اتهامات بتضييع فرص تنمية المدينة التي خصصت لها الدولة الملايير
الأخبار
في خطوة لإنقاذ ماء الوجه، تشكلت بقرار عاملي بالصويرة لجنة علمية لتتبع مشاريع التأهيل الحضري للمدينة، بعد بروز عدة إشكالات تهدد بإجهاض البرنامج، وتبديد ملايير السنتيمات، وذلك من أجل المصادقة على مشاريع الدراسات وتتبع الأشغال، بعد أن فشلت السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة بإقليم الصويرة، في تنزيل هذا الاستحقاق التنموي الموقع أمام الملك محمد السادس سنة 2018.
برنامج التأهيل الحضري الذي رصدت له ملايير السنتيمات، لاستعادة بريق «موكادور» التاريخية، لا زال يراوح مكانه، بسبب عدم التزام الجهات المنوط بها، الإشراف على إخراج المشاريع المقررة في البرنامج الذي قدم لملك البلاد، إلى حيز الوجود، مع تقاذف التهم حول المسؤول عن هذا الوضع، الذي يلقي بظلاله على مدينة تحتضر وتقترب من السكتة القلبية بعد الشلل الذي ضرب قطاع السياحة جراء تداعيات جائحة كورونا، والجفاف الذي يلوح في الأفق وما يرتبط به من أزمة عطش لاعتماد نصف ساكنة البوادي بالإقليم على «المطافي».
في السنة الخامسة من توقيع برنامج التأهيل الحضري، وفي ظل ضعف نسبة تقدم الأشغال ببعض الأوراش، وتعثر أخرى، وغياب رؤية واضحة وانتقائية للمشاريع التي كان مقررا أن تضع المدينة على سكة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومنح مزيد من الإشعاع لإحدى الوجهات السياحية المميزة بالمملكة، يتساءل الجميع، عن مصير هذا البرنامج ونقطة نهايته.
إلى الآن، لازال ملف صيانة وتأهيل وتهيئة الدور الآيلة للسقوط، وبعض المشاريع مجرد حبر على ورق، على الرغم من الأولوية التي يمثلها هذا الملف، بالنظر إلى أنه يمس قطاعات واسعة من ساكنة المدينة التي باتت عاجزة عن تحمل العيش في فضاءات تهدد سلامتها، وتضر بسمعة المدينة وإرثها المعماري والحضاري، خاصة بالمدينة العتيقة، وسوق واقا، الملاح، أسوار المدينة وبعض الزوايا.
سبب تعثر هذا الورش، يتعلق بسوء ترتيب أولويات برنامج التأهيل حيث كان من المفروض، أن تركز السلطات المحلية التي تتولى الإشراف والتنسيق بين مختلف المتدخلين، إضافة إلى مسؤولية احترام آجال الإنجاز، على الاهتمام بالأوراش المهمة ذات الأولوية والمرتبطة في الأصل باجتثاث الهشاشة الاجتماعية، وإنجاز الشق المتعلق بتحسين ظروف عيش الساكنة في مجالات التعمير، وإنجاز عدة مشاريع صحية، لدعم استفادة ساكنة الإقليم من الخدمات الصحية، من خلال تعبئة الموارد المالية لإنجاز هذه المشاريع، وتفعيل الشراكات المختلفة، والتنسيق الأمثل بين مختلف المتدخلين والشركاء المؤسساتيين.
منتقدو سوء تدبير برنامج التأهيل الحضري، يحملون مسؤولية التعثر إلى ضعف أرضية البرنامج وأساسا المسار التشخيصي لوضعية الإقليم وترتيب الأولويات، الأمر الذي فرض إنجاز مشاريع ذات أولوية في مراحل متأخرة من المشروع، علما أن الأولوية كانت موجهة لكل ما يتصل بصميم الحياة اليومية لساكنة الإقليم، على أن ينطلق البرنامج في تنزيل مشاريع تثمين ورد الاعتبار للمدينة، من خلال تأهيل ساحة الفنون، إضافة إلى المراكز ذات البعد الثقافي والفني، والتي تشكل أحد مداخل الترويج السياحي للمدينة والحفاظ على هويتها الثقافية وخصوصيتها التي أخذت طابعا دوليا.
كما يوجه اللوم إلى ضعف انخراط بعض المتدخلين كمجموعة «العمران»، وزارة التجهيز، السكنى والتعمير، المحافظة العقارية، والمياه والغابات، وهو ما استنفر كل هذه المصالح التي حلت بكبار مسؤوليها، أواخر الشهر الماضي، تتقدمهم الوزيرة فاطمة المنصوري والمدير العام لشركة «العمران» من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كما لمح بعض المنتخبين إلى عدم قدرة السلطات المحلية ومصالح إقليم الصويرة على مواكبة مشروع ضخم، يحظى بدعم ملكي، ويتضمن التزامات مشتركة، لم تتدخل أي جهة إلى الآن لفرض احترام الأجندة الزمنية، الأمر الذي أدى إلى تشتت النسق المرحلي للتنزيل، والسقوط في العشوائية والارتجال والتردد، مع محاولات للاختباء خلف جائحة كورونا لتبرير العجز الحاصل في تنفيذ مختلف مراحل برنامج التأهيل الحضري.
إنجاز مرأب الميناء، يعتبر أحد النماذج الصارخة لتخبط المشرفين على البرنامج، حيث تقرر في نهاية المطاف، الإبقاء على مرأب الميناء بصورته الحالية، بسبب عدة أعذار تقنية غير مبررة.
كما وجهت عدة انتقادات لمساطر تدبير مشاريع برنامج التأهيل لا سيما في الشق المتعلق باختيار مكاتب الدراسات التقنية والهندسية، والتي تبين أنها لم تكن في مستوى مشروع نوعي، يتطلب خبرة مميزة في مجال التعمير وفق خصوصية مدينة تاريخية كالصويرة، وما رافق ذلك من استثناء ضربت معيار الجودة في تنفيذ صفقات الأشغال والتوريدات.
من جهة أخرى، ارتفعت عدة أصوات تنبه إلى «المسخ» الذي رافق صيانة بعض معالم مدينة الصويرة المميزة، كسور المدينة الذي فقد بريقه، ونفس الاعتداء طال السقالة التاريخية التي تعتبر أحد الشواهد الأثرية المميزة لمدينة الصويرة، وهو ما يعزز الاتهامات الموجهة للمشرفين بسوء التدبير وضياع فرصة تاريخية لتأهيل المدينة خصصت لها الدولة الملايير وأشرف عليها الملك شخصيا، وعدم الالتزام بالآجال المحددة في إنجاز عدد من المشاريع، دون الحديث عن «كارثة» غياب الجودة والإتقان.