مخاوف مشروعة
مخاوف عديدة ومشروعة أصابت غالبية الشعب المغربي وهم يشاهدون الزيادات المتتالية هذه الأيام في أسعار المحروقات بالإضافة إلى الضغوطات التي يمارسها لوبي المطاحن من أجل الزيادة في أثمان القمح بسبب تقلبات ومحدودية السوق الدولية ونتيجة سنوات متتالية من الجفاف الهيكلي ربما لا قدر الله تدخل البلد سنة أخرى في مرحلة مستعصية، فليس هناك على المدى المنظور نهاية لجفاف طال واشتد في بلد يعتمد بالأساس على فرضية المليون قنطار لبناء قانونه المالي.
كما أنه لا أمل في تسوية جيوستراتيجية أو حتى هدنة، تخفف من حدة الحرب الروسية الأوكرانية، التي أضحت خليطا غير متجانس من المصالح والتدخلات الدولية، إذ أن الحرب بين دول الاتحاد السوفياتي السابق لم تعد مجسدة لصراع بين دولتين، بل صارت تمثل وجها من وجوه صراع مركب متعدد الأطراف والأزمات الغذائية والطاقية وسلسلة الإنتاج والتضخم، وبالتالي لا تشير المؤشرات الحالية إلى التوجه نحو تعاون دولي يلجم تسارع وتيرة التضخم العالمي الحالي. في الوقت الذي أصبح المغرب مرهونا بالتقلبات المناخية وبالصراعات والحسابات الجيوستراتيجية، بدا تأمين الأمنين الطاقي والغذائي أمرًا بعيد المنال على الأقل في المستوى المنظور، حيث تتسع خلال الأشهر المقبلة رقعة مخاوف من الزيادة في الأسعار وما يرافقها من خنق نفقات الأسر والدخول في الدسائس ومحاولات المس بالسلم الاجتماعي
والمعضلة الكبيرة هي أن ارتفاع الأسعار الذي يلوح مرة أخرى في الأفق بل بتنا نلمسه أسبوعيا في أسواق احتياجاتنا اليومية لم يعد مسألة مؤقتة أو ظرفية حيث ساد لبعض الوقت أننا بدأنا نستعيد عافيتنا ونتغلب نسبيا على تداعيات الأزمات المحلية والمستوردة. غير أن المؤشرات والمعطيات التي تلوح في الأفق مع حلول فصل الشتاء تخالف هذا الرأي أو على الأقل تشكك في شرعيته.
نحن إذن مع اقتراب فصل الشتاء أمام سيناريو الدخول مرة أخرى في نفق غلاء الأسعار، ما يحتم على الحكومة كونها القادرة على تدبير هذه المعادلة الصعبة، أن تساعد المواطن بكل الطرق العادية والاستثنائية على حماية قدرته الشرائية والمعيشية، وتبسط سلطات القانون على اللوبيات والمتاجرين بالأزمة لتحقيق مصالحهم الشخصية.