محمد اليوبي
في تطور مثير لملف تزوير وثائق ومحررات عرفية ورسمية واستعمالها في السطو على عقارات الغير بإقليم كلميم، أصدرت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الثلاثاء، قرارا يقضي بمتابعة المستشار البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي، عبد الوهاب بلفقيه، رفقة 10 متهمين آخرين بالتهم المنسوبة إليهم، وقررت المحكمة إحالة الملف على غرفة الجنايات بالمحكمة نفسها.
وبذلك، تكون الغرفة الجنحية قد ألغت القرار الصادر سابقا عن قاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف بأكادير، الذي كان يقضي بعدم متابعة بلفقيه رفقة تسعة متهمين آخرين، فيما قرر متابعة متهم واحد، وهو الحكم الذي استأنفته النيابة العامة أمام الغرفة الجنحية بالمحكمة ذاتها، قبل أن يصدر قرار مفاجئ عن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض قضى بسحب ملف الدعوى من محكمة الاستئناف بأكادير وإحالته على محكمة الاستئناف بالرباط، بناء على الملتمس المقدم إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض، بتاريخ 23 شتنبر الماضي، من لدن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ومحمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، بشأن طلب مسؤول قضائي كبير بمحكمة الاستئناف بأكادير، أوضح من خلاله أن بعض أطراف هذا الملف من معارف المسؤول القضائي، والبعض الآخر من أفراد قبيلته، وضمانا لحسن سير العدالة، التمس تطبيق مقتضيات المادة 272 من قانون المسطرة الجنائية، وتقديم ملتمس إلى الجهة المختصة لإحالة الملف على محكمة أخرى.
وبخصوص أسباب الاستئناف، أوضحت النيابة العامة أن دور قاضي التحقيق ينحصر في جمع الأدلة والقرائن الكافية لاتهام، أو عدم توجيه الاتهام إلى الشخص أو الأشخاص موضوع المطالبة بإجراء تحقيق، فإن المطلوب منه هو التفاعل مع مطالب النيابة العامة بإجراء تحقيق، وأن كل قرار مخالف يصدره يمكن أن يكون محل طعن بالاستئناف، باعتبار أن دوره ينحصر في جمع الأدلة وتوجيه الاتهام بصفته سلطة اتهام، ويبقى الحسم في ذلك بيد قضاء الموضوع. وأكدت النيابة العامة أن الأبحاث المنجزة في الملف أثبتت أن بلفقيه وشركاءه قاموا بالاستيلاء على عدة عقارات باستعمال عقود بيع محررة من طرف محام ومصادق عليها بالجماعة الحضرية كلميم، التي كان يترأسها بلفقيه. وحسب الوكيل العام للملك، فإن بلفقيه ومن معه، وبعد الاستيلاء على عقارات الغير بالاعتماد على العقود المبرمة شرعوا في استغلال الأملاك المذكورة، وتقدموا بعدة مقالات أمام المحكمة الإدارية بأكادير من أجل المطالبة بالتعويض، وحيث يتضح من خلال الأبحاث المنجزة في الموضوع أن جميع مطالب التحفيظ الجماعية تم فتحها بناء على شهادات الشهود بموجب شهادات إدارية، وأن معظم الشهود تكررت أسماؤهم في الشهادات بالملك الخاصة بمطالب التحفيظ، والقاسم المشترك بين هذه المطالب هو وجود اسم المتهم عبد الوهاب بلفقيه كشريك فيها، إضافة إلى تكرار أسماء الشهود أنفسهم في جميع المطالب، ووجود المعترضين. ذاتهم.
وأشارت النيابة العامة إلى أن مجموعة من الشهود أكدوا أنهم لم يسبق لهم أن شهدوا لفائدة المتهمين في شهادات الملك، التي تفيد بأن المعنيين بالأمر يملكون القطع الأرضية، وأن شهادتهم قد حرفت وتم تزويرها، وصرحوا أنهم سلموا بطاقات تعريفهم الوطنية إلى أحد المتهمين، من أجل تسجيلهم في لوائح المستفيدين من توزيع مساعدات تخص العلف وصهاريج الماء، باعتبارهم فلاحين يربون الماشية، وأنه تم استغلال البطائق المذكورة لتزوير شهاداتهم وتوظيفها في صنع ذلك بسوء نية. وخلصت النيابة العامة إلى أنه تبعا لذلك يكون المتهم بلفقيه ومن معه قد قاموا بتزوير محررات رسمية، وذلك بتضمينها وقائع واتفاقات غير صحيحة، إضافة إلى تزوير محررات عرفية وذلك بتضمينها وقائع غير صحيحة، وتزوير وثائق رسمية تصدرها الإدارات العامة، واستعمالها في صنع شهادات تتضمن وقائع غير صحيحة.
وأثار ملف السطو هذا على عقارات الغير بإقليم كلميم الكثير من الجدل، ويحظى بمتابعة كبيرة نظرا لوجود أسماء شخصيات نافذة لها علاقة بهذا الملف، سيما بعد التعليمات الملكية الصارمة الرامية إلى تفعيل إجراءات التصدي لعمليات لاستيلاء على عقارات الغير، حيث تم تشكيل لجنة خاصة لتتبع وتفعيل هذه الإجراءات. ولذلك قررت النيابة العامة إحالة هذا الملف على قاضي التحقيق، والتمست متابعة بلفقيه ومن معه من أجل جنايات التزوير في محرر رسمي واستعماله، والتزوير في محرر عرفي واستعماله، والتزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة، إثبــاتا لحق أو منح ترخيص أو صفة واستعمالها، والتــوصل بغير حق إلى تسلم الوثــــائق المذكورة عن طريــــق الإدلاء ببيانـات ومعلومات وشهادات غير صحيحة واستعمالها، ومنح عن علم إقرار أو شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها، والمشاركة في التزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة، إثباتا لحــــق أو منح ترخـــــيص، كل حسب المنـــسوب إليه.