إعداد وتقديم: سعيد الباز
يتداخل السياسي بالأدبي على عدّة اعتبارات من أهمّها أن السياسة تشكّل أحد الأبعاد الإنسانية وإطارا تُبنى عليه جلّ العلاقات الاجتماعية والاقتصادية… وتفضي في النهاية إلى أن تصبح مظهرا حيويا وبارزا لكل التفاعلات داخل المجتمع. لكنّ هذا التداخل، رغم تماسه الشديد، يُبقي لكلّ واحد منهما حدودا مرسومة وفق قواعد محددة توضّح الفوارق بينهما وغايات وأهداف كلّ واحد منهما، واختلافهما على مستوى الفعل والممارسة.
علاء الأسواني.. «جمهورية كأنّ»
تدور أحداث رواية «جمهورية كأنّ» للروائي المصري علاء الأسواني حول المرحلة التي سبقت ثورة الغضب في 25 يناير 2011، وامتدت إلى فترة ما بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك. ضمّت الرواية العديد من الشخصيات صنفها الكاتب على شكل ثنائيات وفق طبقات اجتماعية وثقافية وسياسية ومذهبية مختلفة، وجعل أسلوب السرد فيها انتقاليا فيما بينهما، للتعرّف على صراعاتها وأفكارها ومشاعرها وتغيّرها مع مجريات الثورة. في المقطع التالي تصور الرواية مركز الأحداث في ميدان التحرير في القاهرة:
«… كان كلّ شيء منظّما في الميدان: هناك لجان من الشباب والبنات لتأمين الميدان تنتشر على المداخل، تفتّش الداخلين من الجنسين، وتتحقّق من شخصياتهم. وهناك لجان إعاشة تتولّى توفير الطعام، وإن لم يمنع ذلك مئات المتطوعين من إحضاره معهم. كان المتطوّع يدخل بمئات الساندوتشات فيتركها على أرض الميدان، ويدعو الواقفين إلى الأكل ثم يختفي في الزحام. وكانت هناك لجان للإعلام تتولّى الاتّصال بالصحافة واستقبال الصحافيّين الأجانب، وبين الحين والحين كانت تتردّد نداءات في الميكروفون تطلب طبيبا في مكان ما، أو متطوّعا لتأمين إحدى البوابات. تحوّل ميدان التحرير إلى جمهورية صغيرة مستقلة، أوّل أرض مصرية يتمّ تحريرها من حكم الديكتاتور. كان كلّ معتصم في «التحرير» يشعر بأنّه يحقق نموذجا ما، يحسّ بأنّ نجاح الثورة يتوقّف على ما سيفعله هو بالذات. أقيمت بالجهود الذاتية المنصة الرئيسة، حيثُ يلقي المتحدثون كلماتهم في الميكروفون المزوّد بسمّاعات كبيرة تصل أصداؤها إلى كلّ أنحاء الميدان. على جانبي المنصة، كان المنظمون قد أجلسوا أمهات الشهداء، سيّدات فقيرات في منتصف العمر يرتدين السواد، وقد خيّم عليهنّ سكون حزين. كلّ واحدة فيهنّ وضعت على صدرها صورة كبيرة لابنها الشهيد، وراحت تتطلّع إلى من حولها بما يشبه الرجاء، كأنّهم قادرون على إعادته إليها. قبل أن يتحدّث أيّ خطيب في الميكروفون، كان المنظمون يطلبون منه مصافحة أمّهات الشهداء. لفتة، ربّما كان الغرض منها أن يفهم المتحدّث أن الثورة لن تفرّط في حقوق الشهداء. كان نظام مبارك قد أطلق مجموعات من الشخصيات العامّة تأتي تباعا إلى الميدان لإقناع الثائرين بإنهاء الاعتصام والعودة إلى بيوتهم. وكان المعتصمون يرفضون الاستماع إليهم ويطردونهم. ومع ذلك، لم ينقطع مجيئهم يوما واحدا. في أركان الميدان المختلفة، على مدى الليل والنهار، كان هناك خطباء يتحدّثون إلى مجموعات من الناس… كان المعتصمون من كلّ الطبقات. أرستقراطيّون من نادي الجزيرة والزمالك وغاردن سيتي، وقاهريّون شعبيّون وريفيّون وصعايدة ونساء سافرات ومحجّبات ومنقّبات وروابط الشباب من ألتراس، مشجّعي كرة القدم، وهؤلاء كان دورهم حاسما في الدفاع عن الثورة. كانوا منظّمين ويتمتعون بلياقة بدنية عالية، ولديهم خبرة طويلة في مقاومة اعتداءات الأمن. تعرّف أشرف إليهم، وقد فهم منهم طريقة تنظيم الميدان، فذهب إلى شركة السياحة التي تركها صاحبها للثورة، والتقى هناك رئيس اللجنة التنسيقية، المسؤول الأوّل عن الميدان، الدكتور عبد الصمد، وهو أستاذ في كليّة الطبّ تجاوز السبعين، هادئ ومهذّب للغاية وملامحه مألوفة ووديعة…»
