء العملية وصورتها بعد الخضوع للعملية، وأجمعوا على أن التغيير واضح على ملامحها، وأنها أجرت عمليات شد عبر حقن “البوتوكس” ونفخ على خدودها بإبر “الفيلر”. ولم تخف السياسية مغربية الأصول هوسها بالتجميل خلال استضافتها في البرنامج الذي يحمل عنوان “حوار في السياسة” والذي عبر بها صوب أشياء شخصية تتعلق بجسدها، حيث تبين أنها لا تهتم كثيرا بما يقال حول الخطأ المرتكب من طرف الطبيب الذي حقنها وأنها سعيدة بمظهرها الجديد.
من جهة أخرى، لفتت داتي الأنظار من خلال اللون الأحمر الذي ترتديه والذي يثير غضب خصومها، ويبدو أن ما يحق للوزيرات الفرنسيات ونساء الطبقة السياسية لا يحق للوزيرة عربية الأصل رشيدة التي تتعقب وسائل الاعلام حركاتها وسكناتها لكي تنفذ إلى ما يمكن انتقادها به أو حتى التشهير بها لأتفه الأشياء أحيانا.
فقد أثارت الصور التي نشرت للوزيرة السابقة في مجلة “باري ماتش” جدلا في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي، حين ظهرت داتي على غلاف المجلة في ثوب من قماش أحمر مطبوع من تصميم “ديور”.
وتضمن العدد تحقيقا مصورا احتل عدة صفحات من المجلة، تم تصويره في فندق “بارك حياة” الواقع في ساحة فاندوم الفخمة في باريس، غير بعيد عن مقر وزارة العدل. وتساءلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن سبب ظهور الوزيرة بهذه الأناقة الفخمة وبحذاء بالكعب العالي وقالت: “هل هذه وزيرة للعدل أم عارضة أزياء؟”
كما تناقلت مواقع وصحف أُخرى أخبار غياب الوزيرة الفرنسية عن مناسبة سياسية في واشنطن لأنها كانت في السوق تبحث عن فستان للسهرة ترتديه في العشاء الرسمي الذي أُقيم على شرف الرئيس الفرنسي السابق والوفد المرافق له.
ونظراً للتعليقات المبالغ فيها التي يثيرها كل ظهور إعلامي للوزيرة السابقة رصدت صحيفة “الباريزيان” قائمة طويلة بعدد المرات التي نشرت فيها صور داتي في الصحافة الشعبية وفي برامج التلفزيون. وتأتي هذه المرأة “المشاكسة” في طليعة الشخصيات المرغوبة من صحافة الإثارة على المستوى الفرنسي.