طانطان: محمد سليماني
لا يزال الشارع الطانطاني ينتظر نتائج التحقيق والأبحاث التي باشرتها أكثر من جهة، في قضية وفاة طفل يبلغ من العمر 14 سنة، متأثرا بتداعيات أكلة لحم مفروم تناولها رفقة أسرته.
وتعالت مطالب عدد من فعاليات المدينة، بضرورة الكشف عن السبب الحقيقي لوفاة الطفل الضحية، وذلك لترتيب الجزاءات، خصوصا في ظل الحديث عن غياب المراقبة الشديدة للمحلات التجارية بالمدينة، إضافة إلى قلة الموارد البشرية الطبية بالمركز الاستشفائي الإقليمي، والتي من شأنها القيام بتدخلات عاجلة في مثل هذه الحالات. وفي السياق ذاته توصل وزير الصحة والحماية الاجتماعية بسؤال كتابي يتمحور حول ضرورة الكشف عن الأسباب الحقيقية لوفاة الضحية، إضافة إلى استفساره عن التدابير المزمع اتخاذها لتأهيل المستشفى الإقليمي بطانطان وتجويد خدماته، خصوصا في ظل ارتفاع مستوى الإقبال على خدماته في ضوء تعميم الحماية الاجتماعية.
واستنادا إلى المعطيات، فإن طفلا لقي حتفه مباشرة بعد تناوله أكلة لحم مفروم اقتنتها أسرته من جزار قرب محل سكناهم، الأمر الذي أدى إلى إصابة الأسرة بأكملها بحالات غثيان وارتفاع في درجة الحرارة، والشعور بمغص في المعدة، قبل أن يتوفى الطفل. وقد دخلت النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بطانطان على خط وفاة الطفل، وإصابة أفراد أسرته بأكملها، وذلك عبر توجيه تعليمات إلى الضابطة القضائية، من أجل فتح تحقيق في أسباب وفاة الضحية، وإصابة أهله.
وحسب المعلومات، فإن إصابة أسرة كاملة بتسمم غذائي، ونقلها إلى المستشفى الإقليمي في حالة حرجة، قد أثارت من جديد نقاشات قديمة حول مستوى الخدمات المقدمة داخل المستشفى الإقليمي، خصوصا وأن الأسرة لما وصلت إلى المستشفى لم يكن هناك طبيب متخصص في التخدير والإنعاش، الأمر الذي تطلب نقل الضحية على وجه السرعة نحو المركز الاستشفائي الجهوي الحسن الثاني لأكادير، غير أنه فارق الحياة قبل وصوله إليه، كما تم نقل أفراد أسرته بعد ذلك إلى المستشفى الجهوي لأكادير، بعدما تبين أن حالتهم الصحية لم تستقر، وأن تداعيات التسمم ما زالت تلقي بظلالها على حالتهم المضطربة.
ويعاني المركز الاستشفائي الإقليمي الحسن الثاني بطانطان من نقص حاد في الموارد البشرية، وخصوصا الأطباء الاختصاصيين، ذلك أن مجموعة من التخصصات ومن بينها التخدير والإنعاش بها طبيب واحد فقط داخل المستشفى، حيث يشتغل مدة 15 يوما، ثم يستريح لمدة 15 يوما، مما يجعل أن الحالات الاستعجالية التي ترد في أوقات عدم وجود هؤلاء الأطباء، قد لا تلقى العلاج الكافي، فيتم في غالب الأحيان تحويلها إلى المركز الاستشفائي الجهوي بكلميم، أو أكادير.
وما يجعل استمرار النقص في الأطباء بطانطان منذ مدة طويلة، هو أن أغلب الأطباء يرفضون العمل بهذه المناطق النائية والبعيدة عن المراكز الحضرية الكبرى، وبالتالي فرغم فتح باب التباري لتوظيف أطباء، إلا أن المترشحين المعنيين لا يتقدمون إلى هذه الوظائف، كما أن البعض الذين يتم تعيينهم يمتنعون عن الالتحاق بالعمل بهذه المناطق، مفضلين تطبيق مسطرة الانقطاع عن العمل في حقهم، لكونها أفضل وسيلة للحصول على الاستقالة من الوظيفة العمومية، والتخلص من عبء العمل في القطاع العمومي.