شوف تشوف

الرأيالرئيسية

قطار السلام المعطل

بددت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أوكرانيا، قبل أيام، أي آمال في حل قريب للأزمة الروسية الأوكرانية؛ بل كانت وقودا إضافيا على النار المشتعلة منذ عام، والتي طالت آثارها كل دول العالم.

لا شك في أن الزيارة تعد تصعيدا للأزمة التي تقف نتيجتها حتى الآن عند مرحلة «لا غالب ولا مغلوب»، وربما يمكن وصفها بصيحة جديدة في ساحة النزاع الذي لم يحقق هدفه الأمريكي الأوروبي الأبرز، وهو إضعاف روسيا وتحميلها عواقب ما يصور على أنه غزو منها لأوكرانيا، بينما تصر هي على أنها اضطرت إلى اتخاذ موقف دفاعي يحمي حدودها وسيادتها، وأنها استنفدت قبل هذه «العملية الخاصة» كل البدائل في مواجهة السعي إلى حصارها.

ما يرجح ربط زيارة بايدن بالتصعيد هو ما سبقه وتلاه من زيارات متلاحقة لمسؤولين أوروبيين لكييف، في مسعى إلى تجديد الدعم لها والضغط على بوتين، وإظهار الرغبة المحمومة في الوصول بالنزاع إلى أقصاه.

طبعا الأهم هو زيارة بايدن باعتبارها رسالة الدعم والتصعيد الأكثر جلاء، وإن كانت روسيا قابلتها ببرود لإبطال مفعولها قائلة على لسان «الكرملين»، إنها تابعت عن كثب هذه الزيارة، غير أنها لم تر فيها أمرا استثنائيا.

لم تكن الزيارة مفاجئة لروسيا التي علمت بها قبل ساعات من مغادرة بايدن واشنطن، وفق جيك ساليفان، مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي، ولا بد أن «الكرملين» عمد إلى الاستعداد لها برد بارد يقلل من استثنائيتها، وبالتالي يضعف قدرتها على التأثير، وقيمتها المعنوية.

التأثير المعنوي الإيجابي بدا واضحا عند الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي عاد إلى لغة الواثق من الانتصار في تصريحاته، عشية الذكرى الأولى لبدء الحرب، بينما كانت مفرداته قبل ذلك تقر بصعوبة الأوضاع على الأرض.

هذه اللغة مردها إلى زيارة بايدن، وقد دخل أوكرانيا وخرج منها بالقطار الذي أقل بعده بيوم واحد، جيورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية، التي زارت كييف، مجددة الدعم الإيطالي المعنوي والمادي، المتمثل في إرسال محولات ومولدات وكابلات وملحقات بقيمة «عدة ملايين أورو».

وبعد ذلك بيومين، وصل بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، إلى كييف لتأكيد دعم أوكرانيا، واستبق ذلك بالقول على «تويتر» بالإسبانية والإنجليزية: «عدت إلى كييف، بعد سنة على اندلاع الحرب، سنكون إلى جانب أوكرانيا وشعبها حتى يعود السلام إلى أوروبا».

وظهر سانشيز وهو يترجل من قطار في كييف على خطى جو بايدن، وجيورجيا ميلوني، وسيتبعه بلا شك زعماء ومسؤولون آخرون.

هذه الزيارات والرد الروسي عليها تسعر النزاع بمزيد من الضحايا، وتزيد تأثيرات عواقبه على العالم اقتصاديا ونفسيا.

عام من المواجهة يكفي، ورحلات التصعيد يلزمها أخرى في قطار سلام يبدو معطلا حتى الآن، في غياب الرغبة في فض هذا النزاع الذي لا تقنع أطرافه بما وقع من خسائر، ويبدو حسمه لمصلحة أحدها صعب المنال.

وليد عثمان 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى