شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

قمة فارقة

 

مقالات ذات صلة

 

د. خالد فتحي

في ظرف معقد وجد حساس، انعقدت، أمس بالقاهرة، القمة العربية الطارئة، للاتفاق حول الخطة المصرية لإعمار غزة، وهي الخطة التي تريد لها مصر أن تمثل جوابا عربيا موحدا، واتفاقا حول خطة عربية تحظى بالإجماع، وتتعبأ حولها كل البلاد العربية كبديل للخطة الأمريكية المثيرة للجدل التي تقترح تهجير سكان غزة.

هي قمة الرد والفرصة الأخيرة إذن، وقمة محو الغياب السافر للتضامن العربي في القضايا المشتركة.. القمة التي يتوخى منها تسجيل حضور الأمة العربية وإسماع صوتها في خضم ما يجري من رسم غاشم لخريطة مقبلة للشرق الأوسط، وتأسيس لنظام دولي جديد لايعبأ فيه برأي الدول العربية، وآنيا كذلك لتعضيد دول الطوق وعلى رأسها مصر والأردن المستهدفتان بخطة التهجير الإسرائيلية الأمريكية.

التئام الدول العربية هذا يأتي بعد طوفان الأقصى الذي باغت النظام الإقليمي العربي، لدرجة أنه لا الحكومات ولا الشعوب العربية قامت بواجبها الكامل في حماية الفلسطينيين المدنيين من آلة الحرب الإسرائيلية الهمجية.

ولذلك تتجه أنظار كل الشعوب العربية إلى أرض الكنانة متطلعة إلى رفع الهوان والخذلان عنها، وكذا استدراك التقصير العربي. وبالأساس قول كلمة لا لما يحاك من مخططات رهيبة تتربص بالعالم العربي، لأجل تفكيكه وبلقنته أكثر.

إعادة الإعمار بطبيعتها تكون لأجل من قتلوا وشردوا وأخرجوا من ديارهم، وبالتالي فإن رفض التهجير هو قرار يفرض نفسه وغير قابل للنقاش، كما أنه لا يكون قرارا منطقيا، بينما يظل شبح اندفاع الحرب مرة أخرى قائما. ولذلك لا بد من الدعوة إلى حل شامل وعادل: أي سلطة فلسطينية منتخبة انتخابا سليما يعطيها شرعية احتكار السلاح، ويتلوها في أمد منظور ومعقول إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل الدولتين.

لا يمكن للدول العربية أن تنوب عن إسرائيل في تحقيق هدفها الرئيسي الذي فشلت في الوصول إليه، ولا يمكنها أيضا أن تعمر ما قد تخربه إسرائيل مرة أخرى. إن هذه لهي العقدة التي ينبغي أن تتوفق في حلها هذه القمة الطارئة.

على العرب أن لا يترددوا، وأن يجهروا بقوة بمظلوميتهم، فالعالم اليوم مستعد لسماعهم بعد ما رآه من تقتيل ومجازر في حق الفلسطينيين. وعلى قادتهم أن يتناولوا حبوب الشجاعة وأن ينتصروا للكرامة في هذا الظرف العصيب، ويدخلوا بدورهم إلى معركة التدافع العالمية الدائرة حاليا. فها نحن نرى مثلا الشد والجذب بشأن سبل إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية وإعمار أوكرانيا، وكيف تناور أوروبا لحماية زيلينسكي وتمكينه من التفاوض من موقع أكثر قوة، غير عابئة بالمقاربة الأمريكية، قدر اهتمامها بحماية أمنها مما تعتبره تهديدا روسيا لها.

على الزعماء العرب أن لا يترددوا، وأن يشدوا أزر مصر والأردن لحمايتهما من أي استفراد وافتئات على قراراتهما السيادية، مما قد يهدد النظام العربي برمته، وعليهم كذلك أن لا يتخوفوا من المخاطرة بموقف عربي شجاع، ولم لا أن يذهبوا بقرارهم المنتظر إلى حافة الهاوية. وأن يتذكروا أن إسرائيل هي التي تحتاج إلى إعمار غزة، وإلا ستبقى جريمتها حية أمام الضمير الإنساني.

إن القرارات الشجاعة هي تلك القرارات الرادعة التي تدفع الآخرين إلى احترامك وقبول خطتك، وهي أيضا القرارات التي تضمن لك مكانا تحت الشمس بين الأقوياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى