شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

فرنسا تواصل تنزيل اعترافها بمغربية الصحراء

العيون : محمد سليماني

 

تواصل الجمهورية الفرنسية تنزيل اعترافها بمغربية الصحراء، وسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها. كما يتواصل مسلسل تفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها أثناء الزيارة التاريخية لرئيس الجمهورية الفرنسية إمانويل ماكرون إلى المغرب، باعتبارها أحد أهم مداخل الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء. ومن أهم هذه المداخل الجانب الثقافي، الذي يحظى بأهمية بالغة بفرنسا، كما أنه يشكل أحد الآليات الرئيسة في العلاقات الدولية. وفي هذا السياق، حلّت وزيرة الثقافة في الجمهورية الفرنسية رشيدة داتي، أول أمس الاثنين في زيارة تاريخية إلى مدن طرفاية والعيون والداخلة، بالصحراء المغربية، لتجسيد هذا التقارب المغربي- الفرنسي من جهة، ومن جهة أخرى لتنزيل القرار الفرنسي الخاص بمغربية الصحراء.وتعتبر هذه الزيارة الأولى لمسؤول رفيع من الجمهورية الفرنسية يحل بالصحراء المغربية.

 

طرفاية : إحياء مجد “الأمير الصغير” الفرنسي

 

اختارت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية، رشيدة داتي أن تبدأ زيارة إلى الصحراء المغربية، من مدينة طرفاية، هذه المدينة التي لها ذكرى مهمة لدى الفرنسيين عموما، لكونها ارتبطت بالطيار الفرنسي «أنطوان دو سانت إكزوپيري»، صاحب رواية «الأمير الصغير».

ومن أجل إحياء ذكرى «الأمير الصغير»، حلت الوزيرة الفرنسية التي كانت مرفوقة طيلة زيارتها إلى الأقاليم الجنوبية بوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعيد، والسفير الفرنسي بالمغرب «كريستوف لوكورتييه» بمتحف «أنطوان دو سانت إكزوپيري» بطرفاية. هذا المتحف الذي يخلد ذكرى هذا الطيار الذي كان مكلفا بالبريد الجوي، وكانت إحدى محطاته، هي مدينة طرفاية، التي ارتبط بها. ففي هذا المتحف، الذي كان سابقا بيتا يأوي “الأمير الصغير”، أقام به ما بين عامي 1927 و1929، عندما كان مديرا لمطار طرفاية الذي تحط به الطائرات الصغيرة القادمة من فرنسا والمحملة بالطرود والرسائل البريدية، للتزود بالوقود ومواصلة رحلتها إلى المستعمرات الفرنسية في إفريقيا. متحف «أنطوان دو سانت إكزوپيري» تم افتتاحه لأول مرة سنة 2004، وذلك لتخليد ذكرى هذا الكاتب الفرنسي والإنساني الشهير بروايته الخالدة «الأمير الصغير»، والتي تُرجمت إلى أكثر من 230 لغة.

ومن أجل إحياء أمجاد هذا الطيار والكاتب الفرنسي، زارت الوزير الفرنسية ذات الأصول المغربية هذا المتحف الذي يحمل اسمه، كما اطلعت بعين المكان على العديد من الوثائق والمستندات والخرائط والمخطوطات التي تعيد الاعتبار لتاريخ البريد الجوي بالمنطقة.

كما زارت الوزير الفرنسية معلمة “كاسمار”، أو ما يعرف محليا ب “دار البحر”، والمشيدة على جزيرة صغيرة جدا قبالة شاطئ بمدينة طرفاية، والتي تعتبر أحد المعالم بالحقبة الكولونيالية. فهذه المعلمة تحمل تاريخا مهما، إذ كانت محطة مينائية للتبادل التجاري بين جزر الكناري ومدينة طرفاية، بحيث أن الغاية من بنائها آنذاك سنة 1882 على يد الرحالة والتاجر الانجليزي “دونالد ماكينزي”، كان هو استغلالها كمركز تجاري، للتهرب الضريبي وعدم تأدية المكوس التي تفرضها سلطات ميناء الصويرة موكادور، لكنها أصبحت تحت السيطرة الإسبانية بعد ذلك. وما تزال هذه المعلمة التاريخية والعمرانية، صامدة في وجه عاديات الزمان، وظروف الطبيعة، وإهمال الإنسان، لمدة تزيد عن 143 سنة، إلا أن أجزاء كثيرة منها تتساقط يوما بعد يوم، بفعل الرطوبة، والأمواج التي تلاطم أركانها، مما دفع الوزارة الوصية إلى تخصيص اعتماد مالي قدره 10 ملايين درهم لترميمها.

 

العيون : إحياء تحالف اللغة الفرنسية

 

بعد انتهاء زيارتها إلى طرفاية، حلت رشيدة داتي، بمدينة العيون، حيث قامت مساء اليوم نفسه بزيارة إلى مكتبة محمد السادس، تخللتها جولةلكل أروقة هذه المكتبة التي تعتبر تحفة عمرانية، ونقطة مهمة للقراءة والثقافة في حاضرة الأقاليم الجنوبية. كما قدمت للوزيرة شروحات وافية عن الخدمات التي تقدمها المكتبة للثقافة، وطريقة اشتغالها.

بعد ذلك، وبالفضاء الثقافي ذاته، أعطت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية، مراسيم انطلاقة التحالف الفرنسي «Alliance Française»، المركز الثقافي الفرنسي، وذلك في إطار تعزيز التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا، وتكريس الحضور الثقافي الفرنسي في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وسيوفر هذا المركز فضاء لتعزيز التعلم اللغوي، من خلال تنظيم دورات في اللغة الفرنسية، إلى جانب برامج وأنشطة ثقافية متنوعة تشمل العروض الفنية، والندوات، والورشات التكوينية، وعروض السينما، كما سيساهم هذا المركز في دعم التبادل الثقافي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية. وعلى هامش هذا اللقاء، تم التوقيع على اتفاقيتين، من أجل لتعزيز التعاون الثقافي ودعم المبادرات المحلية الهادفة إلى النهوض بالمجال الثقافي بين البلدين.

وأكدت الوزير داتي، أن هذا التحالف الفرنسي الجديد يمكن أن يكون “منصة لتطوير مشاريع تكنولوجية متقدمة في مجالات القراءة السينما، الصوتي البصري، والإعلام”، داعية إلى “استثمار هذه الفرص لتعزيز التعاون بين المبدعين والتقنيين في البلدين”.

ويأتي إنشاء التحالف الفرنسي في العيون، لاعتبارات متعددة، منها ارتفاع معدل التمدرس في جميع المراحل بالعيون، إذ أن تلاميذ الإعدادي يدرسون كلهم في المسار الدولي الفرنسي، و95 في المائة من تلاميذ التأهيلي ضمن هذا المسار أيضا. كما تتواجد بجهة العيون الساقية الحمراء 152 مؤسسة تعليمية، تضم أكثر من 3000 مدرس، إضافة إلى كلية للطب، ومدينة للمهن والكفاءات. أما في الجانب الثقافي والفني، فالعيون يحتضن أكثر من 120 فنانا وصانع أفلام، كما تنظم بها مهرجانات دولية بارزة، كمهرجان الأفلام الوثائقية، ومهرجان مسرح الشارع، ومهرجان المديح.

وكشفت رئيسة الرابطة الفرنسية بالعيون العالية بوكزاج أثناء تقديمها للرابطة أمام الوزير، أن برامج الرابطة، تستهدف مجموعة فئات واسعة، منها التلاميذ والطلاب، من مرحلة ما قبل المدرسة إلى الجامعات والتكوين المهني، ثم الأساتذة والمدرسون، حيث يضم الإقليم 1474 أستاذا للغة الفرنسية، كما تستهدف المؤسسات الثقافية والفنية، كالمعهد الجهوي للموسيقى والفنون الكوريغرافية.

 

الداخلة : تدشين معهد لمهن السمعي البصري والسينما

 

بعد ختام زيارتها إلى العيون، طارت وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية إلى مدينة الداخلة، وهي المحطة الثالثة والأخيرة في زيارتها إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة. وبعد وصولها إلى المدينة، واستقبالها من قبل مسؤولي ومنتخبي جهة الداخلة- وادي الذهب، أشرفت الوزيرة رشيدة ذاتي رفقة نظيرها المغربي محمد مهدي بنسعيد على تدشين الملحقة الجهوية للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما.

ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز العرض التكويني في مجالات السمعي البصري والسينما حيث سيوفر للشباب من أبناء الجهة، مجموعة من التكوينات المتخصصة التي تتعلق بالإخراج السينمائي وكتابة السيناريو، والإنتاج، وهندسة الصوت، والتوضيب، والمؤثرات الخاصة، مما سيسهم في تأهيل الكفاءات المحلية وتطوير الصناعة السينمائية بالجهة.

وفي تصريح للصحافة، أوضحت الوزيرة داتي، أن “تدشين الملحقة الجهوية للمعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما بالداخلة، يأتي تفعيلا لاتفاق التعاون الموقع بين المغرب وفرنسا في مدينة كان، الذي يروم إعطاء زخم جديد للتعاون بين البلدين في مجالات الإنتاج المشترك والتبادل السينمائيين”. وأضافت الوزير، أن “هذا التعاون سيركز على عدة مجالات ثقافية، بما في ذلك السينما والإعلام والسمعي البصري والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، مضيفة أن المكونين والمدرسين والطلبة في الجهة سيستفيدون من هذا التعاون”. وبخصوص زيارة مسؤول فرنسي إلى الصحراء المغربية، كشفت الوزيرة “زيارتي كوزيرة للثقافة الفرنسية إلى الداخلة تحمل دلالة سياسية قوية جدا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى