إن مشكلة وزير العدل وما تبقى من حريات الذي اكتشف منافع الرياضة بشكل متأخر، أنه لا يهمه الدور الذي تقوم به الرياضة بشكل عام في تنشئة الأطفال والشباب عامة ومنخرطي العدل خاصة.
فممارسة الرياضة في فضاء ناد رياضي وبتأطير من مدربين وتحت أعين الآباء تحميهم من الشارع،
وبعد الحملة التي قام بها الوزير ضد المصالح الاجتماعية للموظفين، انتقل عدد المنخرطين في نادي العدل بالرباط من 10.000 منخرط إلى 500 منخرط بعدما قاطع العديد منهم التسجيل في نادي الطفل التابع للنادي بسبب عدم انطلاق الدروس في مدرسة السباحة، كما غادر المنخرطون غير المنتمين لقطاع العدل نحو نواد أخرى بعدما نهج الوزير سياسة التفرقة بين المنخرط المنتمي للقطاع والمنخرط الخارجي، مع العلم أن الأنشطة هي المحرك الرئيسي لمداخيل النادي، الذي أصبح شبه مهجور، وهي فرصة وجدتها نواد خاصة من الجنة والناس، ففتحت مؤخرا أبوابها بمدينة الرباط لاستقطاب المغادرين.
فأين هو العدل بين أبناء المغاربة يا وزير العدل؟
وهناك إلى جانب هذا الظلم ظلم آخر يعاني منه إخوان الرميد في الحرفة، وبالضبط المحامون المتمرنون، وهو ظلم حرص وزير العدل على عدم الاقتراب منه، ويتعلق الأمر برسوم التسجيل في الهيئة التي ينوي المرشح الناجح في مباراة ولوج مهنة المحاماة الالتحاق بها لمزاولة المهنة، وهي المبالغ الكبيرة التي يجب على المتدرب دفعها دفعة واحدة كاملة غير منقوصة مقدما من أجل قبول ملفه.
ولا بد أن وزير العدل نما إلى علمه الموقر أن الناجحين في امتحان هذه السنة فوجئوا بالمبالغ الجد مرتفعة مع الغياب التام لأي تسهيلات في الأداء، مما دفع الكثير منهم إلى عدم التسجيل بعدما عجزوا عن تدبير تلك المبالغ الكبيرة التي لا يجدون مبررا لها، والتي تنفرد هيئات المحاماة بفرضها على المحامين الجدد دون باقي المهن من موثقين ومفوضين قضائيين وعدول.
وعند التساؤل عن الأساس القانوني لهذه المبالغ تلقى الجواب العمومي الفضفاض بأنها أعراف المهنة، علما أن النظام الداخلي للهيئة لا يمكنه أن يرقى إلى مرتبة القانون المنظم للمهنة، وعلما بأن مقتضيات قانون المالية المغربي تمنع فرض واجبات مالية على المواطنين دون موجب مشروع وتحت طائلة القانون الجنائي.
فأية أعراف هذه التي تمارس على أولاد الشعب البسطاء علما أن أبناء المحامين المقدمين على مزاولة المحاماة كانوا حتى المباراة ما قبل الأخيرة معفيين من أداء الاشتراكات؟ هذا إضافة إلى الامتيازات التي يحظى بها هؤلاء، ومن ذلك أن ابنة محام معروف بسطات تم قبولها بسرعة وأدت القسم منذ مدة، فيما ظل عدد من «أبناء عامة الشعب» يترددون على الهيأة جيئة وذهابا لتوقيع هذه الوثيقة أو تلك، وهو مثال بسيط على ما يعانيه أبناء الشعب الذين ساقهم حظهم نحو مهنة تعتبر من أنبل المهن.
وقد وصل المبلغ المطلوب في هيئة الدار البيضاء 67000 درهم، في حين بلغ بمدينة سطات 70000 درهم، فيما يصل في طنجة والناظور إلى 100000 درهم و110000 درهم على التوالي.
وطبعا فهذه المبالغ تتضاعف إذا تعلق الأمر بقدماء القضاة والأساتذة الجامعيين والموظفين والقادمين من القطاع الخاص.
ويزداد موقف هيئات المحامين عندنا غرابة إذا ما قارناه بواحدة من أعرق الهيئات في العالم، وهي هيئة المحامين بباريس مثلا حيث لا يتعدى واجب الانخراط فيها 800 أورو، أي ما يعادل 8800 درهم، رغم أن عدد المحامين بهذه الهيئة يتجاوز 25.000 محامية ومحام.
هذه المبالغ المرتفعة دفعت أغلب المتمرنين إلى الاقتراض من البنوك عبر تقديم منازل الأبوين كضمانة من أجل الاستفادة من القرض.
هل هذا يا معالي وزير العدل سيساعد في تخليق منظومة العدالة؟
نعتقد أن العكس هو الصحيح، إذ لا يكفي الافتخار بكون أبناء قضاة كبار رسبوا لأول مرة في امتحانات ولوج وزارة العدل، بل يجب تحقيق العدالة في ولوج أبناء الشعب إلى مهنة المحاماة، لأن مثل هذه العراقيل التي توضع في طريقهم ستكون دافعا لكل محام متمرن من أجل القيام بممارسات غير أخلاقية بهدف الحصول على المال وتسديد ديونه قبل الحصول على مورد الرزق لعيشه وباقي عائلته ثم البحث عن شريكة حياته.