عبد الرحمان منيف.. شرق المتوسط
لم تنفصل الأعمال الأدبية المتعددة للكاتب والروائي عبد الرحمان منيف عن إطارها السياسي ورؤيته السياسية بالتحديد. هذه الرؤى والتصورات السياسية كثيرا ما عبّر عنها في حواراته وأفرد لها كتبا خاصة مثل «الديموقراطية أولا. الديموقراطية دائما» أو «بين الثقافة والسياسة». لكن في روايته ذات الحجم الصغير «شرق المتوسط» استطاع الكاتب، من خلال تطرقه لموضوع الاعتقال السياسي في الكثير من البلدان العربية، أن تتميّز روايته عن غيرها، رغم أن موضوع الاعتقال السياسي ومعاناة السجن تطرقت إليه روايات عربية سابقة، وأنّ البعض منها عبرت عن تجارب شخصية وواقعية، فيما أن عبد الرحمان منيف اعتمد فقط على تجارب مروية بنى على أساسها روايته.. فإنّ رواية «شرق المتوسط» تفوقت على غيرها، رغم قصرها، بطرحها الشامل لتجربة الاعتقال السياسي انطلاقا من عدة أبعاد نفسية واجتماعية وسياسية مع تحليل عميق للظاهرة من وجهة إنسانية ووفق منظور فلسفي وانشغال فكريّ عميق لفهم كل أشكال العنف والتعذيب والممارسات اللا إنسانية التي تعبّر عنها بصفة عامة تجربة الاعتقال السياسي. كانت رواية «شرق المتوسط» تجسيدا للتداخل بين الأدبي والسياسي:
…
كان يوم الأربعاء 17 تشرين الأوّل.
أوّل غيوم تمرّ فوق السجن، كانت هشّة صغيرة، تشبه الغبار. ومع مرور الدقائق تتمزّق وتتلاشى، وكان في داخلي شيء يتمزّق. لماذا انفجر في داخلي شيء يتمزّق. لماذا انفجر في داخلي ذاك العواء الأجرب؟ لماذا؟ لماذا؟
قلت لنفسي بلغة فلسفية مدنسة: على الأرض حيوان، له قامة طويلة، وأذرع قريبة الشبه بأذرع الشيمبانزي، أمّا الساقان فضامرتان وفي نهايتهما أقدام عريضة. أمّا في القمة فكتلة صلبة مغطاة بالشعر، وفيها ثقوب عديدة، في المقدمة وعلى الجانبين. وهذا الحيوان يستخدم الثقب الأمامي، وخاصة العريض في أسفل الكتلة الصلبة، في القرض والغناء والصفير، وأيام الشتاء يستخدمه للتنفس، أمّا أيام الرعب فإنّه يستعمله لغرض واحد فقط، وهذا الغرض لم يعرف له بعد اسم محدد، قال بعضهم للدفاع عن النفس، وقال آخرون للقتل، أمّا الكثرة الغالبة، فتؤكد أن الاستعمال الوحيد لهذا الثقب في زمن الرعب، يكون للقتل أو للانتحار!
هناك اعتقاد واسع أن هذا الحيوان سينقرض خلال فترة قصيرة، وفي حال انقراضه ستحتفل الحياة، لأنّ ذهاب هذا الحيوان بداية السعادة الحقيقية على الأرض!
…
يوم الأربعاء 17 تشرين الأوّل، كنت أحزم أغراضي في الحقيبة البنية، وأغادر السجن.
يوم الثلاثاء 16 تشرين الأوّل، الساعة السادسة مساء انتهى كلّ شيء. كانوا أربعة في غرفة مدير السجن، كنت أعرف اثنين منهم فقط، أمّا الاثنان الآخران فكنت أراهما لأوّل مرّة، قال لي الآغا: جاءت الموافقة على إطلاق سراحك، وغدا قبل الظهر ستكون حرّا… لم أفاجأ، لقد قدمت الثمن الذي طلبوه كاملا، ولم يبق إلّا أن أغادر السجن. لم أقل شيئا. ظللت أنظر إلى الأرض. أحسست أن عيونهم تتابع حركاتي. كان جو الغرفة ثقيلا برائحة الدخان والأحاديث السابقة ودقات ساعة الحائط. رفعت رأسي لأنظر إلى الآغا، كانت على شفته ابتسامة صغيرة. لمّا التقت نظراتنا، قال: كان يجب أن تفعل هذا قبل أربع أو خمس سنين… تأخرت كثيرا، دفعت ثمن ذلك من صحتك.
