مانسيناكش
عزيز الكانة (مدافع الوداد الرياضي)
حسن البصري
كان مكوار رئيس الوداد يسلمنا منح الفوز ونحن صغار ويكلف المؤطر «بيدرو» بتقديم دروس في الادخار
هل تغير الوضع بعد أن اختارك لوديك للالتحاق بشبان الوداد؟
كانت المباراة التي أجريتها مع الوداد في مدينة المحمدية مؤثرة في حياتي الكروية، كان لوسيان لوديك، مدرب الوداد، يتابع المباراة، فلفتُّ نظره بتدخلاتي الرجولية وطلب من إدارة النادي إلحاقي بتداريب الفريق الأول. حينها أصبح لزاما علي التوقيع باسمي الحقيقي عزيز الكانة والتخلي عن اسم خالد الذي ارتبط بي في الفئات الصغرى. هذه الأمور كانت سائدة في كل الفرق المغربية وكان المدربون يعمدون إليها حتى يتمكن اللاعب من قضاء فترة أطول في فئة عمرية.
هل كان قرار المدرب بداية القطيعة مع الدراسة؟
صراحة كنت أعاني على غرار باقي اللاعبين من أبناء درب السلطان الذين يتدربون مع الوداد وعددهم كبير خلافا لما يعتقد البعض. كانت الحافلة رقم 20 تقلنا من الملعب إلى ساحة السراغنة، وفيها نلتقي مع أقراننا الرجاويين أبناء الحي الذين اختاروا الانتماء للرجاء. كانت بيننا مودة وصداقة، وكنا نعاني من مضاعفات التداريب الزوالية واعتماد المدربين بالدرجة الأولى على اللياقة البدنية، إذ نعود إلى بيوتنا منهكين، لهذا لم أستطع مجاراة الحصص الدراسية فبدأت أنقطع تدريجيا إلى أن اخترت الكرة بالرغم من غضب عائلتي التي كانت تود لو أن ابنها جمع بين الهواية والتعليم، لكن مستحيل.
هل ندمت؟
ندمت لعدم استكمال مشواري الدراسي، فضلت الكرة في زمن لم يكن للاعب الحق في الجمع بينهما. في تلك الفترة كنا نتمرن في الفترة الزوالية ونسافر خارج الدار البيضاء في أوقات تمدرسنا، وحين نعود منهكين إلى بيوتنا لا نفتح محافظنا ودفاترنا. مستحيل أن تنتظم في دراستك وحقيبة اللوازم الرياضية ترافقك في الإعدادية، ندمت لكن الحمد لله وجدت في الوداد كل العوض، رغم أنني لعبت في هذا الفريق دون علم عائلتي.
هل كان المدرب يحثكم على الدراسة أم يطالبكم بالاهتمام أكثر بالكرة؟
كنت أحب الكرة ألعب ثلاث مباريات في اليوم، مع الوداد كنت حاضرا بقوة في صفوف الفريق في مباريات البطولة. لعبت ضد الرجاء والراك والطاس وشاركت في مباريات السد. كل المدربين الذين تدربت على أيديهم، بدءا ببا سالم، كانوا يوصوننا بالدراسة، يطلبون منا العمل من أجل الجمع بين الكرة والتحصيل، هناك من كان ينجح في هذا الرهان وهناك من يفشل. لو كان برنامج «رياضة ودراسة» في زمننا لجمعت بين العلم والكرة، لهذا فجيل اليوم محظوظ.
في تلك الفترة كنت تتلقى منحا مالية ساهمت في ترجيح كفة الكرة على الدراسة؟
ليست منحا ولكنها مبادرة لتحفيزنا نحن الشباب، لازلت أذكر أنه بعد كل انتصار كنا نتوصل بمنحة صغيرة في حدود خمسين درهما أو أكثر حسب قيمة المباراة، وحين نتسلمها يجمعنا المؤطر مصطفى العسري، الملقب بـ«بيدرو»، ويحثنا على كيفية تدبير هذا المبلغ بل وينصحنا بالادخار ونحن نفكر في شراء ملابس تتماشى مع موضة تلك الحقبة الزمنية في عهد «الكريباج» والقلادات في العنق، وكنا نشتري بها ما نشتهيه من «ساندويشات». كان بيدرو وبا سالم وغيرهما من المؤطرين يعاملوننا معاملة أبوية، إنهم يستحقون التفاتة تحسب للوداد تجاه أناس أفنوا عمرهم في خدمة النادي.
من كان يسلمكم المنح؟ المسيرون أم الأنصار؟
كان رئيس الفريق عبد الرزاق مكوار يتابع مبارياتنا، ويقضي يوم الأحد في الملعب لمعاينة جميع الفئات العمرية، قبل أن يتنقل لمشاهدة مباراة الفريق الأول. كان يقدم منحا للاعبين الرسميين والاحتياطيين والمؤطرين، كان سخيا إلى درجة أن مجرد وجوده في الملعب كان يجعلنا نضاعف جهودنا حتى لا نحرم من المنحة التي نقضي بها أسبوعا كاملا ونستغني بها عن استجداء آبائنا.
هل تذكر أول مباراة لك بقميص كبار الوداد؟
أنا حرقت المراحل بسرعة لأنني استفدت من تداريب اللياقة البدنية التي لقنها لي با سالم، لهذا لفتت أنظار المدربين، بدءا بلوسيان لوديك، وما ساعدني على الظهور مشاركتي في التداريب مع لاعبي الفريق الأول وأنا حينها في فئة الشبان. كنا نلعب في ملاعب متربة وغالبا ما أغادر الملعب وأنا مبلل بالدماء، كنت أتمتع بلعب قتالي. أما أول مباراة مع الكبار فلها قصة، ذلك أن الخلفي، المدرب المساعد للوداد، استدعاني بعد انتهاء حصة تدريبية وطلب مني الاستعداد لمرافقة كبار الفريق في رحلة إلى الجديدة لمواجهة الدفاع الحسني الجديدي. انتابني شعور غريب، فسألت الشاكي، الذي كان يرافق الكبار، عن حقيقة ضمي للفريق الأول، فأكد لي الخبر وطلب مني الاستعداد للاختبار الكبير. اعتقدت أن وجودي في المجموعة سيكون احتياطيا، لكن غياب اللاعب كيتا جعل البطاش والخلفي يمنحاني القميص الرسمي في أول امتحان حقيقي.
كيف عشت الدقائق الأولى من تلك المباراة؟
كنت أعرف قيمة كيتا في قلب الدفاع وكنت مطالبا بسد الفراغ الذي تركه، حين طلب مني الطاقم التقني الدخول أساسيا، تساءلت عن سر هذه المفاجأة، لكنني قررت ألا أضيع هذه الفرصة الثمينة. في ملعب العبدي بالجديدة الذي كانت أرضيته متربة في تلك الفترة، وجدت نفسي في مواجهة لاعبين أشداء على غرار الدزاز ووزير والشريف وبابا. طمأنني مجاهد، الذي لعب إلى جانبي، وظل أحرضان وعبد الحق ينبهاني للخصوم، إلى أن تمكنت من التحكم في إيقاع المباراة، وحين انتهت المباراة بفوز الوداد بهدفين دون مقابل، توجه الرئيس مكوار فسأل المدرب عني فقيل له إنه من العناصر الشابة فهنأني على أدائي.