ممتلكات الجالية خط أحمر
لا زالت الاتفاقيتان المتعلقتان بالإقرارات الضريبية والتبادل المعلوماتي للمعطيات بين المغرب ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حبيسة لجنة الخارجية بمجلس النواب، بعدما تعذر التصويت عليهما في الجلسة العامة بسبب ما تتضمنانه من مقتضيات من شأنها المساس بحقوق ستة ملايين مغربي مقيمين بالخارج وجعل ممتلكاتهم بالمغرب تحت نيران الضرائب بالدول المقيمين فيها.
وكما وعدت الحكومة، على لسان وزيريها ناصر بوريطة وفوزي لقجع، فإنها ستدخل، خلال الأيام القادمة، مفاوضات شاقة وماراثونية مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قصد تعديل بعض المضامين وتصحيح أخطاء الاتفاقية التي وقعتها قبل أربع سنوات حكومة سعد الدين العثماني، حتى تكون متلائمة مع مصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي ترى في الاتفاقيتين خطرا كبيرا على ممتلكاتها وتحويلاتها لبلدنا.
ما ينبغي أن تضعه الحكومة نصب أعينها في مفاوضاتها المقبلة، هو أن مصالح 6 ملايين مغربي خط أحمر ولا يمكن بأي حال المس بها أو جعلها موضوع تفاوض من أجل شهادة حسن السيرة والسلوك. صحيح أن بلادنا تريد أن تثبت للعالم شفافية منظومتها المالية وحربها الشاملة على الأموال الفاسدة وذات الأصل الإرهابي وهي في غنى عن ذلك، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب حقوق مغاربة المهجر الذين يغيضون دول الإقامة بسبب تحويلاتهم السنوية لبلادهم.
لا ينبغي أن تنسى الحكومة، وهي تتفاوض على مصالح الجالية، أن دولا مثل فرنسا وبلجيكا وهولندا تبحث بكل الطرق الممكنة لكي تغلق الباب محكما أمام التحويلات الكبيرة من العملة الصعبة التي يقوم بها أفراد الجالية فضلا عن استثماراتهم ببلدهم.
لذلك، فإن أي تهاون من الحكومة في القبول ببنود مجحفة هو خذلان للجالية التي تساهم منذ عقود في بناء الاقتصاد الوطني ولا تبخل في زمن الأزمات على بلدها رغم السياق الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تعيشه في بلدان الإقامة.
ولا نحتاج القول بأنه إذا تعارضت مصالح الاتفاقية مع مصالح الجالية، وكان على المغرب أن يختار، فالأولوية ينبغي أن تكون لمصالح الجالية مهما كانت شهادة حسن السيرة والسلوك التي يمكن أن نحصل عليها.