محسن الرملي.. حدائق الرئيس
تتناول رواية «حدائق الرئيس» للكاتب العراقي محسن الرملي معاناة العراقيين خلال ثلاث مراحل، تبدأ بالحرب الإيرانية، ثم ما عاشه الشعب العراقي تحت ديكتاتورية النظام السابق، وخاصّة مقابره السرية أو حدائقه بحسب عنوان الرواية، وأخيرا مرحلة ما بعد سقوط النظام، لذلك يأتي تعبير الكاتب في إحدى تدويناته أوضح في تصوير مأساة الشعب العراقي: «لو كان لكل قتيل كتاب لصار العراق بمجمله مكتبة كبيرة يستحيل حتّى فهرستها!»:
«…وما أن بدأت أولى غارات الطائرات الأمريكية على بغداد، وتحديدا على مناطق القصور الرئاسية، حتّى اضطرب كلّ شيء، فتمّ إهمال العمل بالحدائق وتحوّلت معظمها إلى معسكرات، أرض معركة، حفرت فيها الخنادق، وعلى التلال، ووسط الغابات نصبت المدافع ومقاومات الطائرات وقواعد الصواريخ الصغيرة وارتفعت سواتر التراب وأكياس الرمل. تحولت كلّ البقاع إلى حدائق من أسلحة من كلّ الأحجام والأنواع. وكما أخبره سعد ذات مرّة فإنّ كلّ القصور ودور الإقامة الفاخرة مبنية فوق حجرات محصنة وملاجئ، وفي بعض زوايا الحدائق ثمّة خنادق محفورة سلفا ومخفية تماما وسط النباتات والزهور وأسيجة الحناء. تسارع تحصين المواقع العسكرية الدفاعي على جانبي الدروب داخل القصور وعلى امتداد الطرق المؤدية إليها من داخل المدينة، وارتفعت أكياس الرمل استعدادا لتلقي الهجوم الأجنبي. تحولت القصور إلى ثكنات تعجّ بالأسلحة والعساكر أكثر مما فيها من أشجار. الأجواء مشحونة بالتوتر والإنذار ورائحة البارود والدم والدخان. هكذا تمّ منح الموظفين المدنيين مظاريف دنانير وأسلحة كلاشنكوف ومسدسات وقيل لهم اذهبوا في إجازة مفتوحة إلى أن نبلغكم مستقبلا بأوامر جديدة، وبهذه الأسلحة دافعوا عن بيوتكم والمؤسسات الحكومية في حاراتكم، قاتلوا الغزاة والخونة، وأنتم مخولون بقتل أيّ شخص تشكّون بإخلاصه للوطن أو ترون منه خيانة أو تخاذلا في الدفاع عنه. عاد إبراهيم إلى بيته، ومثل بقية الناس، اشترى كلّ ما استطاع من مخزون طعام وشراب وأغلق الأبواب، وحيدا بين الصالة والمطبخ والحمام وغرفة النوم، بين التلفاز والمذياع، يطلّ أحيانا من نافذة أو يصعد إلى السطح ليرى الدخان يتصاعد من كلّ الجهات في بغداد وانفجارات قصف الطائرات والصواريخ لا تتوقف، وخاصة صوب جهة مجمع القصور الرئاسية، اختلط الليل بالنهار، تحوّل كلّ شيء إلى جحيم حقيقي لأيام وأسابيع طالت جدا إلى أن أبصر بعينيه، الدبابات الأمريكية وهي تجوب شوارع حارته، أمام بيته، فظلّ معتكفا يتدبر أمر يومياته بأقل ما يمكن من طعام بارد وشراب وشموع لأنّ الكهرباء قد انقطعت والاتصالات انقطعت وتقطعت السبل، ولم يعد ثمة ما يصله بالعالم الخارجي إلّا مذياع مشوش الصوت وما يراه بعينيه من النوافذ والسطح وثقب الباب الخارجي، الذي لن يفتحه منذ أن اختبأ وإلى أن سمع ذات ظهيرة أصوات أناس تتنادى، من بينها أصوات نساء وصرخات أطفال، فأطلّ برأسه ورأى أكثر من شخص وعائلة يحملون حقائب وأكياسا… وحين مرّ به رجل يحمل حقيبة كبيرة على كتفه… فوجد نفسه يهتف بهم: إلى أين؟ أخبره الرجل على عجل قبل أن يمضي في الزقاق ويختفون خلف الزاوية القريبة، بأنّها الآن فرصة للهرب، كلّ الناس يخرجون من العاصمة، الدنيا مقلوبة يا أخي، فإذا كان لديك أقارب أو معارف خارج بغداد وفي القرى، الجأ إليهم… دخل إبراهيم إلى بيته، وزّع بين جيوبه رزما مما لديه من أوراق نقدية. أحكم إغلاق النوافذ والأبواب… وغادر، لا يحمل في يديه سوى قنينة ماء».
غابرييل غارسيا ماركيز.. خريف البطريرك
«خريف البطريرك» رواية سياسية بامتياز، لذلك وصفها غابرييل غارسيا ماركيز بأنّها «قصيدة عن عزلة السلطة»، تناول فيها معضلة سياسية وتاريخية في أمريكا اللاتينية التي عانت من العديد من الطغاة العسكريين الذين يصعدون إلى السلطة بالوتيرة نفسها، ويعيشون عزلتها الخانقة بعيدا عن حقيقة التاريخ وواقع الشعب، مرتكبين أفظع الأعمال الوحشية والحماقات أحيانا يقودهم إحساس حاد بجنون العظمة… حتّى لحظة السقوط أو الخريف الطويل في انتظار صعود ديكتاتور آخر في دورة غير متناهية:
«… دفعنا بابا جانبيا ينفتح على مكتب مخفي في الجدار، وهناك رأيناه، هو ببدلته الكتانية الخالية من الشارات، ولفافات ساقيه ومهمازه الذهبي على الكاحل الأيسر. كان أكبر سنا من كلّ الرجال ومن كلّ الحيوانات القديمة في الأرض وفي الماء، كان ممددا على الأرض وساعده الأيمن مثنيّا تحت رأسه على هيئة وسادة، مثلما تعوّد أن ينام، ليلة أثر ليلة. كلّ ليالي حياته الطويلة كطاغية متوحّد. وعندما قلبناه لنرى وجهه أدركنا أن من المستحيل علينا التعرّف عليه، حتّى وإن لم تكن العقبان نقرت وجهه. ذلك أن أحدا منّا لم يسبق له أن رآه قط. رغم أن صورته الجانبية كانت مرسومة على وجه العملة وقفاه وعلى طوابع البريد وشهادات نقاوة الدم وعلى أحزمة الفتق والكتفيات، ورغم أن منحوتته الحجرية المبرْوزة، مع تنّينٍ والعلم الوطني المتقاطعين على صدره، كانت معروضة في كلّ مكان وفي كلّ ساعة. لقد كنّا نعلم أنّها لم تكن سوى نسخ منسوخة عن نسخ لرسوم سبق وأن اعتبرت مشوّهة في زمن النجم المذنب، عندما كان آباؤنا يعرفون من يكون، لأنّهم استمعوا لروايات آبائهم، تماما كما سمع آباء آبائهم، فعودونا منذ طفولتنا على الاعتقاد بأنّه حيّ في بيت السلطة. لأنّ أحدهم رأى مصابيح النور المركّز تُضاء ذات ليلة من ليالي الحفلات. وروى أحدهم لقد رأيتُ العينين الحزينتين والشفتين الشاحبتين واليد المتأمّلة التي تلوّح بالوداع إلى لا أحد، عبر زخرفة مذبح عربة الرئاسة. وذات يوم أحد، أصبح موغلا في البعد الآن. أُحْضِرَ الأعمى الجوّال الذي ألقى مقابل خمسة «سانتافو» أبياتا للشاعر المنسي «روبن داريو» ثم عاد سعيدا كما لم يعد أحد بالقطعة النقدية التي ربحها مقابل الإلقاء على شرف الجنرال من دون أن يراه طبعا، ليس لأنّه أعمى بل لأنّ أيّ فانٍ لم يلمحه منذ أيّام الحمّى الصفراء. ورغم ذلك كنّا نعرف حقّ المعرفة أنّه كان فعلا هناك، لأنّ العالم كان يتواصل. والحياة تتواصل، والبريد يصل، وجوقة البلدية كانت لا تزال تعزف كلّ يوم سبت مجموعة الفالس الساذجة تحت النخيل المعفّر والفوانيس الكئيبة في ساحة الأسلحة، وكان موسيقيون مسنّون آخرون يحلّون في الجوقة محلّ الموسيقيين المتوفين. وفي السنوات الأخيرة عندما لم نعد نسمع في الداخل، لا أصواتا بشرية ولا تغريد عصافير، وعندما أوصدت الأبواب المصفحة إلى الأبد، علمنا أن ثمّة أحدا في البيت الأهلي. إذ كنّا نرى خلال الليل أنوارا تشبه أنوار الملاحة عبر النوافذ المطلّة على البحر. والذين تجرّأوا على الاقتراب سمعوا جلبة اجتياح أظلاف وتأوهات حيوان كبير خلف الجدران الحصينة. وذات مساء من شهر يناير لمحنا بقرة تتأمّل الغسق من أعلى الشرفة الرئاسية. تخيّلوا، بقرة في شرفة الوطن، يا للفظاعة، يا له من بلد قذارات. لكننا قمنا بالعديد من التخمينات، نعم كيف يمكن أن تصل بقرة إلى شرفة إذا كان الجميع يعرف أن الأبقار لا تتسلّق السلالم.
