شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

عودة الأمل

لاقت التحركات الأمنية والقضائية التي جرّت العديد من السياسيين ومسيري الشأن العام إلى المحاسبة والمساءلة، صدى واسعا لدى الرأي العام واحتضانا شعبيا واسعا للجهود الرامية إلى تطهير المجال السياسي والعمل الجماعي من الفاسدين.
ومما لا شك فيه أن هذا تحرك غير مسبوق لا يمكن أن يعارضه أو يتجاهله أي مواطن يتطلع إلى تنظيف الشأن العام، حتى لا تتحول السياسة إلى مستنقع متعفن تعيش داخله كائنات انتخابية تقتات على الرشوة والغدر والتزوير والتحايل على القانون، حتى تحولت هذه القيم إلى منهج سلوكي وثقافة يومية يمارسها سياسيو التزوير، حفاظا على مصالحهم ومنافعهم، وتثبيتا لوجودهم.
لذلك فالواجب الوطني يقتضي اليوم من المؤسسات القضائية والأمنية حماية الشأن العام من الذين لا هم لهم إلا كسب السلطة والمال بأي طريقة، بل ولا يتورعون في الارتماء في أحضان الفساد والرشوة من أجل تحقيق أهدافهم، لكن من الواجب أيضا أن يحتضن المجتمع هذه الجرأة القضائية والأمنية، ويوفر لها كل الدعم والتأييد الكافيين، لضمان استمرارها في الزمن وملاحقتها لكل من سولت له نفسه التلاعب بالمال العام، مهما كان حزبه أو منصبه أو مصدر نفوذه.
وبالموازاة مع ذلك فالمطلوب من الأحزاب السياسية هي الأخرى أن تصغي إلى صوت الرأي العام المطالب باجتثاث خلايا الفساد، وتقوم بتطهير صفوفها من العناصر التي أعطت منذ زمان روائح كريهة، حتى لا يجد المفسدون باسم السياسة متنفسا ومجالا للتحرك والمناورة وثغرة للضغط على مؤسسات إنفاذ القانون.
فالعمل السياسي الوطني الذي يخدم الصالح العام معروف ومفتوح، لكن من يريد الاستمرار في الانحراف والاصطدام بالقانون والتلاعب بالصفقات واستغلال النفوذ للإثراء غير المشروع، فمن المؤكد ستقول له المؤسسات الأمنية والقضائية: “قف أنت فاسد” وعليك أن تحاسب وتعاقب بالقانون، وهذا سيحد من طغيان المفسدين الذين كادوا أن يقنعوننا بأنهم فوق القانون، وبأن هناك مراكز نفوذ تحميهم.
والأكيد أن اتساع رقعة تطهير الوجوه الفاسدة بعيدا عن منطق الحملات سيعيد الثقة في المؤسسات، ويخلق نوعا من المصالحة مع العمل السياسي، بحيث سنرى عودة للأيادي النظيفة إلى الساحة الانتخابية، بعدما سيغادرها تجار الانتخابات الذين سيفهمون أن العمل الجماعي يمكن أن ينتهي بهم في السجون، مثلما يحدث اليوم لبعضهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى