مساهمة من يملك لمن لا يملك
قررت حكومة عزيز أخنوش، في مشروع قانون مالية 2023، تعزيز ما أسمتها «آليات التضامن»، من خلال الرفع التدريجي من نسبة مساهمة الشركات الكبرى، مع إعادة اعتماد ضريبة المساهمة الاجتماعية للتضامن على الأرباح والدخول برسم السنوات الثلاث القادمة. وبالنسبة للشركات التي تحقق أرباحاً تعادل أو تفوق 100 مليون درهم فستؤدي ضريبة بنحو 35 في المائة، في حين ستصل النسبة إلى 40 في المائة بالنسبة للبنوك وشركات التأمين.
ومن باب الموضوعية السياسية، فإن ما قامت به الحكومة من تضريب الشركات الكبرى، عن تزايد أرباحها في زمن الأزمة، يعد جرأة سياسية افتقدتها الحكومات السابقة التي كانت تتحاشى الاقتراب من شركات الأبناك والتأمينات والمحروقات، وغيرها من القطاعات التي لا تنقطع أرباحها مهما كانت الظروف والأزمات.
وبعيدا عن لغة الشيطنة، التي تحاول معاقبة الأثرياء على نجاحاتهم وأرباحهم المشروعة، فإن مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، تزداد أهمية دور رجال الأعمال والشركات الكبرى في دعم جهود مواجهتها والتخفيف من آثارها على الدولة والمواطن، مما يستوجب مزيدا من المساهمات القوية من جانب القطاع الخاص المتمثل في عدد من الشركات الكبيرة وأثرياء البلد. فقد حان وقت مساهمة من يملكون أكثر لمن لا يملكون شيئا، بعدما أمدهم الوطن منذ سنوات بتسهيلات وتحفيزات ودعم في بدايات مشاريعهم، لكن حان الوقت لرد بعض الجميل، وهذا ليس عقابا لهم أو شعبوية في حقهم بل دعوة مواطنة للمساهمة أكثر في هذه الظروف الصعبة.
لذلك من واجب أصحاب الشركات الكبرى وأصحاب الثروات أن يتحملوا جزءا من العبء الوطني، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها في تخفيف التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، الناتجة عن الأعباء الناجمة عن تداعيات الجفاف وكوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية.
إن هذه الإجراءات الضريبية المطلوبة تجاه من يملك أكثر لا ينبغي أن تنسينا أن 20 في المائة من الشركات المرخص لها هي التي توجد في وضعية سليمة ضريبيا، فيما 80 في المائة لا تؤدي ضرائبها أو تتلاعب في تأديتها، وهنا تكمن ضرورة مراجعة وإعادة النظر في النظام الجبائي، ليس فقط لمواجهة مشكلة التركيز الضريبي وعدم المساواة؛ بل بسبب عدم التوازن الذي يعاني منه بين من يدفع ومن لا يدفع، فلا ينبغي لأي قطاع أو نشاط أن يظل خارج نظام الضرائب؛ لأن مبدأ المواطنة قبل القانون يستوجب على جميع الشركات دفع الضرائب وتقديم تصريحاتها، حتى وإن كانت معفاة أو خاضعة لمستوى صفر من الضريبة.. غير ذلك سنكون أمام نظام ضريبي فاسد ومعطوب.