يوسف فاضل.. «ريفوبليكا.. ثلاثية الريف»
تأتي رواية «ريفوبليكا.. ثلاثية الريف»، للكاتب المغربي يوسف فاضل، في سياق عام ميّز مسار كاتب روائي استطاع أن يستلهم من الأحداث السياسية الكبرى في تاريخ المغرب مادته الروائية والإبداعية، للكشف عن الوجه الآخر للأحداث في خلفياتها الاجتماعية والدوافع النفسية والذاتية، التي أطرتها وكان لها بالغ التأثير، من خلال كتابة روائية تحتفظ لنفسها، عن طريق التخييل وأدواته وأساليبه المتنوعة، بتحرير الموضوع السياسي من سلطة التأريخي، أو كما عبّرت عنه الكاتبة المغربية زهور كرام، في تتبعها للمسار الروائي ليوسف فاضل بقولها: «تعدّ روايات الكاتب المغربي يوسف فاضل من الأعمال التي انتصرت لعملية تحرير السياسي من سلطة التقييد التأريخي، من خلال تحويل المغرب السياسي إلى سيرة تخييلية، بدأت مع نصوصه الأولى مثل «الخنازير» (1983)، و«ملك اليهود» (1996)، و«حشيش»(2000) وغيرها، حيث التركيز على قضايا اجتماعية، من خلال المهمشين، والمنبوذين، والمسكوت عنهم في العلاقات الاجتماعية، وتحققت الرؤية الروائية مع العملين الروائيين الأخيرين: «قط أبيض جميل يسير معي» (2011)، الذي يحكي قصة المهرج «بلوط» الذي انتقل من ساحة جامع الفنا بمراكش، ليصبح مهرج الحاكم داخل القصر، ويتكفل بإضحاكه، وعبره تعري الرواية عالم القصر وأسراره، والحاكم وجبروته، والحاشية ودسائسها، ثم رواية «طائر أزرق نادر يحلق معي» (2013) التي وصلت إلى اللائحة القصيرة لبوكر 2014، والتي تطور التخييل السير- سياسي في منطقة أكثر التباسا في تاريخ المغرب، والتي تعرف بسنوات الجمر والرصاص».
صدرت الثلاثية «ريفوبليكا» في 1244 صفحة موزعة في ثلاثة أجزاء منفصلة عن «منشورات المتوسط – إيطاليا»، وهي بالتالي عمل ضخم يتتبع مسار شخصيات وأجيال متعددة وفق تاريخها الشخصي وعلاقاتها داخل إطار سياسي وتاريخي محدد، لاشك أنّ له التأثير والانعكاس الضروري، لكنها تسير وتتطور حسب مقتضيات المنطق الروائي، كما يؤكده تنويه الناشر: «هنا، نحن أمام تحفة أدبية كبيرة، عن حدث كبير، مَهرَ مستقبل شعب كامل بأختامه، والتي لا تزال بادية على ملامحه حتى يومنا هذا، تحفة يكتبها روائي كبير، وبقدر ما فيها من شغفٍ فيها من سردٍ دقيقٍ وشديد التّركيز، سردٍ كريمٍ بعوالم متنوعة وغنية ومتيقظة، ومتوازن بمقدار الحاجة الروائية من أحداث وشخصيات وأزمنة، وبمقدار الحاجة الأدبية والشعرية التي حققها كلّها يوسف فاضل في هذه الثلاثية».
من أجواء الرواية نقرأ: «…ثمّ ارتفعت الأصوات محتجّة، مندّدة، لمّا ظهرت على الشاشة صورة الشابّ الذي أضرم النار في نفسه أمام بلدية سيدي بوزيد، وتلتها صور المظاهرات في القاهرة، والاحتجاجات في الدار البيضاء. صفّقوا بحرارة عندما بدأت التلفزة تستعرض صور المظاهرات في الحسيمة والناظور، وهو واقف خلف الشجرة. يلتقط نتف حديثهم. مدّثّر في قميص النوم ويفكّر في البرد الذي يقرض مفاصله، وقد يسقط مريضاً قبل أن ينتهوا من تبادل أخبارهم، ولكي يروا أنه لا يهتمّ بانشغالاتهم راح يتلهّى بعدّهم من اليمين إلى اليسار، بصوت مرتفع حتّى يزعج تركيزهم، ويرى أنهم ثلاثة وعشرون نفراً. ثمّ من اليسار إلى اليمين، ويرى أن العدد يتغيّر قليلاً. ارتفعت أصوات أكثر حدّة، طاغية على أصوات المحتجّين في التلفزة… هذا عهد الحرّيّات والديمقراطية … لا يمكن أن نترك أمر البلاد في يد حَفْنَة من القراصنة يهجمون علينا وقتما شاؤوا. ثمّ يعيد عدّهم، من اليمين إلى اليسار ويصير العدد مختلفاً، تسعة وثلاثون. ثمّ ينتبه إلى أنهم يلتفتون إليه ويردّدون بصوت واحد موجّهين أصابعهم جهته… ها هو، ها هو… وهو يلتفت خلفه قبل أن ينتبه… ها هو. ثمّ يدرك أنهم يقصدونه… ها هو، بنصالحْ، الثائر القديم الذي لم يعد يذكره أحد. ومن جهته لم يعلّق بإشارة أو كلمة».
رف الكتب
كتاب الخواء الكامل
إنّ للنصوص الطاوية قدرة كبيرة على خلق الانشداه، لا يملك فيها المرء سوى الإنصات للحكاية أوّلا. إذ في السرد تكمن مهارة النصوص الطاوية في ممارسة فكرها السلبي حدّ العدمية الممجدة للخواء. فالطاوية فلسفة صينية قديمة تعود إلى معلمها الأوّل لاو تزو كانت منافسة ومنتقدة للكونفشوسية الأقدم منها والأكثر توغّلا في ذاكرة الصين حتّى اليوم والمنسوبة إلى الفيلسوف والحكيم كونفوشيوس، ففي اعتقادها أنّ كلّ ما في الوجود هو من «الطاو» وهو أصل الأشياء من خلال ثنائية (اليين/ اليانغ) وتحقيق التناغم بينهما عن طريق أسس وتعاليم الطاوية يِؤدي إلى السعادة المطلقة أو كمال المعرفة الوجودية. من بين النصوص الطاوية المشهورة والمشاعة في كافّة الترجمات نصوص لاو تزو- Lao Tseu، إلّا أنّ هناك نصوصا أخرى أقلّ شهرة نسبيا من بينها كتاب لاي تزو Lie Tseu حيث نصادف نصوصا متعدّدة تعود إلى فترة متأخّرة من تاريخ الصين الفكري والروحي بدأت فيه الطاوية تهادن الكونفشيوسية بل لا تتورع في أن تكون أكثر شعبية وإنسانية.
بالنسبة لـ(لاي تزو) وجامع نصوص كتاب الخواء الكامل وحكايات الطاوية فالمعلومات عنه شحيحة ونادرة، ومن المرجّح، حسب الفصل السادس من الكتاب الثاني، أنّه ولد حوالي 450 قبل الميلاد. لا نعلم شيئا عن مهنته أو ظروف حياته ولا عن سنة وفاته، إلّا أنّه يبدو أنّ لاي تزو كان يعيش زاهدا معتمدا على تلامذته وأتباعه مبتعدا عن الوظيفة وعن الدولة وأمور الحكم، وكما قال لتلميذه في الكتاب الثاني وهو يتحدّث عن الأمير: «…من المؤكّد أنّه سيحمّلني مهاما في الدولة فارضا عليّ إنجاز أمور عظيمة…» وهذا ما يأباه قطعا أيّ في الطاوية من حجم لاي تزو. هنا مختارات من الحكايات الواردة في كتابه:
الرجل والقردة
كان يعيش في بلاد «سونغ» أحد مربّي القردة، يحبّها ويملك منها قطيعا كاملا. كان قادرا على فهم رغباتها وهي الأخرى كانت تفهم سيّدها، ويوثرها بغذائه ليكفيها. لكن عوزا طارئا عرض له فاضطرّ إلى التقليل من طعام القردة، ومخافة أن تثور عليه بادرها بالقول محتالا: لو أنّي منحتكنّ في الصباح ثلاثة بلوطات وفي المساء أربعة أيكفي هذا القدر؟ هبّت كلّ القردة غاضبة. حين ذاك غيّر رأيه وقال: وليكن، أمنحكن في الصباح أربعة بلوطات وفي المساء ثلاثا، أهذا يكفي؟ حينها نامت القردة راضية.
هكذا النّاس، بعضهم فطن والآخر غبيّ. بعضهم يخدع الآخر، والحكيم بفضل ذكائه يخدع جموع الأغبياء بنفس طريقة مربّي القردة الذي خدعهن دون أن يغيّر من الشيء أو اسمه، فكان قادرا على أن يجعل القردة غاضبة ثمّ مسرورة.
سارق الفأس
ضاعت لرجل فأسه، فشكّ في ابن الجيران وأخذ في مراقبته: هيأته، تعبير وجهه وطريقة كلامه، كانت تماما لسارق فأس. كلّ كيانه، كلّ حركاته تعبّر بوضوح عن سارق فأس.
غير أنّ الرجل الذي ضاعت منه الفأس وهو يحفر الأرض جنب الوادي حدث له أن وضع يده بالصدفة على هذه الآلة. في الغد نظر مجدّدا إلى ابن الجيران. كلّ كيانه، كلّ حركاته لم تعد لها صلة بسارق فأس.
