شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مؤسسات عمومية وحديقة خلفية

افتتاحية

بعد عقود من الأدوار الطلائعية للمؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب والتي أفضت إلى تحقيق مكاسب مهمة للاقتصاد الوطني، بفضل تنامي إسهامها في تنفيذ السياسات العمومية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية، بدأت بعض المؤسسات والمقاولات تفقد الجدوى من وجودها وتعرف الكثير من التراجع في إنجازاتها نتاج عدة إشكالات قانونية وتدبيرية في ظل تفاقم معضلة الحكامة والغموض اللذان يكتنفان تجسيد نموذج الدولة المساهمة.

وفي اللحظة التي يشهد المغرب فتح الملك محمد السادس لأوراش كبرى تحتاج إسناد المجهود الاستثماري للدولة وتغذية الخزينة العامة بموارد مالية مهمة، ومواكبة الأوراش الجديدة للتدبير العمومي كالطاقات المتجددة والمشاريع الكبرى والشبكات العمومية، تحولت الكثير من المؤسسات إلى عبء مالي يزيد من الضغط على المحفظة العمومية.

ويكفي الرجوع إلى تقرير المؤسسات العمومية المرفق بمشروع القانون المالي للوقوف بالأرقام على تفاقم عجزها المالي، وتنامي مديونيتها، واستمرار اعتمادها على الإعانات المالية للدولة وهذا يعني أن تلك المؤسسات محدودة الأداء وتفتقد رؤية تدبيرية وتعاني من غياب مسؤولين قادرين على إنجازات، بل أن المجلس الأعلى للحسابات وقف مرارا، سواء خلال تقاريره الموضوعاتية أو افتحاصاته الدورية على عدد كبير من الاختلالات التي تشوب حكامة تدبيرها وتقادم منظومة المراقبة المالية والإدارية وغرقها في الديون وفي الامتيازات والمنافع التي لا تتناسب مع الوضعية المالية للمؤسسات. وهو ما يتجسد على سبيل المثال في المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وصندوق الإيداع والتدبير.

وما يزيد الطين بله هو هذا التضخم الكبير بالمؤسسات العمومية، حيث أصبحت المحفظة العمومية تضم حوالي 300 منشأة، بكل ما يترتب عنها من كتلة أجور وبريمات وميزانيات ضخمة مخصصة للتسيير والمعدات، بينما نتيجتها في الاستثمار شبه منعدمة اللهم إذا استثنينا المكتب الوطني للفوسفاط والمكتب الوطني للسكك الحديدية.

والحقيقة التي يعلمها المسؤولون قبل غيرهم أن بعض المؤسسات والمقاولات العمومية أصبحت حديقة خلفية للزبونية والعائلية، تمتص بطالة أبناء كبار المسؤولين في الإدارة والأحزاب والنقابات، بينما حصيلتها في الاقتصاد الوطني سلبية بل مكلفة أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى