
محمد اليوبي
أصدرت الغرفة المختصة في جرائم غسل الأموال لدى المحكمة الابتدائية بفاس، يوم 12 فبراير الجاري، حكما يقضي بمصادرة أموال وممتلكات النائب البرلماني عن إقليم تاونات باسم حزب التجمع الوطني للأحرار، نور الدين اقشيبل، على إثر متابعته من طرف النيابة العامة بتهمة «غسل الأموال».
وقضت المحكمة بمؤاخذة اقشيبل من أجل المنسوب إليه والحكم عليه بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ، وغرامة مالية نافذة قدرها 50 ألف درهم، مع الصائر والإجبار في الأدنى، ومصادرة الحسابات البنكية المحجوزة لفائدة الخزينة العامة، ومصادرة جميع الممتلكات العقارية والمنقولة المحجوزة والمملوكة للمتهم في حدود نسب تملكه والمكتسبة بعد تاريخ 3 ماي 2007، تاريخ دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ، لفائدة الدولة المغربية، وبرفع الحجز والعقل عن الممتلكات المنقولة والعقارية المكتسبة قبل هذا التاريخ، ما لم تكن محجوزة لسبب آخر.
وأفادت المصادر بأن اقشيبل قرر الطعن في هذا الحكم، الذي جاء بعد صدور حكم عن غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، يقضي ببراءته من التهم المنسوبة إليه بخصوص تبديد واختلاس أموال عمومية، بصفته رئيسا لجماعة «مولاي عبد الكريم» بإقليم تاونات. وجاءت أمام غرفة جرائم الأموال متابعة البرلماني اقشيبل، بناء على الأبحاث والتحريات التي قامت بها الفرقة الجهوية للدرك الملكي بالقيادة الجهوية بفاس، التي استمعت إليه رفقة 14 مصرحا، وذلك بتعليمات من النيابة العامة التي توصلت بشكاية من نائبته الأولى، سميرة حماني، وجهت من خلالها اتهامات إلى رئيس المجلس الجماعي، اعتبرتها المحكمة غير معززة بالأدلة التي تثبتها، ما جعلها تصرح ببراءة اقشيبل.
وكانت النيابة العامة قد قررت فتح تحقيق مالي مواز في الاشتباه بوجود جريمة لغسل الأموال المختلسة، وذلك طبقا لمقتضيات القانون رقم 12-18 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، التي تنص على مصادرة متحصلات الجريمة، وأكدت المصادر أن رئاسة النيابة العامة تولي لهذه التحقيقات أهمية بالغة، حيث عملت على حث النيابات العامة على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية الموازية، وذلك عبر جرد ممتلكات المتهمين العقارية والمنقولة وحساباتهم البنكية، وعلاقة تلك الممتلكات بالجريمة الأصلية المتعلقة بتبديد واختلاس أموال عمومية، ويمكن للنيابة العامة أن تستعين بمساعدة الهيأة الوطنية للمعلومات المالية بشأن جمع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد بمناسبة قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية، مع جعلها قاصرة على الأموال ذات الصلة بالجريمة واحترام حقوق الغير.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إحداث لجنة مركزية على مستوى رئاسة النيابة العامة، يترأسها الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، ولجان جهوية على مستوى محاكم الاستئناف يشرف عليها الوكلاء العامون للملك بهذه المحاكم، وذلك بهدف تسهيل مأمورية استرجاع الأموال العمومية المختلسة، وتعتبر وزارة الاقتصاد والمالية عضوا رئيسيا بهذه اللجنة، من خلال الوكالة القضائية للمملكة والمديرية العامة لإدارة الجمارك والخزينة العامة للمملكة والمديرية العامة للضرائب ومديرية أملاك الدولة، إلى جانب القطاعات المعنية باسترداد الأموال العامة والتي تفيد في البحث عن الممتلكات المنقولة والعقارية، وتهدف هذه اللجان إلى تذليل الصعاب، إلى جانب البحث عن السبل الكفيلة بتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة.
وتتولى الوكالة القضائية مراقبة المسطرة وتنتصب في الوقت المناسب كمطالبة بالحق المدني نيابة عن الجهة المعنية، كما تقوم بمساطر احترازية موازية من قبيل البحث عن الذمة المالية للمتابعين بالاختلاس أو التبديد، سواء كانت منقولات أو عقارات أو أسهما أو نقودا، بالاستعانة بجميع المرافق الإدارية التي بإمكانها ضبط هذه الممتلكات، بدءا بالمحافظات العقارية والسلطات المحلية، وانتهاء بالأبناك والسجلات التجارية المحلية وأيضا السجل التجاري المركزي، وإن أثمر البحث يتم الحجـز على تلك الممتلكات حجزا تحفظيا، أو حجز ما للمدين لدى الغير، حسب الأحوال، ضمانا لاسترجاع المبالغ المختلسة التي قد يحكم بها والحيلولة دون تفويتها من طرف المالك المختلس، ويتوخى في ذلك عنصر المباغتة والمفاجأة، وبعدما يصبح الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به، تباشر الوكالة القضائية للمملكة مسطرة التنفيذ في الشق المدني من الحكم، فإن كانت هناك حجوزات تحفظية تحول إلى حجوزات تنفيذية، تمهيدا لبيعها بالمزاد العلني واسترداد الأموال المختلسة والمبددة.