فاعل الخير
قال (يانغ تشو): فاعل الخير، ولو لم تكن له النية في ذلك، فإنّ الخير يجلب إليه الشهرة، هذه الشهرة تعود له بالثروة، والثروة تأتي له بالأعداء. لهذا السبب ينظر الحكماء مليا في الأمر عدّة مرّات قبل الإقدام على فعل الخير من أجل الآخرين.
الجميلة والذميمة
تمّت استضافة (يانغ تشو) أثناء مروره بإمارة «سونغ» في فندق. كانت لصاحب الفندق امرأتان، واحدة جميلة، والأخرى ذميمة. الذميمة كانت محبوبة، والجميلة مكروهة… سأل (يانغ تشو) خادما صبيا: لماذا هذا الأمر؟… أجاب الصبي: لأنّ الجميلة تلعب دور الجميلة، ما يجعلها في أعيننا بغيضة، في حين الذميمة تعرف من نفسها أنّها ذميمة، ما ينسينا ذمامتها.
قال (يانغ تشو): تذكروا هذا الأمر أيّها التلاميذ، أن تكون حكيما، هي ألا تستعرض ذلك، هذا هو السرّ الذي يجعل المرء محبوبا في كلّ مكان.
الخواء
سأل أحدهم الفيلسوف (لاي تزو): لماذا تضع الخواء في هذه المنزلة العظيمة من التقدير؟ أجاب (لاي تزو): ليس للخواء غرض بالتقدير. إن أردنا أن نكون بلا اسم، لا شيء يعدل الصمت ولا شيء يعدل الخواء، بالصمت والخواء نصل إلى حيث نقيم، لكن الذي يأخذ ويعطي يفقد موطنه.
عندما تفسد أشياء هذا العالم، هناك من النّاس من يُجْهد نفسه لإصلاحها عن طريق الفضيلة والواجب، لكن دون جدوى !!
(ترجمة/ س. الباز)
مقتطفات
العنف.. تأمّلات في وجوهه الستّة
يتساءل كتاب «العنف.. تأمّلات في وجوهه الستّة»، للكاتب السلوفيني سلافوي جيجيك Slavoj Žižek، هل يسبب تطور الرأسمالية والحضارة ارتفاعا في وتيرة العنف أم يحدّ منه؟ هل يكمن العنف في فكرة «التجاور»، على بساطتها؟ وهل تقتصر ردة الفعل تجاه العنف اليوم على التفكّر؟ هذا بعض من أسئلة يعالجها الكاتب سلافوي جيجيك في هذا الكتاب، عن طريق سبر أغوار الأنظمة التوتاليتارية الدموية التي سادت في القرن الماضي، ومقاربة العنف المسمّى مقدسا، ورسم أجندة جديدة تحدد السبيل الأمثل للتفكير في العنف، والوصول إلى حلول لمشكلات يسبّبها، من خلال محاجّة ثقافية لأي عنف تنتجه العولمة أو الرأسمالية أو الأصولية أو اللغة.
يتناول الكاتب في البداية مسألة العنف في مستوياته الظاهرة والخفية: «إذا كان ثمة ما هو مشترك بين الأفكار والتأمّلات الخاصة بالعنف، فإنّ مفارقة مشابهة تتطابق مع هذا المفهوم. إذ تبقى في عقولنا، أوّلا وقبل كلّ شيء، مؤشرات العنف الصريحة الواضحة متمثلة في أفعال الإجرام والإرهاب والاضطراب الأهلي، والصراع الدولي. غير أنّ علينا أن نتعلّم فنّ التراجع، فنّ فكّ الارتباط بالإغراء المبهر لهذا العنف «الذاتي» المرئي مباشرة، الذي يقترفه شخص ما يمكن التعرّف إليه بوضوح. لا بد لنا من إدراك خصائص الخلفية التي تولّد مثل هذه التفجيرات. فمن شأن خطوة كهذه أن تمكننا من أن نطيح بالعنف، ما يؤدي إلى إدامة جهدنا الفعلي المكرّس لمحاربة العنف وتعزيز التسامح. تلك هي بداية الطريق، بل لعلها الحقيقة البديهية التي يحاول هذا الكتاب تأكيدها. فالعنف الذاتي ما هو إلّا ذلك الجزء المرئي من مثلث يتضمن أيضا نمطين موضوعيين من العنف: أوّلا، عنف «رمزي» متجسّد في اللغة والأشكال، في ما يُطلق عليه هايدغر «بيت وجودنا». وكما سنرى، في ما بعد، فإنّ هذا العنف ليس فاعلا في العلن فحسب، وليس مدروسا على نطاق واسع، على صعيد حالات التحريض وعلاقات الهيمنة الاجتماعية التي يُعاد إنتاجها في صيغ كلامنا المألوف، بل ثمة شكل من العنف أكثر تجذرا لا يزال ملتصقا باللغة بوصفها لغة، وملتصقا بإصرارها على فرض عالم محدد للمعاني. ثانيا، هناك ما أميل إلى تسميته بالعنف «المنهجي»، أو جملة تلك العواقب الكارثية الناجمة عن مضي أنظمتنا الاقتصادية والسياسية بسلاسة ويُسْر».
