شوف تشوف

الرأي

معركة العتبة

يخوض الراسخون في السياسة منذ أيام معركة العتبة، التي يطالبون الحكومة بتخفيضها إلى الأدنى حتى يتمكن محترفو الانتخابات من تفادي تقلبات المناخ السياسي يوم الاقتراع. في هذه المعركة هناك صناع التحالفات وتجار الأصوات ومهندسو المناورات وهلم شرا.. الحزب الحاكم يعلن «الفيتو» على العتبة، ويصر على أن يبقى الحال على ما هو عليه، رغم أنه رفع في بداية حملته الانتخابية شعار التغيير، وتبين مع مرور الوقت أن صقوره كانوا على حق بعد أن غيروا هندامهم وأسلوب حياتهم وأرقام هواتفهم.
عند انتخاب أعضاء مجالس الأندية الرياضية، ينسحب نظام العتبة ويستبدل بنظام الولوجيات المخصصة عادة لذوي الاحتياجات الخاصة، ويصبح النزاع حول كرسي الرئاسة معركة لا تقبل وقف إطلاق النار إلا بتجديد الثقة في الرئيس والدعاء له بطول العمر على كرسي الزعامة طبعا، ومنهم من تمنى لو تحول الكرسي إلى شاهد قبر.
يصفق المنخرطون بحرارة، ولولا الخوف من كاميرات الهواتف الذكية، لأطلقوا زغرودة تشق العنان وتحول الجمع العام إلى حفل زفاف، وحين تنتهي الأكف من التصفيق وتستعيد برودتها الاعتيادية، تنال تعويضات التصفيق المبرح وتختفي عن الأنظار.
في الجمع العام لجامعة ألعاب القوى، ابتلع كثير من المعارضين ألسنتهم، وصودرت في دواخلهم كل الانتقادات التي لطالما رددوها في جلسات المقاهي، بل وتحولوا إلى كائنات أليفة بعد أن جردها أحيزون من «الريزو» وأصبحت مداخلاتها خارج التغطية، واجهها أحيزون بلازمة «مخاطبكم مشغول حاليا.. المرجو إعادة الاتصال لاحقا».
لكن أطرف ما ميز صخب الجموع العامة، هو ما حصل في الجمع العام الاستثنائي للاتحاد البيضاوي، فرع كرة القدم، حيث اعتقل منخرط من القاعة بعد أن تبين لمخبر سري أن الرجل مبحوث عنه بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد. لحسن الحظ أن الرئيس المنتخب يشغل مهمة محام، لذا هيأ نفسه لمرافعة استعجالية انتهت بالإفراج عن المنخرط المعتقل.
حين أصيب الدفاع الجديدي بالحمى، وتمدد على سرير المرض، استفاق فؤاد مسكوت، وراسل عامل الإقليم معاذ الجامعي، مطالبا إياه بالتدخل الفوري وحل المكتب المسير الحالي، وتعيين لجنة إنقاذ مؤقتة يرأسها «مسير سابق خاض آخر انتخابات بدون قميص حزبي»، وهي مواصفات كاتب الرسالة، الذي اقترح اسم المدرب المنقذ ومساعده ومستشاره، وجهز التشكيلة القادرة على إعادة الفريق الدكالي إلى سكة الانتصارات، وأعلن نفسه رئيسا لحكومة في المنفى.
ما أحلى الرجوع إليك أيتها السلطة، ما أدفأك أيها الكرسي، وما أروع مشهد المستخدمين وهم ينتظرون إطلالة الرئيس ليوزع عليهم رواتب تحولت بفعل التقادم إلى صدقة جارية! لذا خاض عبد العزيز العلوي معركة حامية الوطيس ضد رئيس الكوكب المراكشي محسن مربوح، تبين من خلالها أن هذا الأخير اسم على مسمى، إذ خسر أول نزال انتخابي ضد أكبر معمر على رأس عصب المغرب الكروية، حتى نال لقب «نوح الرؤساء» عن جدارة واستحقاق.
غادر رئيس الكوكب مركب وزارة العدل بمدينة مراكش، غاضبا وهو يلعن الانتخابات وسماسرتها، معلنا لجوءه للقضاء وللجامعة ولكل الطرق المتاحة للطعن في جمع «المذكر السالم من الديمقراطية»، وفي اليوم الموالي توصل نوح برسالة تهنئة من المكتب المديري للكوكب المراكشي، حلل وناقش.
في الجمع العام للجامعة الملكية «ماروك تيليكوم» لألعاب القوى، اختلت موازين القوى وكتم الحاضرون غيظهم، بعد أن تبين أن «عالما جديدا ينادي كل من سولت له نفسه طلب نقطة نظام، وفي جمع الاتحاد البيضاوي وعصبة الجنوب تبين أن الانتخابات عوضت بـ«انتخابرات» سرية ينوب فيها التصفيق على التصديق.
حين كتب الشاعر المصري أغنية «العتبة جزاز والسلم نايلو ف نايلو»، التي لطالما تغنى بها المصريون عقب نكبة 1967، كان المراد من هذه الأغنية الفلكلورية، الكشف عن الوهم الذي باعه الناصريون للشعب المصري، حين جعلوهم يعتقدون أن إسرائيل مجرد فزاعة حقول، ومع مرور الأيام تبين أن حقول الديمقراطية في العالم العربي مزروعة بالألغام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى