عبد الهادي بلخياط (مطرب مغربي)….الحسن الثاني يهدده في حال قبول عرض محمد عبد الوهاب
حسن البصري
ولد عبد الهادي الزوكاري الإدريسي، الملقب بـ«بلخياط» سنة 1940 بفاس، وتزامن ميلاده مع ظرفية اقتصادية صعبة تولد عنها ما عرف بـ«عام البون»، ما شجع والده على الرحيل إلى الدار البيضاء وكان عمر عبد الهادي حينها لا يتجاوز سبع سنوات.
استقر الوالد في المدينة القديمة والتحق عبد الهادي بالمدرسة، وحصل على الشهادة الابتدائية، لكن ظروفه العائلية حالت دون متابعة دراسته في المراحل الموالية، إذ كان الأب يعتمد على مدخول بسيط من ورشة صغيرة لإعالة أسرته، ما اضطر معه عبد الهادي إلى الانقطاع عن التحصيل المدرسي والاشتغال في الورشة.
بعد الاستقلال، وتحديدا سنة 1958، قرر الأب العودة إلى فاس من جديد، قبل أن يغير الوجهة صوب العاصمة الرباط التي استقر بها في ثالث محطة له، فيما اختار عبد الهادي الاستقرار بالدار البيضاء.
اشتغل عبد الهادي سائقا في وزارة الشباب والرياضة، وهي المهنة التي جعلته أقرب إلى مقر الإذاعة، ليقرر التخلص من المقود والوظيفة ويعلن احتراف الغناء.
وفي بداية ستينات القرن الماضي، خاض بلخياط، في عبور قصير بالقاهرة، تجربة صوتية جديدة لاقت استحسان الجميع، فأسند إليه الفنان عبد النبي الجراري أداء «نشيد العرش» عام 1962 احتفاء بأول سنة يعتلي فيها الحسن الثاني عرش المغرب، لتكون بعد ذلك انطلاقة عبد الهادي الفنية التي استمرت على مدى نصف قرن، حيث تميز بقصائده المعاصرة التي تتعدد موضوعاتها بين الوطنية والعاطفية والتراثية والصوفية.
بعد أقل من عشر سنوات، وجد الفنان عبد الهادي بلخياط نفسه في القصر، وكان لقاؤه المباشر مع الملك الحسن الثاني قبل انقلاب الصخيرات. ففي أحد الأعياد الوطنية لسنة 1971، كان في حضرة الملك ومجموعة من ضيوفه الفنانين المصريين، على رأسهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ.
طلب الملك من بلخياط أداء أغنية ما، أمام أهرامات الطرب المصري، فخيره عبد الهادي بين ما يود سماعه. ورد عليه الملك: «أي حاجة انت حافظها». ليقترح عبد الهادي أغنية «ست الحبايب»، وكانت صاحبتها الفنانة فايزة أحمد من بين الحضور، وأثناء أدائه للأغنية سمع بلخياط الموسيقار محمد عبد الوهاب وهو يقول لفايزة أحمد: «اسمعي يا فايزة» بطريقة كلها إعجاب.
في نهاية الحفل، التمس محمد عبد الوهاب من الملك السماح لبلخياط بزيارة مصر من أجل عمل مشترك. صمت الحسن الثاني لحظة قبل أن ينادي على عبد الهادي ليهمس في أذنه محذرا ومعبرا عن رفضه القاطع لمغادرته، مضيفا بوطنية قل نظيرها: «هو عبد الوهاب فبلادو وانت عبد الهادي فبلادك».
حصل عبد الهادي بلخياط على عدة جوائز، أبرزها توشيحه من الملك محمد السادس بوسام العرش عام 2009، و»الأسطوانة الذهبية» عن ألبومه الغنائي الذي قدمه عام 1973، والذي يضم أغنية «القمر الأحمر» التي بلغت مبيعاتها حوالي مليون نسخة، وجائزة «الرباب الذهبي» عام 2002. وبعد عشر سنوات من هذا التاريخ، اعتزل عبد الهادي بلخياط الفن وبدأ ينشط مع جماعة الدعوة والتبليغ، حيث تفرغ للعمل الدعوي التربوي والإنشاد الديني، قبل أن يعود إلى الغناء من خشبة «موازين».