ويضيف الكاتب، في فصله بين العنف الرمزي والمنهجي، توضيحات أخرى بخصوص العنف الذاتي والموضوعي ومقابلهما العنف المنهجي: «يكمن اللغز في حقيقة تعذّر رؤية العنف الذاتي ونظيره الموضوعي من وجهة النظر نفسها. فالعنف الذاتي الذي يمارس ذاتيا ضد خلفية مستوى صفْري من اللاعنف الذي يُنظر إليه على أنّه إزعاج واضطراب الوضع السلمي للأمور. أمّا العنف الموضوعي، فهو بالتحديد ذلك العنف الكامن في صلب هذا الوضع «الطبيعي» للأشياء، وهو غير مرئي لأنّه يديم معيار المستوى الصّفْرٍي بالذات، الذي ندرك في ضوئه أنّ شيئا ما عنيف ذاتيا. هكذا، فإنّ العنف المنهجي يشبه تلك «المادة المظلمة» المعروفة في الفيزياء، ذلك النظير المقابل لعنف ذاتي شديد الوضوح، الذي ربما يكون خفيا، لكن من الضروري أخذه في الحسبان إذا ما أردنا إضفاء معنى ما على ما يبدو أنّه تفجّرات «لاعقلانية» للعنف الذاتي».
يمزج الفيلسوف والمفكر السلوفيني، سلافوي جيجيك، ذو الشعبية الكبيرة في أوروبا بفضل روح الدعابة لديه وغرابة أطواره، بين الماركسية والهيجيلية والتحليل النفسي على طريقة جاك لاكان ولا يخفي شيوعيته. هو إضافة إلى ذلك ناقد ثقافي غزير الإنتاج، له مساهمات متعددة بلغات أوروبية عدة في مجالات التنظير السياسي والفن السينمائي والتحليل النفسي. عمل باحثا رئيسيا في معهد السوسيولوجيا والفلسفة في جامعة لوبليانا السلوفينية، وأستاذا في المعهد العالي الأوروبي للدراسات العليا ومديرا لمعهد بيركبك للعلوم الإنسانية في جامعة لندن.
متوجون
فوز شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في دورتها الثلاثين
نال الشاعر اللبناني شربل داغر جائزة أبو القاسم الشابي في تونس في دورتها الثلاثين عن ديوانه «يغتسل النثر في نهره»، الصادر عن دار خطوط وظلال للنشر والتوزيع. واعتبرت لجنة التحكيم أنّها منحت الجائزة للشاعر شربل داغر عن هذا الديوان «لاختلاف الكتاب عن كثير من السائد في قصيدة النثر، وفي البناء الشعري والمعرفي، ولما تميز به وما احتواه من لغة حية وبنية محكمة وكتابة مُوقعة متعددة مُشرعة على الأجناس الأدبية».
إضافة إلى ذلك منحت لجنة التحكيم «جائزة تقديرية» للأديب والمفكر التونسي عبد المجيد الشرفي عن مجمل أعماله، وذلك «تقديرا لمشروعه الفكري الحداثي وعقلانيته، وقراءته في موجز الحداثة وأسئلتها وقضاياها في الفضاء العربي الإسلامي خاصة، وفي الفضاء الإنساني عامة».
ترأس لجنة تحكيم الدورة الثلاثين الشاعر التونسي المنصف الوهايبي، وضمت في عضويتها شيراز دردور ووناسة نصراوي وحاتم الفطناسي وعمر حفيظ. فيما بلغ عدد الأعمال التي تقدمت للجائزة هذا العام من تونس وخارجها 43 عملا انتقت منها لجنة التحكيم 17 للقائمة الطويلة قبل أن تختصرها إلى ثلاثة في القائمة القصيرة. الجائزة استحدثها البنك التونسي منذ سنة 1984، في تزامن مع ذكرى رحيل الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي، وتقدم كل عام في فرع مختلف من فروع الإبداع الأدبي.
وأوضح الشاعر الفائز بأن جائزة أبو القاسم الشابي تقترن باسمِ شاعرٍ لا يزال، على الرغم من وفاته الباكرة، «يَلمع في سماء الشعر، بنبرته الحيوية، وخياله المتوقد، وفكره المتمرد».
من أعمال شربل داغر الشعرية «القصيدة لمن يشتهيها»، و«حاطب ليل» و«فتات البياض»، وفي المجال الروائي صدرت له روايات «وصية هابيل»، و«بدل عن ضائع» و«شهوة الترجمان»…