شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

غيبوبة سياسية

 

مقالات ذات صلة

 

يونس جنوحي

 

ليست معركة حامية الوطيس كما راج في بعض الصحف الدولية، الصديقة للنظام في الجزائر، بشأن صراع مفترض بين المغرب والجزائر داخل الاتحاد الإفريقي.

الذين يحصلون على أخبارهم من «اليوتيوب» باتوا شبه متأكدين من أن الجزائر قد حسمت المعركة دبلوماسيا، أما الذين يطلعون على ما تُعممه مكاتب الإعلام الرسمية التابعة لعدد من المؤسسات من معلومات، فيُدركون أن الأمر لا يتعلق بصراع بقدر ما يتعلق بمحاولة تشويش على المغرب.

فشلت الجزائر، أول أمس الأربعاء، في إقناع الأعضاء بالتصويت لصالحها، لكي تحظى بكرسي عضوية داخل مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.

الجزائريون الآن أمام مشكل عويص، لأنهم لا يعرفون «غريمهم» الديموقراطي، بحكم القوانين الداخلية للمجلس، والتي تجعل معرفة أسماء الدول التي امتنعت عن التصويت للجزائر أمرا مستحيلا، اللهم إذا سرّبت الحكومات التي لم تمنح صوتها للجزائر معلومات بهذا الشأن، من باب التأكيد على رفضها للنزاعات المفتوحة التي تفتحها الجزائر حاليا مع عدد من الدول الإفريقية، بسبب صداقتها مع المغرب، أو إبرام اتفاقيات اقتصادية مع الرباط.

القمة التي تعقد حاليا في أديس أبابا، والتي سوف تُتوج بالإعلان عن الأعضاء الجُدد في مجلس السلم والأمن، بالإضافة إلى الإدارة الجديدة لمفوضية الاتحاد الإفريقي، أربكت حسابات وزارة الخارجية الجزائرية التي بدأت كواليس التحضير لمفاوضات مع عدد من الحكومات والشخصيات الإفريقية، منذ دجنبر الماضي. حتى أن بعض الكواليس تتحدث عن اجتماعات سرية، في فنادق فخمة في جنيف وبرلين وباريس، لاستمالة بعض الشخصيات الدبلوماسية، دون نتيجة.

تتعين علينا قراءة موضوع مستجدات الاتحاد الإفريقي من «خارج الصندوق». بغض النظر عن الموقف الأوروبي المعروف الذي تهيمن عليه الرؤية الفرنسية للدول الإفريقية، باعتبار أنها مستعمرات سابقة، فإن هناك دولا آسيوية تعقد الكثير من الرهان على مسألة الاتحاد الإفريقي برُمتها.

في آسيا، هناك اهتمام كبير باستضافة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين هذا العام، وهي المرة الأولى الاستثنائية التي تحظى فيها القارة الإفريقية بحدث بهذا الحجم.

استضافة إفريقيا لقمة مجموعة العشرين التي تضم أقوى اقتصاديات الكرة الأرضية مجتمعة، تأتي بعد قبول الاتحاد الإفريقي عضوا دائما في مجموعة العشرين.

كانت هناك عراقيل أمام انضمام الاتحاد الإفريقي إلى المجموعة، في السنوات الأخيرة، لكن عندما تسلمت الهند رئاسة المجموعة سنة 2023، وجه رئيس الوزراء الهندي خطابا أكد فيه على دعم الهند حصول الاتحاد الإفريقي على العضوية الدائمة، ليصبح جزءا من المنتدى الدولي.

رئيس الوزراء الهندي قال أيضا إن الوقت قد حان لكي يهتم العالم بالإنسان، بدل الناتج المحلي الإجمالي للدول.

هذا الاقتراح الاستباقي الذي دعت إليه الهند، أثناء رئاستها لقمة العشرين، حظي بموافقة الدول الأعضاء، ولم يُسجل أي تحفظ بخصوصه. وهناك تحليلات لأكاديميين ومتخصصين تؤكد على دور ما أسموها «المرافعة»، التي ألقتها الحكومة الهندية على مسامع قادة العالم والقوى الاقتصادية الكبرى، التي تضع السياسات والخطط الاقتصادية.

إنها بدون شك بداية نهاية احتكار الاقتصاد الأوروبي لإمكانيات إفريقيا.

المشاريع المقامة حاليا في جل التراب الإفريقي تؤكد أن المستقبل لا يعترف بثقل المُخلفات التاريخية التي تعود إلى الفترات الاستعمارية. وأن الاقتصاد الناشئ والدول النامية، صارت مؤثرة في الخريطة الدولية بواقع امتلاكها للرأسمال البشري أولا، قبل الاتفاقيات التي مضى عليها أكثر من قرن.

في القصر الرئاسي بالجزائر العاصمة، لا يريد أحد أن يستوعب أن العالم لم يعد يسير بفزاعة التحالف مع الاتحاد السوفياتي. كل الذين تحالفت معهم الجزائر في تاريخها قد تراجعوا إلى الوراء وصاروا يسكنون التقارير التي رفعت عنها السرية، فيما العالم الجديد يسير بخطى واثقة نحو التحالف الاقتصادي والمشاريع المنجزة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى