كذبة عابرة للقارات
الإساءة إلى المغرب تجارة مربحة، خصوصا إذا كنت لا تملك موهبة أخرى تقتات منها، ولعل هذه الإساءة كفيلة بأن توفر لك الشهرة والمال وتعاطف محترفي التشهير بكل ما له صلة بالمغرب.
هذه «الحرفة» قد يمارسها بطل في الكيك بوكسينغ مشكوك في بطولته، أو صحافيون فرنسيون يتصيدون الصغيرة قبل الكبيرة من الأحداث لإشباع غليل انتقامهم، فأهدروا كرامتهم حين احترفوا «الشانطاج» ضد البلدان التي تتلكأ في منحهم شيكات على بياض.
واليوم تنضاف إلى لائحة محترفي الإساءة إلى المغرب ممثلة فاشلة فنيا، لكنها ماهرة في نصب المصيدة تلو الأخرى وتوزيع صكوك الاتهام يمينا وشمالا، بارعة في ذرف دموع المظلومية، إذا وجدت أمامها جمهورا من السذج الطيبين الذين تنطلي عليهم الحيلة بأقل التكاليف وبدموع التماسيح.
إنها لبنى أبيضار التي صنعها نبيل عيوش بطريقته وأسقطها في المشهد المغربي بمظلة فيلم «الزين اللي فيك»، وهي التي تملك قدرة خارقة على أن تكيف خطابها على مقاس الجمهور الذي تخاطبه، ولها لكل مقام مقال.
سبق لأبيضار أن استمالت الجمهور المغربي حين ناحت وبكت وجيشت الإعلام حين ادعت أن سعيد الناصري تحرش بها جنسيا، ثم استمالت الجمهور الفرنسي حين زعمت أنه تم تزويجها من مسن يهودي رحلها من مراكش إلى باريس وعمرها لا بتجاوز 17 عاما، ثم تباكت حول الأوضاع الهشة للمومسات ونصبت نفسها محامية عمن سمتهن «محاربات». وبعد ذلك استمالت الجمهور الإسباني حين صرحت خلال مهرجان «خيخون» بأنها تحب خمر الإسبان وتعشق لحم خنازيرهم وبأنها لا تصوم رمضان، كما استغلت الرصيد التاريخي لتخوف الإسبان من «المورو» منذ قرون خلت، لتصف المغاربة بـ «المنافقين»، حسب تعبيرها، وقالت إنهم يحتلون المراتب الأولى عالميا في استهلاك الخمور والأفلام الإباحية. وتنبهت أبيضار بحدسها إلى ارتفاع حدة الإسلاموفوبيا في البلدان الأوربية فأعلنت بلا حشمة وبلا حياء أنها تعكف حاليا على تأليف كتاب حول «الإسلام الراديكالي»، وكأنها خريجة أحد معاهد العلوم السياسية، فيما يبدو من مستواها العام أنها لم تخالط المدرسة إلا في المستويات الابتدائية. ثم أضافت أنها تعد لإخراج شريط سينمائي عن وضع المرأة في ظل الإسلام الراديكالي، وهو ما يجعلنا نتذكر تصريحاتها بالمغرب حين استغلت الضجة الصاخبة حول «الزين اللي فيك» لتعلن أنها بصدد إعداد فيلم عن السحاقيات والمثلية الجنسية.
مع لبنى أبيضار لم نعد أمام ظاهرة فنية عابرة بعد أن أصبح كذبها عابرا للقارات، بل نحن أمام امرأة مهووسة جربت كل المهن إلى أن استقر بها المقام في السينما، هذا الباب بلا بواب، لكن تعطشها للاستثمار في الشهرة المداهمة جعلها تمعن في نسج الأكاذيب والخرافات، ثم انتقلت إلى السرعة القصوى بالاستثمار في الإساءة إلى المغرب والتشهير به في كل المحافل السينمائية والإعلامية الدولية، متناسية أن حبل الكذب قصير، ومتجاهلة أن بعض الأوربيين السذج حين سيكتشفون حقيقتها سيرمونها في مزبلة التاريخ ولن يعاملوها مستقبلا بمنطق »شوف وسكت».