شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مدن ماضيها أفضل من حاضرها

انطلقت في عدد من المدن الكبرى مشاريع التهيئة الحضرية لإعادة النظر فيها. وما دامت المناسبة شرطا، لا بد من الحديث عن ما آلت إليه مدننا من تدمير ممنهج حتى تحول تاريخ بعض المدن إلى أفضل من حاضرها.

الذي يضير بالفعل ويبعث على الأسى ويذهب بالنفس حسرات أن نجد بعض المدن، التي تعكس حضارة المغرب وعمقه التاريخي، تعرضت لمختلف أنواع القتل الرمزي والحضاري والجمالي، في وقت يتضخم خطاب سياسة المدينة بوصفها فضاء للحياة والإبداع وجعلها فضاء مرنا يستبق الحاجيات المتعددة للمواطن. تبدو الكثير من المدن المغربية في وضع صادم حقا، ويكفي النظر إلى ما يحدث اليوم بمدينتي فاس ومكناس من تدمير ممنهج أشبه بكابوس، حيث تآمر عليهما فشل وجشع المنتخبين من ممتهني السياسة ومن رجال السلطة.

والحقيقة أنه، باستثناء أربع أو خمس مدن تتوفر فيها مقومات المدينة، فإن أكثر من ستين مدينة عريقة أو حديثة فقدت هويتها، بعدما أوكل مصير تنميتها للفاشلين والمضاربين والسماسرة، الذين أكدوا بالملموس أنهم مستعدون لتدمير مدن بكاملها، مقابل هامش الربح الذي يحققونه في مشاريعهم العقارية وتضارب المصالح.

في اللحظة التي وصلت فيها البشرية إلى إنشاء المدن الذكية باعتبارها مدنا رقمية وإيكولوجية، إذ تعتمد خدماتها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لازال الغباء والفشل في التسيير بحجم كرة كبيرة تتدحرج لتعم مدنا بكاملها، والسبب، كما لا يخفى على الجميع، أن تدبير المدن أصبح معقلا لتضارب المصالح وموردا للإثراء غير المشروع وغنيمة في يد لوبيات العقار التي ترى في كل متر من الأرض رقما جديدا في حساباتها البنكية.

واليوم، بعد مرور حوالي عقدين ونصف من الزمن على تجربة نظام وحدة المدينة التي خاض المغرب غمارها، والتي أوكلت مهمة تسييرها لسياسيين منتخبين فاشلين مع وجود بعض الاستثناءات، لا بد أن نتوقف عن هذا العبث الذي جعل ماضي مدننا أفضل من حاضرها ومستقبلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى