قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش متابعة البرلماني الاتحادي السابق، الملياردير حسن الدرهم، رفقة 17 متهما آخرين، بتهم جنائية خطيرة، تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير والمشاركة في ذلك كل حسب المنسوب إليه، وذلك على خلفية اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية ببلدية المرسى التابعة لإقليم العيون، وهي الاختلالات التي رصدها قضاة المجلس الجهوي للحسابات بالعيون.
وأكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الوكيل العام وجه ملتمسا إلى قاضي التحقيق المكلف بالجرائم المالية لدى استئنافية مراكش، من أجل إجراء تحقيق في مواجهة الدرهم، الرئيس السابق لمجلس بلدية المرسى، إلى جانب نواب له، ومستشارين جماعيين وموظفين ومقاولين والقابض السابق، وبلغ عدد المتهمين في هذه القضية 17 متهما. وأفادت مصادر مطلعة بأن تحريك المتابعة في حق الدرهم ومن معه، جاء بعد الأبحاث التمهيدية التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وذلك بعد توصلها بالتقرير الذي أنجزه المجلس الجهوي للحسابات بالعيون، والذي تضمن اختلالات تكتسي طابعا جنائيا.
وسجل تقرير المجلس مجموعة من الخروقات والاختلالات، من بينها صرف نفقات دون مراعاة قواعد المحاسبة العمومية والمقتضيات التنظيمية المرتبطة بالصفقات العمومية في تنفيذ النفقات، إذ يتم إصدار سندات طلب من طرف أعضاء المكتب خارج الجماعة ودون توصل مصلحة الحسابات بالوثائق المتعلقة بالنفقات موضوع هذه السندات، كما هو الشأن بالنسبة لبعض النفقات، برسم سنة 2010، حيث بلغت في مجموعها 1.500.000.00 درهم ولا تتوفر الجماعة على الوثائق المتعلقة بها، وبالتالي يصعب التأكد من حقيقة هذه النفقات. وأكد تقرير المجلس أن عملية استلام المقتنيات غالبا ما تتم في غياب مسؤولي المصالح المعنية بها، كما أن غياب سجلات الجرد بالمخزن وكذلك ببعض المصالح لا يسمح بالتتبع الدقيق لعملية استلام المقتنيات وكذلك توزيعها على المصالح المعنية، وهو ما يصعب معه التأكد من كمياتها ومدى مطابقتها للمواصفات الواردة في سندات الطلب.
كما رصد التقرير عدة اختلالات في تدبير الممتلكات الجماعية، ومن ضمنها الأملاك العقارية، حيث لا يتضمن سجل محتويات الأملاك لسنة 2009، سوى الدكاكين والمراحيض، علما أن الجماعة تتوفر على ممتلكات أخرى، كما لم يتم تحيينه منذ سنة 2009، فالجماعة تكتفي بإنجاز جرد غير منتظم دون أن يشمل جميع العقارات، كما أن الجماعة لم تقم باستكمال إجراءات تحفيظ مجموعة من الممتلكات لتثبيت حق ملكيتها وتطهيرها من كافة النزاعات التي قد تتعرض لها. وبالنسبة لممتلكات الجماعة، سجل التقرير أن الملك الجماعي العام يتعرض للاحتلال من طرف الغير كأرباب المقاهي والمطاعم وممارسي الأنشطة التجارية والحرفية في غياب أي ترخيص ودون أن تقوم المصالح الجماعية بإعذار المعنيين بالأمر للتوقف عن الاحتلال غير القانوني وإلزامهم بالتعويض عن ذلك، كذلك تم الوقوف على استغلال غير قانوني لبعض ممتلكات الجماعة. ومكن اطلاع قضاة المجلس الجهوي للحسابات على سجل جرد الممتلكات المنقولة للجماعة، من الوقوف على أنه لم يخضع لأي تحيين منذ 2008 إذ إن مجموعة من التجهيزات غير موجودة ولم تتم الإشارة إلى ذلك بالسجل، كذلك لا تدون الأرقام الترتيبية للجرد لتسهيل عملية تتبع توزيعها على مختلف المصالح الجماعية، كما لوحظ أن مجموعة من التجهيزات المكتبية والمعلوماتية خصصت لمصالح إدارية خارجية كالباشوية والقوات المساعدة والوقاية المدنية. وتبين من خلال الاطلاع على سجل الجرد ومعاينة الأملاك المنقولة أن 1.933 من التجهيزات والمعدات ضائعة و154 من التجهيزات والمعدات غير صالحة للاستعمال، ولم تقدم الجماعة أية وثيقة بخصوص ضياع هذه المعدات كالمحاضر التي يتم إعدادها في مثل هذه الحالة، أو أي وثيقة أخرى تثبت أنها اتخذت أي إجراء للبحث عن المعدات الضائعة وتحديد المسؤوليات بشأنها.
وتبين من خلال مراقبة حظيرة السيارات، أن الجماعة لا تتوفر على برنامج لمراقبة استعمال مختلف العربات من سيارات وشاحنات وآليات قصد المحافظة عليها وترشيد النفقات المتعلقة بصيانتها، سيما أن إجمالي النفقات المرتبطة بإصلاح وصيانة العربات للسنوات 2010 و2011 و2012 بلغ حوالي 652.908.837 درهما تتوزع بين قطع الغيار والإصلاح.
كما وقف قضاة المجلس الجهوي للحسابات على اختلالات بخصوص المنح المقدمة للجمعيات، وحسب التقرير، فقد بلغ مجموع المنح السنوية المقدمة للجمعيات المحلية ولجمعية الأعمال الاجتماعية للموظفين ما بين سنتي 2010 و2012 إلى 1.705.000 درهم، وتمنح هذه الإعانات في غياب معايير محددة لاختيار الجمعيات المستفيدة ومن دون تحديد مسبق لمجالات وبرامج استخدامها أو عدم مطالبتها بتقديم تقرير عن أنشطتها، كما لوحظ أن المكاتب المسيرة لبعض الجمعيات يوجد على رأسها أو في عضويتها أعضاء ونواب لرئيس المجلس البلدي.
وبخصوص تعويضات التنقل، أشار التقرير إلى أن غالبية هذه التعويضات تتعلق بتنقلات من مدينة المرسى في اتجاه مدينة العيون التي لا تتعدى المسافة بينهما 25 كلم مما لا يخول للمعنيين بالأمر الاستفادة من التعويضات الممنوحة كما أن الأوامر بالمهمة لا تحدد طبيعة المهمة الموكولة للمستشارين، حيث تشير كل الوثائق المتعلقة بها إلى أن موضوع التنقل هو إنجاز مهمة إدارية، وأكد الكاتب العام للجماعة وكذلك النائب الأول للرئيس أن جزءا من الاعتمادات المخصصة للتنقلات توزع على شكل منح للموظفين والمستشارين، فعلى سبيل المثال استفاد أحد الأعضاء ونواب رئيس الجماعة من حوالي 35 ألف درهم سنة 2011، وحوالي 40 ألف درهم سنة 2012.