مستحضرات للتجميل حلال تغزو السوق المغربية
كوثر كمار
ظهرت أخيرا، مستحضرات التجميل تحمل عبارة «حلال»، مما أثار استغراب العديد من المستهلكات. ويؤكد عدد من المتخصصين في هذا المجال أن هذه المستحضرات تتكون من مواد غير منهى عنها في الشريعة الإسلامية. في حين بعض المنتجات مثل أحمر الشفاه، طلاء الأظافر وغيرها تحتوي على مواد من أصل حيواني ونجسة. «الأخبار» تسلط الضوء على المكياج «الحلال» وتكشف عن حقائق مثيرة.
تمكنت بعض الشركات من إنتاج مستحضرات للتجميل حلال، أي أنها خالية من دهون الخنازير ومستخلصات الحيوانات النافقة، كما أنتجت طلاء أظافر يسمح بمرور المياه من خلاله ليصل إلى الأظافر، وبذلك لا تحتاج السيدة المسلمة إلى إزالته عند الوضوء وأثناء كل صلاة، وفق ما أكدته الجهات المصنعة.
غير أن بعض الباعة يروجون لمستحضرات يقولون إنها حلال من أجل استقطاب الزبائن، إذ لا تتوفر على شارة معهد التقييس بالمغرب.
لطيفة شابة في عقدها الثالث وقعت ضحية نصب من قبل بائع مواد تجميل أوهمها أنها حلال.
وتحكي لطيفة للجريدة أنها اشترت طلاء أظافر بسبعين درهما معتقدة أنه يسمح بمرور الماء إلى الأظافر أثناء الوضوء، غير أنها عندما حاولت إزالته وجدت صعوبة في ذلك واكتشفت أنه مجرد طلاء مغشوش. وتضيف المعنية، أن لا أحد يعلم ما إذا كانت مستحضرات التجميل تدخل في تركيبتها مواد حلال أم حرام، خاصة أن عددا من المنتوجات لا تشير في قائمة مكوناتها المذكورة على العلبة إلى دهن الخنزير.
شارة «حلال»
يمنح معهد التقييس، وهو مؤسسة رسمية تعنى بمواصفات ومقاييس المنتجات، عن قرب تسويق مستحضرات التجميل «المكياج» ذات العلامة «حلال»، على غرار المواد والمنتجات الغذائية التي تحمل شارة «حلال»، وتشهد إقبالا كبيرا في الأسواق المغربية.
وأصدر المعهد، السنة الماضية في سابقة من نوعها بالمغرب، مشروعا يتضمن المعايير المغربية التي تتعلق بالمواصفات المطلوبة التي يلزم اتباعها من أجل صناعة مستحضرات التجميل بطريقة تخلو من أي مواد أومكونات قد تخالف الشريعة الإسلامية.
وأكد المعهد بأن صناعة مكياج “حلال” ستشمل مختلف مراحل سلسلة الإنتاج من الاستقبال والإعداد والتصنيع والتصنيف والتعبئة والتخزين والتوزيع، ويتعين على الشركات احترامها قبل منح تلك المستحضرات التجميلية علامة حلال.
وفي هذا السياق أفاد مكي قباج، رئيس قسم التقييس بالمعهد المذكور أعلاه في تصريح لـ “لأخبار”، أن المعهد يعتمد على معيار مغربي ووضع مواصفات معينة من أجل منح شارة حلال، مضيفا أن هذه المعايير قد تم تحديدها خلال عدة اجتماعات عرفت مشاركة عدة أطراف.
وأوضح مكي قباج أن مستحضرات التجميل يجب أن تحترم التعاليم الإسلامية كخلوها من دهن الخنازير، بالإضافة إلى الجودة لضمان صحة وسلامة المستهلك، مؤكدا أن معهد التقييس بالمغرب لا يمنح الشارة إلا بعدما تخضع مستحضرات التجميل للتفتيش من قبل مختص في الشريعة الإسلامية وآخر مدقق يتحقق من تركيبة المواد.
ووفق قباج فالمصنع يخضع للرقابة ويشترط أن لا يخلط المواد الحلال مع الحرام وعدم تغيير سلسة الإنتاج.
وكشف رئيس قسم التقييس أن بعض المتطفلين على الميدان يضعون عبارة “حلال” على المنتجات من دون أن تستوفي الشروط الإسلامية. وذلك بهدف استقطاب عدد كبير من الزبائن.
منتجات «حلال»
تمكت بعض الشركات من فرض نفسها بقوة عبر العالم العربي لكونها السباقة في ترويج “المكياج الحلال”، لتحصل على شارة “حلال” بسبب احترامها لكافة الشروط.
سامينا أخطر بريطانية مسلمة من أصول أسيوية حصلت منتجاتها على شهادة “حلال” من سلطة مستقلة بأستراليا.
بدأت قصتها مع الـ “مكياج” عندما انتبهت إلى أن مكوناته لا تتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي.. لذلك قررت إطلاق خط منتجاتها الخالي من المشتقات الحيوانية والكحول والمركبات الكيميائية كذلك.
وجاء في تقرير هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، أن سامينا صنعت “المكياج” الحلال من مستخلصات النباتات والمعادن بدلاً من المنتجات الحيوانية والكحولية.
ونسبت “بي بي سي” إلى سامينا قولها، إنها كانت تشعر بعدم الارتياح أثناء وضع مستحضرات تجميل عادية لا تعرف مكوناتها عند أداء الصلاة، ووجدت بعد البحث أنها تحتوي على الكثير من منتجات الحيوانات ومن بينها الخنازير. وأضافت سامينا أن الكثير من النساء المسلمات محبطات مثلها بسبب رغبتهن في الظهور بمظهر جيد بدون أن يخالف ذلك عقيدتهن، الأمر الذي دفعها إلى إنتاج “المكياج” الحلال. ولديها تطلعات أن يلقى خط منتجاتها قبولا كبيرا في دول إسلامية مثل أندونسيا، أو من مسلمات في دول أخرى مثل أمريكا.
أما شركة أخرى فهي مملوكة لسيدة تدعى “ليلى ماندي”.. هي خبيرة تجميل كندية الأصل تعيش في دبي حاليًا، أشهرت إسلامها وقررت تقديم مستحضرات للعناية بالبشرة خالية من الكحول ومشتقات الخنازير. إلا أن خط منتجاتها مازال في مراحله الأولى، في حين استطاعت شركات أخرى توزيع نشاطها ليشمل العديد من الدول.من بينها دول شرق أسيا والمغرب.
طلاء أظافر “إسلامي”
ومن مستحضرات التجميل “الحلال”، التي تروج في الأسواق المغربية طلاء أظافر إسلامي، فقد نجحت إحدى الشركات في إنتاج طلاء أظافر يسمح بمرور المياه من خلاله ليصل إلى الأظافر، وبذلك لا تحتاج السيدة المسلمة لإزالته عند الوضوء أثناء كل صلاة، بحسب ما ورد في موقع “ديكان كرونيكل”.
وأطلقت الشركة اسم “O2M” على المنتج الجديد، الذي سيعطي كامل الحرية للسيدة المسلمة للتزين بألوان طلاء الأظافر التي ترغب بها، دون أن يحول ذلك دون إتمامها للوضوء وقيامها بالصلوات في مواعدها.
فالمنتج الجديد مصنوع من مادة الـ “بوليمر”، والتي تستخدم في صناعة العدسات اللاصقة للعيون، وهي تسمح بوصول الأوكسجين وبخار الماء إلى الأظافر.
فقد ذهب الكثير من علماء المسلمين إلى اعتبار طلاء الأظافر غير مناسب للمرأة المسلمة، وذلك لأنه يكون حاجزا يمنع وصول المياه إلى الأظافر أثناء الوضوء. لذلك فكثير من السيدات المسلمات الراغبات في التجمل بطلاء الأظافر يلجأن إلى إزالته عند كل صلاة لكي يكون وضوؤهن سليما.
وقد أنتجت إحدى الشركات الصينية أخيرا، نوعا جديدا من طلاء الأظافر قابل للإزالة بسهولة دون الحاجة إلى استخدام مادة “الأسيتون”، حيث لاقى هذا المنتج إقبالا كبيرا من جانب السيدات، وبالأخص بعد ما حمل اسم “المانيكير الإسلامي”.
مخاطر الطلاء
يجهل العديد من المعنيين مكونات طلاء الأظافر “الحلال”، أو حتى العادي. فهناك من يرى أنه ليس هناك فرق ما بين مستحضرات التجميل ويتهمون مروجي هذه المواد بالاحتيال على الزبائن، بينما آخرون يحبذون المستحضرات الحلال الخالية من المواد النجسة والمحرمة.
تتكون بعض الطلاءات من مواد مذابة، وهي عبارة عن مركبات كيماوية مثل “الأسيتون” و”الكيتون” و”الزايلين”. تتفكك عادة ثم تتبخر وتضاف غالبا لتساعد المادة البلاستيكية الكيميائية المسؤولة عن مرونة الطلاء والمواد الأخرى لكي تجعلها قوية ولامعة على الأظافر..
وأفاد الخبراء أن هذه المكونات هي التي تسبب الصداع عند تطايرها في الهواء قبل أن يجف الطلاء.
ويؤدي الطلاء إلى التهاب الجلد كما ينتج عنه الحساسية لأحد المكونات، فتظهر الأعراض التي تشمل احمرار الجلد والشعور بالحكة وتقشر الجلد، أو تشققه وتكون حويصلات صغيرة حول الأظافر في أسوأ الحالات. وقد يسبب الالتهاب لبعض الأماكن الحساسة من الجسم مثل الوجه والرقبة نتيجة لمس الأظافر المطلية قبل أن يجف عليها الطلاء تماماً.
بعد اكتشاف أن مادة “تولين سلفوناميد” هي المسؤولة عن حدوث الالتهابات بدأت بعض الشركات في إنتاج أنواع من طلاء الأظافر تحتوي على بديل لا يسبب الالتهابات. ويضيف الخبراء أن الألوان الحمراء الداكنة للطلاء قد تترك بقعاً صفراء اللون على الأظافر بصفة مؤقتة، خصوصا عند تكرار استخدامه بانتظام أو لفترة طويلة تزيد عن أسبوع.
كما يؤثر هذا المستحضر على النساء الحوامل والمرضعات، لذلك ينصح باستشارة الطبيب قبل استخدامه.
أحمر شفاه من الصراصير
بالإضافة إلى طلاء الأظافر، فقد أكد عدد من الخبراء أن أحمر الشفاه مجهول المصدر يتكون من مسحوق أنواع من الصراصير والقمل المجفف، والذي يقدم إلى السوق على أنه مادة ملونة وتحت اسم “كارمن”، وهي مادة شائعة ومعروفة الاستخدام، ويجمع لها الأعداد الهائلة من أنواع خاصة من القمل والحشرات، وذلك بحسب اللون الذي تختص به. وأشهر هذه الألوان هو اللون الأحمر والذي يصنع من أنواع من القمل تعيش على القشرة الجرباء لنبات الصبار، ثم تجمع وتهرس وتصفى وتملأ في عبوات زجاجية لتباع على أنها مادة صبغية ملونة طبيعية، وقد ثبت أنها من المواد شديدة الخطورة على الإنسان وأنها مواد سامة ومسرطنة.
كما تتكون من دهن الخنزير، حيث تضاف إليها منكهات للرائحة مخلوطة بمادة الفازلين، لكن هذا لا يعني أن جميع مستحضرات التجميل التي لا تحمل عبارة “حلال” تتوفر على دهان الخنزير والحشرات، إذ أن هناك مستحضرات ذات صيت عالمي وتتوفر على جودة عالية تباع بسعر باهظ.
مختصون في الشريعة: “المانكير الإسلامي” لا يبيح للمرأة الخروج به لأنه من الزينة
يستغرب العديد من الناس عند سماعهم بوجود مكياج”حلال”، إذ لا يدركون ما المقصود من ذلك، خاصة أنه من المعروف أن الشريعة تنهي عن كشف المرأة زينتها أمام الأجانب. لقوله تعالى:
“وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” سورة النور/31.
ويوضح عدد من مروجي “المكياج الإسلامي”، أن المرأة يمكنها أن تضعه في منزلها، وهي مرتاحة، خاصة أنه لا يتوفر على مواد محرمة كدهن الخنزير، إذ إن عددا من النساء يضعن أحمر شفاه ويبتلعن بعض مكوناته.
أما بخصوص طلاء الأظافر الإسلامي فقد أوضح عدد من العلماء في الشريعة أن الطلاء الذي يتكون من طبقة تمنع وصول الماء إلى الأظافر فتجب إزالته قبل الوضوء؛ لأن شرط صحة الوضوء وصول الماء إلى العضو المغسول كله، ومباشرته له من غير حائل، مضيفين أنهم ليسوا على اطلاع تام على تركيب هذا الطلاء، وطريقة تشكله، ومتسائلين عن طريقة نفوذ الماء إلى الظفر وهل الذي ينفذ هو الماء أم رطوبته فقط. وأشاروا إلى أن الرطوبة لا تكفي لصحة الوضوء؛ لأن شرط صحة غسل أعضاء الوضوء جريان الماء عليها، وليس مجرد مسحها بالرطوبة.
ولا يجوز تعمد ترك أدنى بقعة من العضو لم يصله الماء، لما روى أبو داود بإسناد صحيح عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلا يُصَلّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ. فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلاةَ. وأكد المختصون في الشريعة ، إن إطلاق اسم (مانكير إسلامي) عليه لا يبيح للمرأة الخروج به؛ لأنه من الزينة التي لا يحل إظهارها أمام غير المحارم من الرجال.